مستمرة من الستينيات.. كواليس المعارك الأدبية بين شباب المبدعين وكبار الكتاب والنقاد
دعوات كثيرة بين الحين والآخر تخرج من الشباب المبدعين وكتاب الرواية والقصة القصيرة، تطالب النقاد بالالتفات إليهم وعدم تهميشهم ووضع الأولوية لرواياتهم بدلًا من اعتزالهم ومحاربتهم ووصفهم بأنه شباب رواية التيك أواي، وغيرها من الكلمات التي تطلق على كتاباتهم من النقاد على حد تعبيرهم.
وهذه المعركة الدائرة بين شباب الكتاب وبين النقاد في وقتنا الحاضر ليست وليدة العصر، بل تذكرنا بالمعركة التي دارت بين الكاتب الكبير يوسف إدريس وبين الشباب في سبعينيات القرن الماضي. "الدستور" يرصد خلال السطور القادمة تفاصيل هذه المعركة.
خاض الكاتب الكبير يوسف إدريس الكثير من المعارك المشهورة جدًا، بينما خاض معارك أخرى لا يعرف عنها الكثير والمعركة التي بين أيدينا لم تحظ بشهرة كبيرة.
وبحسب ما نشر في عدد يوم 13 ديسمبر 1978 من جريدة الأهرام، وبالتحديد في صفحة دنيا الثقافة، كان ليوسف حوار فيها، وقد سئل عن شباب المبدعين وموقفه منهم، قال إن الشباب ليس لديهم الطموح الكافي للإبداع، فالهدف ليس مجرد نشر رواية أو قصة بقدر ما يرتبط برؤية أوسع وأشمل للحياة والفن، واعتبر إدريس أن جيله هو "آخر النماذج الهائلة للطموحات".
وما أن قرأ فاروق جويدة هذه الكلمات إلا أن أخذته الحماسة وتملكه الغضب وقام بكتابة مقال ردًا على الكاتب يوسف إدريس، في عدد اليوم التالي من جريدة الأهرام، عدد يوم 14، ونص فحواه على: "أن الأجيال التي لم تأت بعد كيف نحكم عليها، حيث قال إنه من الممكن لأي جيل أن يقيم ويحاكم نفسه أو الأجيال التي سبقته، ولكن ليس من حقه أن يحكم على جيل لم يأت بعد، فقبل الحكم على الأجيال الشابة يجب أن نسأل أنفسنا ماذا قرأنا لهم".
وتطرق جويدة إلى الأسباب التي جعلت الفجوة تتسغ بين الشباب وبين أبناء جيل يوسف إدريس، حيث أكد أن السبب "التطرف الفكري" من كل شيء، سواء رفضًا أو قبولًا.
واستشهد جويدة بموقف يوسف إدريس بأنه أشبه بموقف طه حسين من الأجيال الشابة في الستينيات حيث اتهمها بأنها "تكتب أكثر مما تقرأ"، معتبرًا أن "الزميل أطلق أحكامًا مطلقة، ونحن لا نريد أن نعيش بقية عمرنا في ظل أحكام وآراء مطلقة".
وتوالت الردود بين يوسف إدريس وبين فاروق جويدة، إلا أن إدريس اعتبر أن الموضوع كله "لعب أطفال" على حد قوله، فالهدف من الحوار هو المناخ الثقافي والأدبي والديمقراطي الذي يقتل إبداع المخضرمين والجدد على حد السواء.