تحت شعار «مصر بألوان المعرفة»
للفوز بمليون جنيه.. العاصمة الإدارية تُجمّع طلاب الجمهورية
يقول الروائي الإنجليزي– الأيرلندي أوليفر سميث "عندما أقرأ كتاباً للمرة الأولى أشعر أني قد اكتسبت صديقاً جديداً، وعندما أقرأه للمرة الثانية أشعر أني ألتقي صديقاً قديماً"، تلك المقولة التي تجسدت عندما التقى نحو 900 قارئ مصري من مختلف محافظات الجمهورية على أرض العاصمة الإدارية الجديدة.
بعض من هؤلاء القراء قدموا للمرة الثانية في تصفيات "المشروع الوطني للقراءة.. مصر بألوان المعرفة" في موسمه الثاني، الخاص بمؤسسة البحث العلمي، والذي تقام فعالياته تحت رعاية الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وتحت إشراف إلهام أحمد إبراهيم، رئيس قطاع الخدمات والأنشطة المنسق العام للمشروع، ويهدف إلى إحداث ثورة في القراءة والمعرفة لدى جميع فئات المجتمع بداية من الطالب الابتدائي.
قاعة واحدة جمّعت الوفود القادمة من محافظات الجمهورية، كل يسعى للفوز بلقب القارئ الملهم والمثقف في فئته، حيث يستهدف المشروع جميع فئات المجتمع من طلاب المدارس والمعاهد الأزهرية والجامعات والمعلمين والمؤسسات التربوية والمجتمعية.
فيصف محمد طارق، وهو طالب في المرحلة الإعدادية، قرأ أكثر من ثلاثين كتاباً ليكون موجودا في تلك التصفيات، المشهد بـ"الحلم الذي يراود الجميع، حلم في القراءة والثقافة والوعي".
وتابع "طارق": "أعلنت مدرستي عن المشروع الوطني للقراءة وأنه بإمكان الجميع التقديم، فقمت بالتقديم والتنافس حتى وصلت إلى المرحلة الحالية وأتمنى أن أظل في التنافس وأتقدم للأمام لأكون من بين المختارين للمرحلة التالية".
وضح الطالب الإعدادي: "القراءة هي المعيار الأهم في حياتي، قرأت أكثر من ثلاثين كتابًا بكثير، فوالدي ووالدتي يشجعاني كثيراً على التميز، وكل ما أحتاج إليه أجده، وكل الكتب التي أريدها تكون حاضرة حتى أقرأها، دعمهم لي مميز وأتمنى أن أفوز حتى يكونوا فخورين بي".
مشروع ثقافي تنافسي
وأوضحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أن المشروع الوطني للقراءة، مشروع ثقافي تنافسي، يستهدف توجيه أطفال مصر وشبابها لمواصلة القراءة الوظيفية الإبداعية الناقدة؛ التي تمكنهم من تحصيل المعرفـة وتطبيقها وإنتاج الجديد منها، وصولاً لمجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر، وهو ما يتسق مع رؤية مصر 2030، ويتوافق مع أجندة التطوير الخاصة بالوزارة.
وقالت الوزارة إن هذا المشروع يرتكز على أربعة أبعاد رئيسية، وهي: التنافس المعرفي في القراءة بين طلبة المدارس، والمدونة الماسية التي يتنافس فيها طلاب الجامعات في القراءة، والمعلم المثقف؛ حيث يتنافس المعلمون في القراءة، والمؤسسة التنويرية؛ وفيها تتنافس المؤسسات المجتمعية.
الجميع يتنافسون
في الوقت نفسه يصف المعلم عبدالعزيز السيد، المشروع الوطني للقراءة بأنه استطاع إحداث طفرة كبيرة في القراءة، فالمعلم والابن والتلميذ جميعهم يتنافسون تحت راية واحدة وهي راية القراءة والتعلم".
