حادث كنيسة المنيرة
حريق كبير شبَّ فى كنيسة الشهيد مرقوريوس، المعروف باسم «أبوسيفين»، بمنطقة المنيرة الغربية، التابعة لمحافظة الجيزة، خلال القداس الإلهى، صباح أمس الأحد، ما أسفر عن استشهاد عدد من المصلين وإصابة آخرين، نقلتهم ٣٧ سيارة إسعاف إلى مستشفى إمبابة العام ومستشفى العجوزة. وعلى الفور، انتقل فريق تحقيق كبير من النيابة العامة إلى مكان الحادث، ثم لحق به المستشار حمادة الصاوى، النائب العام.
بدأت، إذن، التحقيقات، التى وعدت النيابة العامة بالإعلان عن نتائجها «كلما تسنى ذلك». ومن بيان أصدرته وزارة الداخلية، عرفنا أن الأجهزة الأمنية تم إبلاغها بالحادث فى حوالى الساعة التاسعة صباح أمس، وأن قوات الحماية المندية انتقلت، على الفور، إلى مكان الحادث وتمكنت من السيطرة على الحريق وإخلاء المصابين والمتوفين ونقلهم للمستشفيات. وأشار البيان إلى أن فحص أجهزة الأدلة الجنائية أظهر أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثانى بمبنى الكنيسة، الذى يضم عددًا من قاعات الدروس، نتيجة خلل كهربائى، ما أدى إلى انبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسى فى حالات الوفيات والإصابات.
الحريق طال صدورنا جميعًا، صدور كل المصريين، باستثناء فئة ضالة. لكن ما خفف عنَّا، قليلًا، هو أن أهالى المنطقة، المسلمين قبل المسيحيين، حاولوا قدر إمكانهم إنقاذ الضحايا وإخماد الحريق، قبل وصول سيارات الإسعاف والمطافى. وفى وجود إجماع على استبعاد وجود عمل إرهابى، تكون الصدفة وحدها هى المسئولة عن تزامن وقوع الحادث مع الذكرى التاسعة لفض بؤرتى رابعة العدوية والنهضة الإرهابيتين، الذى صاحبه تخريب وتدمير عشرات الكنائس والممتلكات الخاصة والعامة التابعة لها فى غالبية محافظات مصر.
الكنيسة المقامة على مساحة ١٣٠ مترًا، مكونة من طابق أرضى وثلاثة طوابق. وكنا سنطالب، كما طالب غيرنا، بضرورة تزويدها، وتزويد كل دور العبادة، بأنظمة لإطفاء الحرائق، لتجنب تكرار مثل هذا الحادث المأساوى، غير أن القس رافائيل سامى، كاهن الكنيسة، أكد أن بها خطًا كاملًا للإطفاء، موضحًا أن انقطاع الكهرباء دفعهم إلى تشغيل مولد كهرباء، وبعودة الكهرباء، خرج من المولد «شرز» أشعل الحريق. ونظرًا لبدء الحريق بالطابق الثالث، أو الثانى بعد الأرضى، ثم امتداده للطابق الرابع، دون أن ينتبه إليه أحد، لم يتمكنوا من استخدام خط الإطفاء، وواجه المتواجدون بالكنيسة صعوبة فى الخروج.
عن كثب، تابع الرئيس عبدالفتاح السيسى تطورات الحادث الأليم ووجه كل أجهزة ومؤسسات الدولة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، بشكل فورى، للتعامل مع آثاره وتقديم كل أوجه الرعاية الصحية للمصابين، وتقدم بخالص التعازى لأسر الضحايا الأبرياء، الذين انتقلوا لجوار ربهم فى بيت من بيوته التى يُعبد بها. كما قدم الرئيس تعازيه لقداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فى اتصال تليفونى، أكد خلاله على قيام كل مؤسسات الدولة بتقديم الدعم اللازم لاحتواء آثار هذا الحادث الأليم.
قداسة البابا قال، فى بيان، إنه تابع «بكل الأسى» الحادث الأليم، ويتابع مع الأجهزة المعنية كل الأمور المتعلقة به. وأعلن وزير الصحة عن رفع حالة الاستعداد بمستشفيات محافظتى الجيزة والقاهرة، وتوفير جميع فصائل الدم وأدوية الطوارئ للمصابين. واستوقفنا فى تصريحات المتحدث باسم الوزارة أن إبلاغ الإسعاف بالحادث جرى فى الساعة التاسعة إلا ثلاث دقائق، وأن أول سيارة إسعاف تحركت من أقرب تمركز، ووصلت لموقع الحادث بعد دقيقتين. والمعلومة نفسها أكدها مصدر بهيئة الإسعاف، موضحًا أن الهيئة فور تلقيها البلاغ، الذى حمل رقم ٦٠٨، تواصلت مع نقطة إسعاف مطار إمبابة، التى وجهت سيارتين إلى شارع عباس طه المتفرع من شارع الكيلانى مقر كنيسة أبى سيفين، ووصلتا فى غضون دقيقتين.
.. وأخيرًا، لا يمكن أن توصف تعليقات وردود أفعال الشامتين، السفهاء، المجرمين أو الإرهابيين، إلا بأنها الاستثناء الذى يثبت القاعدة: قاعدة أن المصريين الحقيقيين أبعد ما يكونون عن الطائفية. وتكفى نظرة على فتاوى الضالين، الذين يضللون هؤلاء، ويستعملونهم، لتعرف أنهم يكرهون كل فئات الشعب، دون تفرقة أو تمييز بين مسلم، أو مسيحى أو يهودى، لأننا كلنا، فى نظرهم، ووفق معتقدهم، أغيار أو كفار.