مريم هرموش: لا أؤيد التصنيف فى أى شىء خصوصًا فى الأدب (حوار)
- الكتابة الساخرة تحتاج إلى فكرة غير مألوفة
- الناقد له دور كبير في توجيه دفة الكاتب الإبداعية وتصحيحها
- وظيفة الكاتب والمبدع البحث الدائم والتعطش للمعرفة
- الكتاب الإلكتروني ليس بديلًا للكتاب الورقي
- ورش الكتابة تصنع كاتبًا وليس مبدعًا
مريم هرموش، روائية لبنانية تقيم في مصر، عضو اتحاد كتاب مصر، صدر لها العديد من المؤلفات، من بينها كتاب «هرتلات نسائية»، بالإضافة إلى روايات: «شىء مني، أكبر من عشق، وذلك الغريب».
حول النقد والروايات التاريخية، وعن الكتابة الساخرة، وغيرها من القضايا والهموم التي تشغل الساحة الثقافية كان لـ«الدستور» هذا اللقاء مع الكاتبة مريم هرموش.
ـ في روايتيك «أكبر من العشق» و«شيء مني» حالة من الرومانسية التي يفتقدها القارئ، لماذا اختفت تلك الروايات، أو بمعني آخر لماذا تراجع معدل قراءاتها؟
لا نستطيع أن نجزم بأن قراء الأعمال الرومانسية تراجعوا، بل على العكس هناك تقصير كبير من الأدباء في الإكثار من هذه الأعمال التي نحن في أمس الحاجة إليها في ظل هيمنة عالم الماديات والسطحيات وتهميش المشاعر السامية التي يمثلها الحب والرومانسية.
ــ خضت تجربة الكتابة الساخرة، لماذا لا تُقبل الكاتبات على هذه النوعية من الكتابة؟
الكتابة الساخرة تحتاج إلى فكرة غير مألوفة حتى تكون دافعا قويا لمثل هذا النوع من الكتابات، فمثلًا حين كتبت "هرتلات نساىية" لم يكن هناك أي طريقة أخرى من الممكن أن تكتب بها، فحين جاءت لي فكرة الكتاب كتبتها كما حضرت في ذهني وكما تخيلتها تمامًا، فاللغة عامل نجاح مهم لأي عمل ويجب أن تخدم الفكرة.
ــ ما رأيك في الأدب النسائي وهل تؤيدين مسألة التصنيف في الأدب والكتابة عمومًا؟
أنا لا أؤيد التصنيف في أي شيء وخصوصًا في الأدب.
ـ شهد العقدان الأخيران من الألفية الثانية انتشارًا ورواجًا ملحوظين لفن الرواية، هل ترين أن الرواية صارت ديوان العرب المعاصر؟
ربما.. ولكن الانتشار لا يعني بالضرورة أن هناك رواجا؛ لأنه قد يرجع السبب في ذلك إلى تزايد عدد دور النشر بشكل ملحوظ، مما مهد الطريق أمام الكتاب باختلاف أهوائهم وقدراتهم للإقبال على إصدار أعمال روائية.
ــ هل تعاني الساحة الثقافية المصرية من أزمة نقد ولماذا؟ وكيف ترين دور الناقد في العملية الإبداعية؟
على العكس تمامًا هناك نقاد كثر على الساحة وأسماء لها وزنها وثقلها الثقافي، وللنقاد دور كبير ومهم في توجيه دفة الكاتب الإبداعية وتصحيحها إذا ما انجرفت عن المسار الصحيح ولكن دون التأثير عليها أو تلوينها بريشة الناقد حتى لا يطغى لون واحد على وجه الإبداع، فيجب أن نتيح فرصة الخروج على المألوف وعن دائرة المعطيات الثابتة طالما توافرت البنية الأساسية حتى يتسنى لطاقات الإبداع أن تتفجر بحرية.
ــ ما رأيك في "موضات" القراءة والكتابة، بمعنى أنه في فترة ما سادت وانتشرت روايات الرعب، وفي فترة لاحقة ظهرت الروايات التاريخية بكثافة، هل توقفت عند هذه الظاهرة؟
كما أشرت سابقًا، كل لون أدبي له جمهوره الخاص، وهذا ما يتيح التنوع على الساحة الأدبية.
ــ لمن تقرأ مريم هرموش ولا تفوت عملا له؟
أنا أقرأ لأحلام مستغانمي، ولا أفوت أي عمل لها، وكذلك أليف شافاق، وأقرأ في الأدب الغربي وأتابع أعمال الكاتبة الصحفية Elizabeth Gilbert، والمفضل لدي في القراءات الإنسانية والتنمية الذاتية والروحية Wayn W.Dyer، و Eckart Tolle.
