أسرار من حياة محمود درويش: «لم يفكر يوما في كتابة الرواية»
ظل اسم الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مرتبطًا بشعر الثورة والوطن طوال حياته الإبداعية، إلى أن أصبح أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين، فضلًا عن دوره الكبير في تطوير الشعر العربي الحديث، وبين كل المراحل التي مر بها خلال مسيرته الأدبية كانت له اهتمامات بعدد من القضايا كالقضية الفلسطينية والوعي الثوري، وغيرها من الأمور التي تناولها في نصه الشعري.
أول شعر تأثر به محمود درويش هو الذي كان يسمعه في مجالس البيت من سيرة عنتر والملاحم الشعبية عامة، وعن السير الشعبية قال إنها مليئة بالشعر، متابعا: كان صوت الراوي يخطفني ولا أدري لماذا.. كنت ولدا صغيرا يستمع ويندهش في المدرسة علمت أن الشعر لا يروى فحسب، بل يكتب أيضا، هناك قرأت القصائد المقررة وكانت مختارات من المعلقات، من المتنبي وجرير والفرزدق، لكن أول شعر حاولت تقليده كان الأندلسي والمهجري لأنه أسهل على التقليد، بعد ذلك غدت صلتي بالشعر أكثر مباشرة.
ورغم مسيرته الشعرية الطويلة، إلا أنه لم يكتب رواية، وهو ما كشفه خلال حواره مع بمجلة "الكرمل" بعددها رقم 86 والصادر بتاريخ 1 يناير 2006، قائلا: مع حبي غير المحدود للرواية لم أفكر يوما في كتابتها، لكنني أغبط الروائيين لأن عالمهم أوسع، والرواية تستطيع أن تستوعب كل أشكال المعرفة، والثقافة، والمشاكل، والهوم والتجارب الحياتية، وتستطيع أن تمتص الشعر وسائر الأجناس الأدبية وتستفيد منها إلى أقصى الحدود، والجميل في الرواية أنها غير عرضة للأزمات، ذلك أن في كل كائن بشري رواية، وهذا ما يكفي لملايين السنين، وليس على الروائي إلا أن يستوحي التجارب.
وتابع: «لم أفكر في كتابة الرواية لأنني لا أستطيع أن أضمن النتائج، والرواية تحتاج إلى جهد وصبر هما غير متوافرين في، هناك شعراء كثيرون أتقنوا الشعر والرواية، وبعضهم سطت روايتهم على شعرهم، وبعضهم سطا شعرهم على روايتهم فغدت رواية متشعرنة، فيما يجب أن تتوافر في الرواية لغة السرد ومنطق الشخصيات وسواهما.
وأوضح: «أنني أحب الرواية - الحكاية، رواية اللا رواية لا أحبها كثيرا، وأعدها عبارة عن ثرثرة لغوية، قد تكون جميلة لكنها ليست من النوع الروائي الذي أحبه، فالرواية بالنسبة لي كتابة جديدة في معنى ما، لكنها لا أحب الاشتباك بين كتابتي الشعر والرواية، فالرواية لها عالمها والشعر له عالمه، مضيفا أن الرواية في بعض المجتمعات متطورة أكثر من الشعر، وفي مجتمعات أخرى الشعر متطور أكثر من الرواية، ولا أحد يستطيع أن يرسم صورة المستقبل أو أن يحتكرها، مختتما كلامه في هذا الأمر بأنه يعتقد أن المستقبل للشعر كما هو للرواية».
توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى "ميموريال هيرمان "نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.
وأعلن حينها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفًا إياه بـ"عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث"، و"القائد الوطني اللامع والمعطاء"، وقد وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله، وشارك في جنازته آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى؛ على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.