تهديد نووي قائم.. هل تكفي معاهدة ستارت لتهدئة الصراع الأمريكي الروسي؟
90% من حجم الترسانة النووية حول العالم تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية والدب الروسي، وفي ظل العداء المستمر بين الدولتين منذ الحرب الباردة، بذلت القوتين جهودًا كبيرة للتحكم الثنائي في الأسلحة، ما أدى إلى ابرام العديد من اتفاقيات الحد من الأسلحة مثل معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (ABM) لعام 1972، ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF) لعام 1987، ومعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الأولى لعام 1991 (START-I).
إلا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وإفعلان التحدي الروسي الواضح للغرب، جعل هناك حاجة إلى إبرام المزيد من الاتفاقيات لضمان عدم استخدام السلاح النووي منن القوى العظمى التي تمتلكه حرصًا على مستقبل البشرية.
بايدن: مستعدون للتفاوض مع روسيا بشأن إطار جديد للحد من التسلح
وفي السياق، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الإثنين، استعداد إدارته للتفاوض "على وجه السرعة" مع روسيا بشأن وضع إطار للحد من الأسلحة الاستراتيجية ليحل محل معاهدة ستارت الجديدة التي تنتهي صلاحيتها في 2026.
جاء ذلك في بيان أصدره بايدن بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
ودعا “بايدن” روسيا إلى إثبات استعدادها لاستئناف العمل بشأن الحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، داعيا الصين أيضا إلى المشاركة في بحث نظام جديد لضبط التسلح.
وكانت روسيا والولايات المتحدة أعلنتا في فبراير 2021 عن بدء سريان قرار تمديد معاهدة "ستارت 3" المبرمة بينهما بشأن الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة خمس سنوات.
تراجع آليات السيطرة على سباق التسلح بين واشنطن وموسكو
وبحسب تقرير لصحيفة “اورسيا ريفيو”، ظلت اتفاقيات الحد من الأسلحة هذه سارية خلال الحرب الباردة وحتى بعد ذلك، ولكن بعد ذلك في السنوات اللاحقة، أدت البيئة الأمنية الدولية المتغيرة والمصالح الاستراتيجية لكلا البلدين إلى إنهاء اتفاقيات الحد من الأسلحة النووية.
واشار التقرير الي أنه حتى الآن، نظرًا للديناميكيات الأكثر تعقيدًا للأمن الدولي وصراع القوى العظمى، وتحديداً على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، تراجعت بشكل كبير احتمالات وجود آلية أوسع للسيطرة على الأسلحة بين الولايات المتحدة وروسيا.
وفي عام 2002، انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية متذرعة بمخاوف أمنية دولية، ما جعل المعاهدة باطلة.
وبالمثل، لقيت معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، المصير نفسه عندما انسحبت الولايات المتحدة رسميًا منها في أغسطس 2019 بدعوى عدم امتثال روسيا، ثم فعلت روسيا الشيء نفسه.
وعلى الرغم من ذلك، دخلت اتفاقية مهمة أخرى للحد من الأسلحة، المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت الجديدة) حيز التنفيذ في عام 2011 للحد من عدد الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية التي تم نشرها.
ووفقًا لالتزامات المعاهدة، إذا لم يتم تمديدها، كان من المفترض أن تنتهي صلاحيتها في فبراير 2021، وظل النقاش حول تمديدها مستمراً، لا سيما في عام 2020.
ومع ذلك، انتهت جميع المحادثات دون أي تقدم كبير على خلفية سباق التسلح السائد بين البلدين، وتأكيد الولايات المتحدة على إدراج الصين في آليات الحد من التسلح في المستقبل، والتقدم في أنظمة إطلاق الرؤوس الحربية، وهو الامر الذي أصبح مستقبل نيو ستارت أكثر تشككًا وغموضًا مع اقتراب انتهاء صلاحيته.
ومع ذلك ، في فبراير 2021، وافقت إدارة “بايدن” وروسيا على تمديد معاهدة ستارت الجديدة لمدة خمس سنوات أخرى حتى فبراير 2026، وقد وقعت الولايات المتحدة أخيرًا لأنها تؤكد أنها ملتزمة بالحد من الأسلحة الفعالة لتعزيز الاستقرار العالمي.
الصين وآلية الحد من التسلح
وافاد التقرير ان الولايات المتحدة الامريكية المحت أيضًا، إلى إدخال الصين في آلية الحد من التسلح، مستشهدة بترسانتها النووية المتنامية.
ومن ناحية أخرى، كان المنطق الروسي وراء الموافقة على تمديد معاهدة “ستارت الجديدة” هو أنه نظرًا لأن كلا البلدين يمثلان أكبر قوتين نوويتين في العالم، فإن مسؤوليتهما هي الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي القائم على التكافؤ.
وأكد كذلك أن سياسات الولايات المتحدة تجاه الحد من التسلح كانت مدمرة وأن الأمر يتطلب جهودًا كبيرة من أجل حوار مستقر في هذا الصدد.
وعلى الرغم من أن كلا البلدين حاولا تبرير مواقفهما تجاه تمديد معاهدة ستارت الجديدة ، فقد تعمدا انتقاد سياسات كل منهما للحد من التسلح، هذا يشير إلى افتقارهم الكبير للثقة المتبادلة.
وقبل العملية الروسية في أوكرانيا، التقى القادة الأمريكيون والروس مرتين في جنيف، حيث التقى الرئيس بايدن والرئيس بوتين في 16 يونيو 2021 واتفق كلاهما على إعادة إطلاق حوار الاستقرار الاستراتيجي.
ثم هاجمت روسيا أوكرانيا وألغيت أي احتمالات لترتيب أوسع للحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا.