الشرطة.. والحركة
فى مثل هذا التوقيت من كل عام يترقب أبناؤنا من رجال الشرطة الحركة السنوية التى قد يترتب عليها تصعيد البعض منهم أو نقلهم إلى مواقع أخرى أو انتهاء خدمة البعض الآخر بعد أن أوفوا العطاء خلال سنوات خدمتهم .. ولاشك أن أى قرار يتخذ فى هذا الشأن يتم استقباله بصورة مختلفة عن الآخر.. فالمؤكد أن هناك من هو سعيد، وهناك من هو يترقب مهام موقعه الجديد، وبالطبع فإن من انتهت خدمته لن يكون سعيدًا إلا اذا كان مقتنعًا بأنها سُنة الحياة، وأن التغيير وارد ومطلوب، بل هو مذكور فى القرآن الكريم إذ قال الله تعالى فى سورة البقرة "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" صدق الله العظيم.
إنه قانون استمرار الحياة فلابد من التنافس الذى يخلق الإبداع وهو الذى يطلق طاقات البشر ويكون سببًا للبناء ووسيلة للنمو.. ومن هنا فلابد لنا أن نقبل ونرضى بدفع الله لنا مع غيرنا ليستكملوا مسيرة العمل والجهد والعطاء ولكن بفكر مختلف وأساليب مبتكرة تحقق فى النهاية غاية الأمن والسلام فى ربوع الوطن.
أما اذا نظرنا بشكل موضوعى لحركة تنقلات وترقيات الشرطة هذا العام لوجدنا أن هناك توجهًا حقيقيًا لتصعيد القيادات الشابة القادرة على الحركة والعطاء، خاصة فيمن تم تعيينهم فى منصب مديرى الأمن ونوابهم ومساعديهم، حيث تم اختيار من لديهم القدرة على استكمال مسيرة تطوير العمل الأمنى وفق استراتيجية الوزارة خلال المرحلة القادمة التى بلا شك سيكون بها العديد من المتغيرات فى أساليب ونوعية الجرائم وهو ما نشاهد إرهاصاته حاليًا من أساليب عنف ودموية فى الجرائم الجنائية، وأخرى تتسم بالذكاء والطرق الاحتيالية فى ارتكاب أنواع أخرى من جرائم الاستيلاء على المال العام وتهريب المخدرات إلى داخل البلاد وهى جرائم لاشك أنها تؤثر على سلوكيات وصحة المجتمع بصفة عامة والشباب بصفة خاصة.. كما أن توجهات الوزارة بل والدولة بتطوير المؤسسات العقابية إلى مراكز للإصلاح والتأهيل يجعل من الواجب اختيار عناصر متميزة من ضباط الشرطة قادرة على تطبيق المعايير والقوانين الخاصة بحقوق الإنسان وفق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال شهر سبتمبر 2021 والتى تتضمن ضرورة إعادة النظر فى الفلسفة العقابية حتى يمكن ان تخرج لنا مراكز الإصلاح والتأهيل المشار اليها عناصر صالحة لخدمة المجتمع تسير وتساير حركة التطور التى تشهدها البلاد حاليًا على كل الأصعدة.
وفى هذا الإطار أيضًا يجب ألا نغفل عن تلك السياسة الحكيمة التى تتبعها الوزارة بالنسبة لطلبة كلية الشرطة، حيث يتم تقسيم وتخصيص الطلبة منذ السنة الثالثة على أعمال المرور والأمن العام والأمن المركزى والحماية المدنية، وهو الأمر الذى جعل هناك قدرًا من السهولة فى تطبيق المعايير الموضوعية فى تنقلات الضباط حديثى التخرج وفقًا لما تم تدريبهم عليه قبل تخرجهم وهو ما جعل هناك حالة من التوقع والارتياح بينهم وتقبل لما جاء فى حركة التنقلات بشأنهم.
وتجدر هنا الإشارة والإشادة برؤية الوزارة فى الإبقاء على بعض قيادات الشرطة من ذوى الخبرات التراكمية والنجاحات الملموسة التى تحققت من خلال توجيهاتهم والتى نشعر بها جميعًا، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الجرائم الإرهابية وأعمال العنف والتخريب والقضاء على العديد من العناصر المتطرفة، بل والقبض على بعض كوادر تنظيم داعش المختبئين فى أماكن يصعب الوصول إليها بسهولة فى جبال ووديان محافظة سيناء، ومن هنا كان من الضرورى والمنطقى استمرار ذلك النهج والأسلوب الناجح من خلال قيادات متميزة بجهاز الأمن الوطنى يشهد لها الجميع بالحفاظ على مناخ الأمن والاستقرار.
اعلم جيدًا تلك المعاناة التى يشعر بها القطاع المسئول عن حركة الترقيات والتنقلات السنوية لضباط الشرطة وذلك نتيجة المطلوب منهم من مراعاة العدالة والمساواة وتطبيق المعايير الموضوعية التى تهدف إلى وضع الرجل المناسب فى الموقع المناسب لتحقيق الأهداف المرجوة من ذلك، وبطبيعة الحال فإن إرضاء البشر غاية لا تدرك ولكن هذا قدرهم وهذه أسباب معاناتهم.
واليوم وقد استقر جميع الضباط فى مواقعهم الجديدة أود ان أقول لهم إن أمن البلاد وتأمين العباد أمانة فى أعناقهم، وهم بلا شك جديرون لتحمل هذه الأمانة وإن ثقة قيادة الوزارة فى اختيارهم تجعلهم لا يبخلون بأى جهد أو وقت للتأكيد على هذه الثقة.. وأن المرحلة القادمة التى يمر بها الوطن لاشك أنها مرحلة صعبة نظرًا للظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم التى لها انعكاسات على الداخل المصرى.. كما أن محاولات أهل الشر فى إحداث الفتنة والوقيعة والإرهاب لن تنتهى.. والجريمة أيضًا لن تنتهى بل بالعكس ومن هنا فإن عليهم تحمل المسئولية واستكمال مسيرة النجاحات التى حققها زملاؤهم وقياداتهم الذين أوفوا العطاء.
وإلى من انتهت رسالته على خير أوجه له الدعوة لاستقبال حياة جديدة مختلفة يجب أن يتقبلها بصدر رحب ويتعايش مع الواقع الجديد وأن يحاول أن يستمر فى العطاء فى مجالات أخرى من مجالات الحياة، وأن يكون فخورًا لما قدمه لوطنه خلال سنوات خدمته، وأن يكون على ثقة بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
وإلى السيد وزير الداخلية أقول أعانك الله على ما حملت أنت ورجالك الأوفياء لتحقيق رسالة الأمن والأمان.. ستكمالًا ودعمًا لمسيرة البناء والرخاء التى يقودها بكل الحكمة والإيمان والتصميم والرشد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وتحيا مصر.