ــ ماذا تعني لك الجوائز؟ وهل تكتبين عملًا ما وعينك على جائزة بعينها؟
هل تصدقين أنني حتى لا أعرف أسماء الجوائز ولا أتابعها، ولكن مؤخرًا فقط منذ شهرين أخبرني صديق عزيز بضرورة متابعة الجوائز الكبيرة والتقدم لها وبالفعل عملت بنصيحته، ولكن أنا إجمالًا بطبيعتي أكتب من أجل الكتابة ولا أهدف من وراء ذلك سوى ملامسة قلب ووجدان من يقرأ لي ويحس بصدق كلماتي التي تعبر عنه.
ــ ما هو كتابك المفضل؟ ولماذا؟
كتابي المفضل هو "النبي" لجبران خليل لأنني أعتقد أنه يحتوي على أهم مبادئ الإنسانية الغائبة عنا وفيه خلاصة رحلة الحياة.
ــ ما هو أول كتاب شجعك على الكتابة؟
أنا أكتب من عمر الـ12 سنة، ولا يوجد كتاب معين، الحقيقة كان هو الدافع أو المحفز للكتابة عندي لأنني أؤمن بأن الكتابة طاقة إبداعية إما أن تكون موجودة بداخلنا أو لا، وكل ما علينا فعله هو أن نتبع ذلك الضوء الذي يشع بداخلنا ونلتقط خيط الإبداع قبل أن ينطفئ وهجه.
ــ ما أقرب بيت شعر إلى قلبك وهل ينطبق على موقف من حياتك؟
لماذا أراك على كل شيءٍ
كأنكِ في الأرضِ كل البشر
كأنك دربٌ بغير انتهاءٍ
وأني خلقت لهذا السفر..
إذا كنت أهرب منكِ .. إليكِ
فقولي بربكِ.. أين المفر؟!
هذه الأبيات للشاعر فاروق جويدة، ولا يوجد موقف محدد يربطني بها ولكني أحب قلمه الحساس جدًا.
ــ ما أغرب موقف قابلته في الوسط الثقافي؟
رد فعل بعض المثقفين مع بعضهم حين يحتد النقاش بينهم ويختلفون في وجهات النظر!.
ــ من هو أقرب أبطال رواياتك أو قصصك.. وما قصته ولماذا؟
في رواية "ذلك الغريب" كان ذلك الغريب هو الأقرب إلى نفسي لأنني نسجته بكل بما يمثله من وحي خيالي وعشقته ليقيني بأنه لا وجود له.
ــ هل تذكرين أول شىء كتبته في حياتك؟ وما هو؟
كتبت أغنية رومانسية لفتى أحببته في خيالي البريء.
ــ هل هناك شخصية في فيلم مفضلة لك؟ ولماذا؟
فيلم City of Angels شخصية Meg Ryan، هذا الفيلم حتى الآن يثير بداخلي الكثير من الشجن وخصوصًا دور الطبيبة الذي لعبته البطلة التي لا تؤمن بوجود الملائكة، وكذلك دور نيكولاس كيدج الذي كان يجسد دور ملاك الذي تخلى عن كينونته ليصبح بشرا من شدة حبه لها، وما أن يحدث ذلك حتى تموت، وحين تسأله وهي بين الحياة والموت إن كان نادمًا أم أنه كان سيفعل نفس الشيء حتى بعد أن علم أنها ستموت ولن يقضي معها سوى يوم واحد، فأجابها بأنه كان سيفعل نفس الشيء مجددًا حتى وإن كان سيقضي معها لحظة واحدة.
ــ هل لك موقف مع كاتب أو فنان كبير تذكره دائمًا؟ ما هو؟
لا يوجد.
ــ ما هي القصة التي تحلمين بكتابتها يومًا ما؟
في الحقيقة إنني لا أخطط لما سأكتبه أبدًا، فأنا دائمًا ما أجد نفسي أسير خلف إلهام يأسرني حتى أجد نفسي متورطة معه في نسج تفاصيل العمل الذي أكتبه.
ــ لو معك تذكرتين سينما من تدعيه من شخصيات تاريخية؟ ولماذا؟
جلال الدين الرومي، لأسأله، كيف نستطيع في هذا العصر المادي ونحن محاصرون بكل هذا التشويش التكنولوجي أن نصل إلى مرحلة "التخلي"، و "التحلي"، و"التجلي".
ــ إذا كتبت قصة من سطر واحد عن الموت كيف ستكون؟
"غرباء خلف سطور الحياة نلتقي
نكتب بحروف مبللة بالدمع
قصصنا الحبلى بالألم النابض
من رحم الحياة...
وما إن يجف الحبر عن الكلمات
وتتبخر الحروف
حتى تطوي الصفحات
وكما بدأنا ننتهي.."
ــ هل تعترفين بقاعدة "أكتب عما تعرفه" أم أن المبدع من حقه خوض آفاق تجريبية حتى لو لم يعرفها؟
وظيفة الكاتب والمبدع البحث الدائم والتعطش للمعرفة حتى يثقل ينابيع الإبداع بداخله وينطلق بعد ذلك في أي وجهة تحدثه نفسه عن الخوض فيها.
