توطين الصناعة
لم تتوقف جهود توطين الصناعة، التى بدأت منذ ثمانى سنوات، فى كل وزارات ومؤسسات الدولة، خاصة بعد إطلاق البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى، وتوفير البيئة التشريعية المحفزة للقطاع الخاص، التزامًا بخطط واستراتيجيات وتوجهات دولة ٣٠ يونيو، وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، المتكررة، بتعميق توطين مختلف الصناعات، وبضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص.
استمرارًا لهذا التوجه، ولمتابعة الموقف التنفيذى لجهود جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع لقواتنا المسلحة، فى توطين الصناعة، اجتمع الرئيس، أمس الأول الإثنين، مع اللواء وليد أبوالمجد، مدير الجهاز، بحضور المهندس أحمد السويدى، الرئيس التنفيذى لمجموعة شركات السويدى إليكتريك، وعدد من قيادات الشركة. وخلال الاجتماع، جرى استعراض جهود الجهاز، بالاشتراك مع الشركة والقطاع الخاص إجمالًا، فى توطين الصناعات المتعلقة بالمشروعات التنموية الكبرى، كأجهزة الرى الحديثة، ومكونات أنظمة التحكم فى المياه والزراعة الذكية، التى تقوم بحساب كمية المياه التى تحتاجها المحاصيل. وكذا، صناعة صوامع تخزين الغلال والحبوب، فى إطار المشروع القومى للصوامع وزيادة السعة التخزينية والمدة الزمنية للتخزين.
فى هذا السياق، وجّه الرئيس، مجددًا، بتعزيز توطين الصناعة بجميع مكوناتها، وطرح منتجات محلية بأسعار تقل عن نظيرتها المستوردة، بالتوازى مع تدريب الكوادر البشرية، من أجل توفير المزيد من فرص العمل. كما وجه، أيضًا، أو كرر توجيهه، بالتوسع فى استكشاف المزيد من المجالات لتوطين الصناعات بها، خاصة تلك المتعلقة بمشروعات البنية التحتية، نظرًا لحجم وانتشار تلك المشروعات على مستوى الجمهورية.
الواقع يقول إن لدينا قاعدة صناعية متنوعة، موزعة على كل المحافظات، من بينها ١٧ مجمعًا صناعيًا، تضم أكثر من خمسة آلاف وحدة صناعية، أضيفت خلال السنوات الثمانى الماضية. وبالتالى، كان طبيعيًا أن ترتفع قيمة الناتج الصناعى فى ٢٠٢١، وأن تسهم بنسبة ١٢٪ تقريبًا فى الناتج المحلى الإجمالى، ونتوقع أن تزيد تلك القيمة وهذه النسبة خلال السنة الجارية والسنوات المقبلة، بعد الطفرة التى شهدتها، وتشهدها، البنية التحتية، والشراكات مع الدول العربية، التى كان أحدثها «مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، مع الإمارات والأردن، ثم البحرين، التى يمكن أن تصبح نواة لتعاون أوسع.
استكمالًا لذلك، وفى ضوء الاهتمام العالمى المتنامى بمشروعات الهيدروجين الأخضر، الذى يمثل مصدرًا واعدًا للطاقة، وجه الرئيس، فى اليوم السابق، يوم الأحد، بالعمل على توطين صناعة أجهزة التحليل الكهربائى التى تُعد عماد هذه المشروعات، خلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، البترول والثروة المعدنية، التخطيط والتنمية الاقتصادية، والمالية، لمتابعة استراتيجية الدولة للطاقة الجديدة والمستدامة، والموقف التنفيذى لتأمين التغذية الكهربائية للمشروعات القومية التنموية، ومستجدات مشروعات الربط الكهربائى مع دول الجوار، خاصة السعودية واليونان وقبرص.
جرى خلال هذا الاجتماع، أيضًا، استعراض مستجدات إنتاج الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة، التى تعتمد على الرياح والطاقة الشمسية، بالتعاون مع شركات القطاع الخاص والخبرة الأجنبية، فى إطار استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة، التى تستهدف الوصول إلى نسبة ٤٢٪ للطاقة المتجددة من مزيج الطاقة الكهربائية بحلول سنة ٢٠٣٥. كما تم استعراض تطورات التعاون مع الخبرات الدولية فى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتوليد الهيدروجين الأخضر، التى تشترك فى تنفيذها وزارتا الكهرباء والبترول بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية. ولعلك تتذكر أن الحكومة المصرية قامت، فى ٢٧ يوليو الماضى، بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة «رى نيو باور برايفت ليمتد» الهندية لإنشاء مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات قيمتها ٨ مليارات دولار.
.. وتبقى الإشارة، البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى، الذى تم إطلاقه فى أول أكتوبر ٢٠١٨، كان، ولا يزال، خطوة مهمة نحو مساندة الصناعة الوطنية، ورفع معدلات الاستثمارات الصناعية وتشجيع القطاع الخاص على ضخ استثمارات جديدة، وإتاحة المزيد من فرص العمل، وتصحيح المسار العام للاقتصاد المصرى، والإسهام فى زيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية وتعزيز تنافسيتها بالسوقين المحلية والدولية.