وتابع: "التنافس المعرفي والقراءة تجعل الأسر المصرية تترقي، وتجعل النفوس تتعامل بصفاء القراءة، فلبنة التعلّم والتغيّر تبدأ من الأسر، ومشاركة هذا الكم الكبير في المشروع يعطي للمجتمع مع مرور الوقت طاقة هائلة، مفادها الثقافة والمعرفة".
"شاركت في مسابقات عديدة للقراءة، وحققت العديد من المراكز على مستوى الجمهورية، ومنافسات المشروع الوطني للقراءة مختلفة لأنها منسّقة بالكامل وبشكل احترافي، بجانب أنها تتم على أرض العاصمة الإدارية التي كنّا نرى حجم التغير فيها في شاشات التليفزيون، واليوم نراها أمام أعيننا" –هكذا يوضح-.
منافسة الأشقاء
بنظرات ساحرة قدِم جودي ومالك، الأشقاء القادمين من محافظة الدقهلية، إلى فندق الماسة بالعاصمة الإدارية، يتنافسان تحت بند واحد وهو الطالب المثقف الذي يتنافس فيه طلاب الجمهورية، الأولى ذات الثمانى سنوات ظلّت تداعب الجميع، تجري وتمرح من السعادة، حتى جاء ميعاد تحكيمها ودخولها على أعضاء لجنة التحكيم.
بينما بقى “مالك” يقرأ مدوناته، وما كتبه من ملاحظات ستساعده أثناء اختباره، يحكي الطالب في الصف الخامس الابتدائي: "ساعدتني والدتي كثيراً أثناء تواجدي في المنزل، كانت تُعد معي الكتب وتجيبني على الاستفسارات التي أحاول من خلالها فهم المخزي من الكتب".
"أنا وجودي دائمًا ما نتشارك الكمبيوتر المحمول (اللابتوب) لكي نقرأ، نحب القراءة من خلال الأجهزة الالكترونية، تقريبًا قرأنا عددا محدودا من الكتب الورقية، نقرأ ونتعلم، ونحاول أن نمثل أنفسنا وبيوتنا، كل منا يحاول أن يفوز الآخر بالطالب المثقف" –هكذا يوضحان-.
يتمنى "مالك" من خلال قراءته لأحد الكتب أن يستطيع تنفيذ فندق كبير يكون مختصاً للفقراء والمساكين، يحاول من خلاله تقديم الدعم لهم، يعيشون فيه بالمجان، ويأكلون ويشربون دون أن يشعروا بالخوف من المستقبل وما يحمله.
بينما تحكى أخته الصغيرة أنهم يلعبان معا ألعابا تعتمد على الخيال، فتارة يتخيلان أنهما يقدمان الطعام للزبائن ويحصلان على الأموال، ثم يجمعان معا ما أنتجته أيديهم بعد نهاية اللعبة، ويقومان بشراء الأمتعة وما يحتاجه الفقراء، مؤكدة أن والدتها هي التي زرعت بداخلهم حب الفقراء والمحتاجين ومحاولة مساعدتهم باستمرار.
تنمية الوعي بأهمية القراءة
من جهتها، قالت الأستاذة إلهام أحمد إبراهيم، رئيس قطاع الخدمات والأنشطة، إن المشروع يهدف إلى إحداث نهضة في القراءة وجعلها أولوية لدى فئات المجتمع، مع تحقيق الاستدامة المعرفية التي تضع مصر في المكانة اللائقة التي تستحقها بين الدول.
وأكدت رئيس قطاع الخدمات والأنشطة أن المشروع الوطني للقراءة يستهدف تحقيق تنميـة الوعي بأهمية القراءة، وتمكين الأجيال الناشئة من مفاتيح الابتكار عبر القراءة الإبداعية الناقدة المنتجة للمعرفة، وتعزيز الحس الوطني والشـعور بالانتماء ودعم القيم الوطنية والإنسانية، وإثراء البيئة الثقافية في المدارس والمعاهد والجامعات، وتحقيق التسامح، وقبول الآخر، فضلًا عن تشجيـع المشاركات المجتمعية الداعمة للقراءة.
