الظواهرى.. تصفية ميّت!
لمرة جديدة، وقد تكون الأخيرة، جرى الإعلان عن وفاة أو تصفية أيمن الظواهرى، شريك أسامة بن لادن فى تأسيس تنظيم «القاعدة»، وخليفته فى قيادة التنظيم، بغارة نفذتها المخابرات المركزية الأمريكية فى العاصمة الأفغانية كابول، وصفها الرئيس جو بايدن، فى مؤتمر صحفى عقده قبل منتصف ليل أمس الأول الإثنين، بتوقيت جرينتش، بأنها «أنجح عملية لمكافحة الإرهاب» وأكبر ضربة للتنظيم منذ مقتل «بن لادن»، مع عبارات إنشائية عديدة استهدف بها مساعدة حزبه فى انتخابات التجديد النصفى المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل.
مسئولون أمريكيون استبقوا المؤتمر الصحفى للرئيس بتصريحات أوضحوا فيها تفاصيل العملية، التى نفذتها طائرة بدون طيار، بصاروخين من طراز «هيل فاير». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسئول كبير فى إدارة بايدن أن الظواهرى كان مختبئًا منذ سنوات وأن عملية تحديد مكانه وقتله كانت نتيجة عمل «دقيق ودءوب» لمجتمع مكافحة الإرهاب والمخابرات. فى حين ذكرت جريدة «نيويورك تايمز» أن زعيم القاعدة كان يقيم فى منزل يملكه أحد مساعدى سراج الدين حقانى، وزير داخلية «طالبان»، قائد شبكة «حقانى» ونجل مؤسسها، الذى قالت وكالة أنباء «آماج نيوز» الأفغانية، إن اثنين من أقاربه لقيا مصرعيهما، خلال العملية.
مع ذلك، قال وزير الداخلية الأفغانى لوكالة الأنباء الفرنسية إن الصاروخين الأمريكيين استهدفا «منزلًا خاليًا»، فى حين أدان ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم «طالبان» العملية بشدة، وقال إنها تنتهك «المبادئ الدولية»، وبادله الاتهام أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، مؤكدًا أن الحركة انتهكت «على نحو صارخ» اتفاق الدوحة باستضافتها الظواهرى وإيوائه، فى إشارة إلى الاتفاق الذى وقعته الحركة مع واشنطن بالعاصمة القطرية، فى ٢٩ فبراير ٢٠٢٠. وفوق ذلك، أكد بلينكن، فى بيان، أن الولايات المتحدة «ستواصل دعم الشعب الأفغانى»، فى ظل عدم رغبة «طالبان» أو عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها!
منذ سنتين تقريبًا، رجّحت حسابات تابعة لأذرع «القاعدة»، على شبكات التواصل الاجتماعى، من بينها جماعة «حراس الدين»، إحدى أذرع التنظيم فى سوريا، وفاة الظواهرى. وفى ١٤ نوفمبر ٢٠٢٠، أكدت المعلومة ريتا كاتز، مديرة موقع «سايت» المتخصص فى متابعة التنظيمات الإرهابية. وكالعادة، لم يؤكد تنظيم القاعدة الخبر أو ينفيه، كما لم يؤكد، إلى الآن، خبر وفاة حمزة بن لادن، الذى أعلن البيت الأبيض، فى سبتمبر ٢٠١٩، عن مقتله فى عملية أمريكية على الحدود الأفغانية- الباكستانية. وهو ما تكرر أيضًا بشأن عبدالله أحمد عبدالله، المعروف باسم أبومحمد المصرى، الذى عرفنا فى ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠، من تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز»، أن عناصر تابعة للمخابرات الإسرائيلية «الموساد» قامت، فى أغسطس السابق، بتصفيته مع ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، فى العاصمة الإيرانية طهران.
تخرّج أيمن محمد ربيع الظواهرى، المولود بالقاهرة فى ١٩ يونيو ١٩٥١، فى طب قصر العينى، سنة ١٩٧٤، وحصل على ماجستير الجراحة سنة ١٩٧٨، وشارك فى تأسيس تنظيم الجهاد فى مصر، قبل أن يغادر إلى السعودية سنة ١٩٨٥، ومنها إلى باكستان ثم أفغانستان، وتوطدت علاقته مع أسامة بن لادن منذ سنة ١٩٨٦ واستمرت حتى أسسا معًا تنظيم قاعدة الجهاد فى فبراير ١٩٨٩، وفى أوائل التسعينيات ذهب إلى السودان ثم عاد إلى أفغانستان، مرة أخرى، بعد أن سيطرت عليها حركة طالبان سنة ١٩٩٦، وبات يوصف بأنه الرجل الثانى والمنظر الرئيسى لتنظيم القاعدة، إلى أن تولى زعامته فى مايو ٢٠١١، خلفًا لأسامة بن لادن.
.. وأخيرًا، قيل إن محمد صلاح الدين زيدان، القيادى بالتنظيم، المعروف باسم «سيف العدل»، هو أبرز المرشحين لخلافة الظواهرى، فى قيادة الحركة، التى يديرها بالفعل، منذ أربع أو خمس سنوات، عبر قيادته مجموعة توصف بـ«لجنة حطين»، تضم الشخصيات الرئيسية فى التنظيم. وسواء وقع الاختيار على المذكور أو على غيره، فلن يكون مفاجئًا لو استعاد التنظيم قوته داخل أفغانستان، وخارجها، ونتفق تمامًا مع السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام، الذى كتب فى حسابه على تويتر: «إذا ظننتم أن هذه الغارة أوقفت الخطر القادم من أفغانستان، فأنتم تتجاهلون التاريخ».