ــ بين الكتاب الورقي والإلكتروني أيهما الأقرب إليك ولماذا؟ وهل الكتاب الورقي في طريقه للزوال؟
أفضل الكتاب الورقي، وأحب العلاقة التي تربطني بالورق ورائحته وملمسه، ولا يمكن أن أتخيل منزلا بلا مكتبة، ولا أستطيع النوم بدون أن أقرأ كتابا ألمسه بيدي. وبالنسبة للقراءة الإلكترونية أجدها مكملة للكتاب الورقي ولكنها ليست بديلًا أبدًا.
ــ هل عانيت صعوبات في أول طريقك مع النشر؟
بالتأكيد، فلم تكن لدي أي خبرة في هذا المجال ولكني تعلمت الكثير بالتجربة .
ــ العديد من الأعمال الأدبية تحولت إلى الدراما المرئية كيف ترين الأمر؟٬ وهل تحول الخيال المقروء إلى مشاهد مرئية يضيف أم يضر بالعمل الأدبي ولماذا؟
لا شك أنه حين يتحول العمل الأدبي إلى عمل مرئي يترك أثرا أعمق لدى المشاهد ويصل إلى عدد من المشاهدين لا يحلم الكاتب في الوصول إليه من خلال القراء، ولكن بالرغم من ذلك، هناك بعض الأعمال الأدبية المقروءة كانت أكثر امتاعًا من الأعمال الدرامية، وعلى سبيل المثال رواية «بداية ونهاية» لنجيب محفوظ، فبالرغم من جمال الفيلم ولكن الرواية برأيي كانت أعمق بكثير، فأحيانًا تكون بلاغة التعبير بالكلمات أقوى بكثير من أن تجسد بمشاهد درامية، بالإضافة إلى أن صناعة الدراما والسينما لها مقاييس ومعايير خاصة لذلك، فهي تطوع العمل الأدبي لما يتماشى مع مقاييسها ومعاييرها وهذا قد يكون على حساب العمل الأدبي نفسه.
ــ ما رأيك في "جروبات" القراءة وهل تضيف إلى الحراك الثقافي أم هي فقاعة صنعتها السوشيال ميديا؟
في الحقيقة، أنا مع أي شيء يشجع على إحياء الثقافة والقراءة بوجه عام، ويا ريت كل الفقاعات التي تصنعها السوشيال ميديا تصب في هذا الاتجاه!
ــ هل تصنع ورش الكتابة الأدبية كاتبًا حقيقيًا أم أنها مجرد ظاهرة من ظواهر الحياة الثقافية التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر؟
بالتأكيد، هي تضيف لمن يملك الموهبة، ولا تضيف لمن لا يملكها، ولكن يمكن لتلك الورش أن تصنع كاتبًا وليس مبدعًا.
ــ هل تعكفين على عمل أدبي جديد؟
أعيش حاليًا مع عمل جديد مختلف يبحر بي في عوالم لا نهائية ومحيطات غير محدودة من الاحتمالات، حيث لا وجود للزمان أو المكان.
ـ مع انتشار الصالونات الأدبية، هل تثري الحركة الثقافية بالفعل أم أنها مجرد ظاهرة من ظواهر الحياة الثقافية التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر؟ وكيف تري الفارق بين الصالونات الأدبية قديمًا وحاليًا ؟
كلما ذكرت الصالونات الأدبية أعود بالزمن إلى صالون مي زيادة الأدبي لا أعرف لماذا بالتحديد ولكن قد يكون لأن هذه هي الصورة الثابتة في مخيلتي لشكل الصالون الثقافي والأدبي، وهناك صالون أدبي الحقيقة قريب جدًا لتلك الأجواء العريقة الماضية وهو صالون الأديبة الرائعة السيدة «ريتا بدر الدين» الذي ساهم في تكريم شخصيات بارزة أدبية وفنية على مدار أكثر من ثلاثين سنة حتى الآن.
ــ ما رأيك في أغلفة روايات نجيب محفوظ التي أعلنت عنها الدار الحاصلة على حقوق نشر رواياته مؤخرًا؟
لدار النشر بالتأكيد رؤية خاصة بها في هذا الشأن.
ــ كيف ترين دور الفن والثقافة والقوى الناعمة في عمومها، في القضاء علي الأفكار المتشددة؟
من المفترض أن يكون لها دور أساسي وفعال؛ لأن الفن والثقافة لأي مجتمع يعكس مدى تحضر الشعوب وتقدمها أو العكس.
ــ شهد العقد الأخير انتشارًا ملحوظًا في كتابة ونشر وتلقي الروايات التاريخية بما تفسرين الأمر؟
قد يكون هناك تعطش لهذا اللون، وقد يكون هناك احتياج لمد جسر عبر الزمن لربط الحاضر بالماضي.