هل تزور بيلوسى تايوان؟!
إلى سنغافورة وصلت نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى، أمس الإثنين، فى بداية جولة آسيوية، قيل إنها ستشمل تايوان، وسط تكهنات، توقعات أو ترجيحات، بعدم تراجعها عن زيارة الجزيرة، بعد التهديدات الصينية المتكررة، التى تخللتها مكالمة تليفونية طويلة، استمرت أكثر من ساعتين، قال فيها الرئيس الصينى لنظيره الأمريكى إن «الذين يلعبون بالنار سيحرقون أنفسهم».
حال تهورها، ستكون تلك هى الزيارة الأولى لمسئول بهذا الحجم، بعد زيارة نيوت جينجريتش، رئيس مجلس النواب الأسبق، سنة ١٩٩٧، والتى كان ردّ فعل الصين عليها معتدلًا، أو باردًا، ليس فقط لأن إدارة الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون نأت بنفسها عن تلك الزيارة، أو لأن الصين كانت أقل قوة على المستويين الاقتصادى والعسكرى، ولكن أيضَا لأن جينجريتش، المنتمى للحزب الجمهورى، استبقها بزيارة بكين لمدة ثلاثة أيام، أجرى خلالها محادثات مع الرئيس الصينى الأسبق جيانج زيمين، وأشاد بالتنمية الاقتصادية الصينية، وتحدث بتعاطف عن التحديات التى ستواجهها بكين فى إدارة هونج كونج بعد ١٥٠ سنة من الاحتلال البريطانى.
يضم الوفد المرافق لرئيسة مجلس النواب جريجورى ميكس، رئيس لجنة الشئون الخارجية فى المجلس، وأعضاء فى اللجنة الدائمة للمخابرات ولجنة القوات المسلحة، وكلهم من الديمقراطيين. وفى البيان الذى أصدرته الأحد، قبل مغادرتها هاواى باتّجاه سنغافورة، قالت بيلوسى إنها تقود «وفدًا من الكونجرس إلى منطقة المحيطين الهندى والهادى، لإعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة حيال حلفائها وأصدقائها فى المنطقة»، تحت القيادة القوية للرئيس بايدن. وأوضحت أنها ستعقد اجتماعات رفيعة المستوى «فى سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان»، لمناقشة «سبل تعزيز القيم والمصالح المشتركة، بما فى ذلك السلام والأمن والنمو الاقتصادى والتجارة، ووباء كورونا المستجد وأزمة المناخ، وحقوق الإنسان، والحكم الديمقراطى».
لم يرد، إذن، ذكر تايوان فى البيان، غير أن مصدرين حكوميين، أحدهما تايوانى والآخر أمريكى، رجّحا لشبكة «سى إن إن» قيام بيلوسى بزيارة الجزيرة. وتوقع درو تومبسون، المسئول السابق بوزارة الدفاع الأمريكية، فى حسابه على «تويتر»، أن تتوقف فى الجزيرة بشكل غير رسمى. وبينما ذكرت مصادر مقربة من الجيش التايوانى أن الزيارة ستكون اليوم، الثلاثاء، قالت جريدة «جلوبال تايمز» الصينية إن بيلوسى قد تلجأ إلى حجج طارئة للهبوط فى مطار تايوانى، مثل حدوث عطل فى الطائرة، أو نفاد الوقود!.
لا تقيم واشنطن علاقات دبلوماسية مع تايبيه، وتزعم أنها لا تزال ملتزمة بالسياسة التى تتبعها منذ نهاية السبعينيات، والتى توصف بسياسية «الغموض الاستراتيجى»، إذ أنها تعترف بـ«صين واحدة»، لكنها مستمرة فى بيع الأسلحة إلى تايوان، ولم تتوقف عن الإشادة بنظامها «الديمقراطى». وبالتالى، لم يضف الرئيس الأمريكى جديدًا حين أكد تمسّك بلاده بموقفها من تايوان، أو بقوله، فى مكالمته التليفونية الأخيرة مع نظيره الصينى، إن بلاده تعارض بشدة الجهود أحادية الجانب لتغيير الوضع القائم.
الوضع القائم، الآن، هو أن الصين رفعت درجة تأهّبها وحدّة تحذيراتها، وقال تشاو لى جان، المتحدث باسم خارجيتها، أمس، إن مثل هذه الزيارة سوف تكون «تدخلًا سافرًا» فى شئون بلاده الداخلية، مؤكدًا أن جيش التحرير الشعبى لن يقف مكتوف الأيدى، وسيتخذ إجراءات قوية وحاسمة للدفاع عن وحدة وسلامة أراضى البلاد. وكانت القوات الصينية قد أجرت، السبت، تدريبات عسكرية «بالذخيرة الحية» فى مضيق تايوان، سبقتها مناورات للجيش التايوانى، تضمنت محاكاة لعمليات تصدٍّ لهجمات من البحر. كما أعلنت البحرية الأمريكية عن توجه حاملة الطائرات «يو إس إس رونالد ريجان»، مع أسطولها، إلى بحر الصين الجنوبى و... و... ومع كل ذلك، قال هونج شين فو، الأستاذ بجامعة «شينج كونج» التايوانية، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن إلغاء زيارة بيلوسى سيكون انتصارًا للصين وسيُظهر أن تحذيراتها أتت بالنتيجة المرجوة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مسئولين أمريكيين أعربوا عن مخاوفهم، حال قيام رئيسة مجلس النواب بزيارة تايوان، من إمكانية وقوع حادث كذلك الذى حدث منذ عقدين، عندما اصطدمت طائرة تابعة للقوات الجوية الصينية بطائرة تجسس أمريكية وأسقطتها، وسببت حرجًا بالغًا لإدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج دبليو بوش.