«الأزهرى»: مفتاح نجاح العالِم هو صناعة الثقة
التقى الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية وأحد علماء الأزهر الشريف، اليوم، بعدد من الكتاب والإعلاميين، وصحفيِّي الملف الديني، في جلسة استغرقت ٤ ساعات؛ لمناقشة عدد من الموضوعات التي تشغل المجتمع المصري في القضايا الدينية، والرد على تساؤلاتهم.
تطرق اللقاء إلى الحديث عن موضوعات كثيرة تهم الشأن الديني وقضايا المجتمع، كان على رأسها أهمية عودة الداعية الأزهري لمكانته بين الناس، وصناعة جيل من العلماء ينجح في أن يؤثر في المجتمع ويكون مصدر ثقة يواجه القضايا الشائكة في المجتمع، مثل ارتفاع معدلات الطلاق والتحرش والانتحار والإدمان وغيره.
وأكد أن مفتاح نجاح العالِم الأزهري هو صناعة الثقة؛ حتى يكون مؤثرًا في الناس بعيدًا عن شيوخ التريند وشيوخ الدم، والبعد عن القضايا السطحية والتافهة، مضيفًا: نريد داعية يواجه هموم المجتمع على علم ووعي ورصد لطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، يجلس بين الناس في قريته أو مسجده أو أي منبر يتحدث منه لينهي مشاكل الطلاق والخلافات ويعالج الظواهر السلبية في دائرته.
ونوه أن الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي كان ناجحًا في أن يشتبك مع الواقع على المستوى العلمي والفكري والثقافة الشائعة.
وأشار إلى أن الإشكالية الكبيرة أن جوجل أصبح مصدر معرفة الدين عند الكثير من الناس، من خلال الاختيارات العشوائية للمواقع السلفية والإخوانية التي تتصدر محرك البحث جوجل.. فأي شخص عنده سؤال ديني بيسأل جوجل.
وقال الأزهري: إننا في حاجة إلى بناء عقد اجتماعي بين كل شرائح المجتمع المصري، وحراك مجتمعي مستمر بعيد عن الشكليات؛ يسهم في تغيير حقيقي ويواجه قضايا المجتمع.
وتطرق الأزهري إلى أهمية الانشغال بالعلم ومواكبة العصر، وأن نعيد القفزات العظيمة التي كانت في العصر الذهبي للإسلام في شتى العلوم والمعارف، وأن نعيد منظومة القيم والثقافة والإنسانية لبلادنا، وأن نراعي النشء الذين سيكونون رجال المستقبل، مؤكدًا أن هموم الوطن كثيرة.
ونوَّه الأزهري إلى أن هناك جزءًا فنيًّا مفقودًا في تشغيل صفحات المؤسسات الدينية، مشيرًا إلى أن الحل في أمرين؛ الترويج بطريقة مدروسة فنيًّا، بحيث يكون هناك لكل مؤسسة دينية منصة قوية لا يقل متابعوها عن ٢٠ مليون متابع على الفيس بوك وتويتر بصفة مبدئية تمهيدًا للانطلاق لبقية منصات التواصل، وأن تكون باللغة العربية واللغة الإنجليزية انطلاقًا إلى بقية اللغات، وأن تتحول من فلسفة الدفاع ورد الفعل إلى فلسفة الهجوم ورصد وتعقب كل الصفحات الناشطة الإخوانية والسلفية وغيرها والرد عليها.
وقال، إن المذهب الأشعري على رأس المناهج الرصينة والعلمية في فهم الإسلام، ويعد مدرسة علمية تعصم من الإرهاب، وحائط صد عظيم أمام الأفكار المولدة للإرهاب، ويكفي على سبيل المثال أن نعلم أن الخطأ الأكبر الذي فتح باب التكفير عن حسن البنا هو ترحيل مبحث الإمامة والسياسة العامة من دائرة الفروع إلى أصول الدين، مما ولد فكر التكفير وأدخلنا في دائرة الإرهاب، بينما المنهج الأشعري المعتمد في الأزهر وسائر مدارس العلم الكبرى في العلم الإسلامي يدقق علميًا في هذا ويجعل الإمامة من فروع الدين لا من أصوله، فهو المنهج العاصم لبلادنا من فكر التكفير.
وأضاف: «لديّ قلق عظيم تجاه الأسر التي خرج منها متطرفون»، ويجب التعامل معهم من خلال برنامج مدروس يضعه خبراء علم النفس والاجتماع والأزهر والكنيسة، عبر دراسة عميقة يتم الخروج بها، وتحديد كيفية التعامل مع تلك الأسر عبر محاور متعددة.
وأشار إلى أن الأمر يحتاج إلى مشاركة كل الجهات، بما فيها وزارة التضامن الاجتماعي التي لديها فروع بجميع أنحاء الجمهورية عبر الرائدات الريفيات.