وأشارت إلى أن المشروع الوطني للقراءة هو مشروع تنافسي مستدام مدته 10 أعوام، يهدف إلى توجيه أطفال مصر وشبابها لمواصلة القراءة الوظيفية الإبداعية الناقدة، موضحة أن التصفيات النهائية للمنافسة على "الطالب المثقف" و"المعلم المثقف" تتم بالتنسيق مع مديري عموم الشئون التنفيذية وموجهي عموم المكتبات وموجهي عموم اللغة العربية بالمديريات التعليمية.
من يكتب يقرأ مرتين
"من يكتب يقرأ مرتين"، مثل إيطالي يعتمد عليه محمد صديق، أحد طلاب الجامعات المشارك في منافسات المشروع الوطني للقراءة، قائلًا: "هذا المثل هو محور حياتي في المذاكرة وفي قراءة الكتب، أكتب حتى التلخيصات لكي يستطيع عقلي الاستفادة أكثر وأكثر مما قرأت".
وتابع “صديق”: "القراءة هي غذاء العقل والروح، لو كان بيدي لاعتمدت منافسات القراءة عنصرًا أساسيًا في كافة المدارس والجامعات، يجب أن نقرأ بكثرة حتى يستفاد الجميع، وحتى تتغير النفوس ويبقى الود والصلاح هو المحرك الأساسي للجميع".
وأكد طالب كلية الطب: "أتمنى أن يتم اختياري القارئ الماسي على مستوى الجمهورية، عملت كل ما أستطيع وتجهّزت بقوة للتواجد والتحكيم، الباقي هو مساندة الله عز وجل وأن يكون التوفيق بجانبي، وحقيقة كل ما رأيته من بداية انضمامي للمنافسات وحتى اللحظة شيء خيالي".
رفيق الطريق
وتحت بند التنافس في القراءة والمعرفة، قدم المعلم رامي عادل وتلميذه عبدالرحمن إبراهيم من محافظة الإسكندرية إلى المشروع الوطني للقراءة ليكونا "رفيقين للطريق".
يحكي "عادل" عن تلميذه قائلًا: "عبدالرحمن طالب ملهم، يدفعني نحو الأمام، أحيانا نقول الأستاذ هو الذي يدعم الطالب، ولكن عبدالرحمن كان مشجعًا لي نحو الأمام، ولديه إرادة قوية للغاية يستطيع أن يدفع بها آلاف الأشخاص".
وتابع المعلم السكندري: "عبدالرحمن زميل يشاركني الطريق ولا أشعر على الإطلاق أنه طالب، هو قرأ 30 كتابا وأنا أيضًا قمت ذلك، أشعر بأنه مثلي بالضبط، وأثناء الرحلة كان هناك شيء ينبض بداخلنا فهو زميل طريق، الكلام كان حينها عاجزا عن التعبير عنه".
ووجه المعلم رسالة إلى تلميذه قال فيها: "أنت ملهم وعليك أن تستمر وأن تصبر، اليوم ليست النهاية وإنما فقط البداية".
بينما يقول الطالب: "أستاذي كان يساعدني كثيراً ويشرح لي ما أعجز عن فهمه، ويطور مهاراتي وكان يساعدني في كل الأشياء التي لا أعرفها، وأشكر المشروع الوطني للقراءة أنه قام بتجميعنا معا تحت سقف واحد نتنافس في القراءة".
حروف العربية بنياني
وكتب المعلم نبيل عبدالرءوف قصيدة في حب اللغة العربية، متمنيًا أن يشارك الجميع في القراءة ويتنافسون تحت بند المعرفة، قال فيها: "حروف العربية بنياني، وصغير البلبل أشجاني.. صوت الماضي أسعدني، بمأثور جميل من الأقوال".
ويعبر "عبدالرءوف" عن سعادته بعدما انتهى تحكيمه: "استطعت قول المزيد من القصيدة أمام أعضاء اللجنة الذين كانوا سعداء بها، بجانب أنني لم أخطئ على الإطلاق في الأسئلة التي وجهوها لي، وبمشيئة الله ستكون لي فرصة في التصفيات القادمة".
