«كنت أفكر في أمي وإخوتي».. شهادة محمود درويش عن الموت
تحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير محمود درويش، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2008، وحكى الشاعر الفلسطيني محمود درويش عما يعنيه له الموت وذلك في حواره لمجلة "الكرمل" يناير 1983.
قال محمود درويش: "كان علينا أن نقبل بهذا المصير، في سياق دفاعنا عن الحرية، لا في سياق البحث عن سلامة العبيد، كان علينا أن نمسك بالمعادلة، الحرية أو الموت، ولم يكن أمامنا أي خيار آخر، والموت لم يكن نهاية أي شيء كنا نثق بأن دمنا لا يمكن أن يذهب سدى، لابد لهذا الدم أن يحرك شيئا في هذا السكون، وأن يكون شاهدًا على عصر الموت".
وأشار إلى أن الموت بالنسبة له لم يكن قضية تثير الرعب أو الخوف لأن التعايش معه وفي كل ساعة، يسمح للأفكار الكبيرة أن تأخذ مساحتها، التي كانت مفقودة، إذ لم يعد للإنسان ما يخسره إطلاقا.
ولفت إلى أن الناس بعبقريتهم البسيطة استطاعوا أن يعيدوا الوضع العادي لحياتهم، وأصبحت الحياة طبيعية وعادية، وتكيفوا واحتالوا على ما ينقصهم من وسائل الحياة.
وحكى أنه في اللحظات المرعبة والقاسية كان يفكر في المقام الأول في البيت ثم عائلته في الوطن المحتل "فلطسين" مضيفًا: "لأن الموت بهذه الكثافة والصلافة والإلحاح أعادني إلى بيتي الأول وعرى التاريخ من تطوره".
وقال، أنه كان كثيرا ما يفكر بأمه وأخوته، ويشعر بحنين جارف إلى لقائهم في أحلامه وطول نهاره وليله، متساءلًا: "لا أعرف ما هي العلاقة بين خطر الموت والعودة إلى الطفولة؟".
وشرح أن الموت يعيد للإنسان طفولته من جديد، خاصة وأنه يعيد للشخص تعلقه بمكونات السعادة البشرية، ويكشتف أن السعادة تتكون من عناصر في منتهى البساطة، أضاف: "عندما نرى رغيفا نفرح كأنه إشارة الحياة ورمزها، عندما كان يهدأ القصف ساعة كنا نسترخي في سكون جميل جدا، ولكن أيضا عندما كان يطول الهدوء كنا نحس أننا افتقدنا شيئا، هي العادات التي تكونت فينا، وكأن فينا حنينا إعادة الصلة بما اقتطع من سياق".
وأوضح أن الحرب خلقت بينه وبين الموت علاقة حميمية وخاصة، بحيث كانت ساعة الهدوء تبدو طويلة، مملة حيث كانت تتوقف الحرب، ساعة الهدوء كان مزيحا من الفرح بالسلاة والشوق إلى شيء آخر.