احتفالًا بذكرى حفر القناة
صدق من قال: مصر دولة وُجدت قبل التاريخ.. فمصر الدولة الوحيدة التي لها تاريخ متصل ممتد لحوالي 7 آلاف عام، لم تكن الأهرامات وحدها هي معجزة المصريين القدماء، ولا لهم الفضل في وضع أسس علوم الطب والرياضات والجولوجيا وأصول الكتابة والرسم والنحت فقط، بل امتد دورهم لتعليم العالم فن البقاء على قيد الحياة.
تاريخ المصريين الممتد يؤكد أن هذا الشعب هو من صنع حضارته بيده، بناها لنفسه وللبشرية، أقول هذا الكلام بمناسبة الذكرى السابعة لنجاح المصريين في حفر قناة السويس الجديدة، التي حفروها وشيدوها بعزيمتهم وعرقهم وأموالهم ومعداتهم استجابة لدعوة رئيسهم وزعيمهم.
أقول هذا الكلام وأنا أقطع سلسلة مقالات "مرشدون وقتلة" التى خصصتها في التعريف ببعض الجوانب الشخصية لمرشدين جماعة الإخوان الإجرامية منذ نشأتها وحتى آخر مرشد لهم، فتزامن موعد المقال مع ذكرى حفر قناة السويس الجديدة، ففضلت ألا تضيع هذه السطور القيمة في الحديث عن الإرهابي الثامن محمد بديع، الذي فضل ارتداء النقاب والهروب بعد أن ورّط شباب جماعته وحرضهم على القتل والحرق والتخريب لينجو هو بنفسه.
نجاح شعب مصر في حفر إنجازاته كلها بأيادى أبنائه، بداية من الهرم الأكبر الذي عمل به حوالى 10 آلاف عامل، وفقا لتقدير عالم الآثار المصري الكبير الدكتور زاهي حواس، وقدّرهم المؤرخ اليوناني القديم «هيرودوت» بحوالى 100 ألف عامل.. وكان إجمالى عدد العمال الذين شاركوا في حفر قناة السويس القديمة نحو مليون عامل، مات منهم أثناء الحفر أكثر من 120 ألفاً، وفقا لكتاب "السُخرة فى حفر قناة السويس" للمؤرخ الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوي.
أما قناة السويس الجديدة، التي وصفها الإخوانى الكذاب وجدى غنيم بأنها "قد طشت أمه"، فإجمالي أطوالها حوالي 72 كيلومترا، وتمتد من الكيلو 60 إلى الكيلو 95 «وفقا لترقيمات القناة»، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح بطول إجمالي 37 كيلومترا، وتم استخراج 258.8 مليون متر مكعب من الرمال، منها 250 مليون متر مكعب حفر جاف، بطاقة 45 كراكة من أحدث الكراكات التي تم توفيرها من كل مكان حول العالم، ورفعت قناة السويس الجديدة طاقة عبور السفن اليومي من 77 سفينه كحد أقصى لعبور السفن إلى 97 سفينه يومياً.
ولعل الإحصاءات الشهرية التي تصدر عن هيئة قناة السويس لم تتوقف عن رصد الأرقام القياسية التي تحققها القناة في كل المجالات، آخرها ارتفاع دخل القناة السنوى إلى 7 مليارات دولار خلال عام 2021/ 2022 كأعلى عائد تحققه القناة منذ نشأتها، الأهم من تلك الإحصاءات هو ما حققته قناة السويس الجديدة من إحباط أي مشاريع أخرى يمكن أن تفكر في إنشائها أي دولة أخرى، سواء في منطقتنا أو باستخدام طرق أخرى، بعد أن أثبتت قناتنا أنها الأفضل والأوفر لنقل التجارة العالمية من الشرق للغرب والعكس، والأهم من كل ذلك هو عودة روح الكفاح والعمل للشعب بعد سنوات الفشل التي أعقبت 25 يناير وحكم جماعة الشر، والأهم هو تجديد ثقة العالم في قدرات شعب مصر العظيم.