"الطالب المثقف"
في الوقت نفسه، قال الأستاذ هشام السنجري، مدير المشروعات التربوية بمؤسسة البحث العلمي فرع مصر وشمال إفريقيا، إن البعد الأول للمشروع معني بـ"الطالب المثقف" من طلاب جمهورية مصر العربية في مرحلة التعليم قبل الجامعي من جميع مدارس الجمهورية.
وأشار "السنجري" إلى أن العام الماضي شارك 3 ملايين و500 ألف مشارك في الأبعاد الأربعة للمسابقة، وتضاعف العدد هذا العام وسيتم الإعلان عنه في الحفل الختامي، موضحًا أن الفئة الأولى في مسابقة "المعلم المثقف" تستهدف الطلاب من الصف الأول إلى الثالث الابتدائي، والفئة الثانية من الصف الرابع إلى السادس الابتدائي، والفئة الثالثة من الصف الأول وحتى الثالث الإعدادي، والفئة الرابعة من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي، حيث يتنافس الطلاب على قراءة 30 كتاب طبقًا لاختيارهم، وتتدرج صفحات هذه الكتب لتبدأ من 10 صفحات وتنتهي عند 85 صفحة كحد أدنى.
آلية التحكيم والفوز بالمليون جنيه
وتابع: يتم التحكيم في المرحلة الأولى على مستوى المدرسة ليتم اختيار الأول على كل فئة، ثم ينتقل للمرحلة التالية وهي على مستوى الإدارة التعليمية لتختار الإدارة الأول من كل فئة وبالتالي تقوم الإدارة بترشيح 4 طلاب يمثلون الـ4 فئات إلى المديرية التعليمية، ويتم التحكيم بينهم طبقاً لآليات واحدة ومحددة ودليل المشروع المعتمد ومصفوفة تحكيم يقوم بالتدريب عليها خبراء مؤسسة البحث العلمي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم؛ لاختيار الخمسة الأوائل على كل فئة ممن يشاركون في التصفيات النهائية على مستوى الجمهورية".
وأردف "السنجري": "تأتي بعد ذلك المرحلة الخامسة وهي ترتيب الفائزين من الأول وحتى العاشر، ويحصل الفائز بالمركز الأول في مسابقة "الطالب المثقف" على جائزة قدرها مليون جنيه، بالإضافة إلى كأس الطالب المثقف وشهادة تقدير وميدالية، ثم تتدرج الجوائز حيث يحصل الأول من كل فئة على جائزة قدرها 500 ألف جنيه، ويحصل الفائز من الثاني إلى الخامس على جائزة قدرها 50 ألف جنيه وميدالية وشهادة تقدير، بالإضافة إلى دعوة كل الفائزين إلى زيارة أكبر المكتبات العالمية".
وأضاف مدير المشروعات التربوية بمؤسسة البحث العلمي فرع مصر وشمال إفريقيا، أن البعد الثاني معني بمسابقة "المعلم المثقف" وهي موجهة لجميع معلمي مصر والإخصائيين، حيث يقرأ كل مشارك 30 كتابا مناسب لمستوى المعلم بدون تحديد صفحات، ويتم التحكيم على مستوى المدرسة لترشيح الأول ثم الإدارة التعليمية ثم المديرية التعليمية وتقوم كل مديرية بترشيح أعلى 3 معلمين للتصفيات النهائية، حيث يحصل الفائز الأول على جائزة قدرها مليون جنيه، و500 ألف جنيه للفائز الثاني، و250 ألف جنيه للفائز الثالث ومن الرابع إلى العاشر يتم منح جائزة مالية قدرها 100 ألف جنيه.
ونوه: "تم خلال فاعليات التصفيات النهائية تكريم المعلمين الفائزين في تصفيات (المعلم المثقف) و(الطالب المثقف) من المديريات التعليمية على مستوى المحافظات، وسط حضور من عدد من مسئولي قطاع الخدمات والأنشطة ومؤسسة البحث العلمي وعدد من قيادات وزارة التربية والتعليم".