من التراث الكنسي..
كيف ساعدت الدولة البابا كيرلس الخامس على مواجهة الإرساليات الأجنبية؟
قال المؤرخ الكنسي إبرام راجى، المتخصص في التاريخ الكنسي المعاصر، إنه: «عندما اشتدت نيران الإرساليات على الكنيسة القبطية رأى البابا كيرلس الخامس أن ينزل إلى الميدان؛ ليشجع قبط مصر على مواجهة الإرساليات، ويريهم نفسه لشعبه أنه الجالس على كرسى مارمرقس الرسولي، وليضاعف توثيق صلته بشعبه فى بلاد المحروسة، وكانت الرحلة عن طريق نهر النيل كعادة أهل ذلك الزمان فى التنقل من بلد لأخرى عن طريق النهر».
الدولة والكنيسة يد واحدة
وأضاف، في تصريح له: «وقد استقل البابا كيرلس الباخرة التوفيقية، وهى باخرة حكومية وفرتها الحكومة المصرية؛ لمساعدة البابا على تأدية مهمته؛ لأنها بدأت التخوف من التغلغل الأجنبى ضد الكنيسة القبطية، فقدمت للبابا الوقور المركب الذى يسهل له التنقل».
مأمور سمالوط يرافق موكب البابا
وتابع: «وفى يوم ٢٥ يناير عام ١٩٠٤ ذهب إلى بنى مزار بالمنيا، وهناك أعد الأرخن سيف أبو سيدهم وابوراً، وهو قطار يسير بالفحم؛ ليحمله إلى معصرة سمالوط، وأثناء مرورهم فى مطاى أمر قداسته بالوقوف؛ استجابة لطلب أهلها، فنزلوا الجميع وركبوا العربات التى أعدها لهم الأهالي، وذهبوا إلى نزلة حنا مسعود، وكان يتقدم الركب القمص عبد المسيح، راعي كنيسة بردنوها، يُحيط به تلاميذ المدرسة القبطية وتلميذاتها بسعوف النخل، ويترنمون بالألحان فزار البابا الكنيسة والمدرسة، وبارك الشعب المبتهج برؤياه وكان مأمور مركز سمالوط، مرافقاً لهذا الموكب الباباوي».
الحكومة تحيط بموكب البابا
من جهته، يقول طارق البشري، فى كتاب «مسلمون وأقباط»: «إنه كان موكب البابا من الباخرة إلى المدينة على نمط دخول المسيح أورشليم، إذ ركب على حمار، وتقدمه القسس وحاملي الصلبان والأعلام، وفروع النخيل والشموع وضاربوا الدفوف والمرنمين بالقبطية، وسار الموكب ببطئ من النهر إلى المدينة، والناس يزداد عددهم وازدحامهم كل دقيقة، وكان محاطاً بالجنود أمامه وخلفه بأمر الحكومة».
السوهاجية يستقبلون البابا بالطبل
وأضاف: «ثم زار قداسته أسيوط، ومكث بها ثلاثة أيام ثم أتجه إلى شندويل، وكانت المفاجأة أن استقبلهم أهلها بالطبل البلدي، والزمر وبمختلف ضروب الفروسية، وشاهدوا عرضاً من عروض الفروسية أداها الخيالة، ثم غادروها واتجه الموكب الباباوى إلى سوهاج، وفى الطريق إلى دندرة مروا بمختلف القرى والنجوع، ثم نقادة ومنها الأقصر، وكان الأقباط والمسلمين يستقبلون قداسة البابا لما سمعوا عن تاريخه الوطني والديني».
واختتم: «وغادر الركب الباباوي الأقصر إلى إسنا، ثم أدفو ثم أسوان وعندما وصلوا حدود مصر، غادروها وذهبوا إلى السودان فى طريقهم إلى العاصمة الخرطوم، ووصل البابا يوم الجمعة ٢٥ مارس، واستمرت جولة قداسته شهرين، يفتقد شعبه على طول صعيد مصر، ليوعي أولاده ويعلم ويرجع خرافه إلى كنيستهم القبطية».