بايدن وشى.. مكالمة خامسة!
وسط توتر فى العلاقات بين البلدين بسبب ملف تايوان وأزمة أوكرانيا، جرت، أمس الأول الخميس، المكالمة التليفونية الخامسة بين الرئيسين الأمريكى والصينى، جو بايدن وشى جين بينج، التى استمرت ساعتين و٢٠ دقيقة، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئول أمريكى، طلب عدم ذكر اسمه، أن الرئيسين اتفقا فى نهايتها على تنظيم أول «قمة حضورية»، أو وجهًا لوجه، تجمع بينهما منذ تولى بايدن الحكم.
الجدول اليومى للرئيس بايدن الذى أعلن عنه البيت الأبيض، صباح الخميس، لم يشر إلى تلك المكالمة التليفونية، ما يوحى بوجود قلق من احتمال رفض الصين إجراء الاتصال. وما قد يدعم ذلك أيضًا هو أن جون كيربى، منسق مجلس الأمن القومى للاتصالات الاستراتيجية، حين سُئل، مساء الأربعاء، فى مؤتمر صحفى بالبيت الأبيض، لم يحدد موعدًا، مكتفيًا بالإشارة إلى أن الاتصال سيكون خلال الأيام المقبلة.
تهدد بكين منذ أيام بـ«رد فعل حازم وقوى» إذا قامت نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى، بزيارة تايوان، التى يفصلها شريط ضيق من المياه عن البر الصينى. ومع أن المسئولين الأمريكيين يزورون الجزيرة بشكل متكرر، إلا أن الصين ترى زيارة بيلوسى، استفزازًا كبيرًا. خاصة لأنها تتزامن مع الاحتفالات بالذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الجيش الصينى، إضافة إلى أنها الزيارة الأولى لمسئول بهذا الحجم، بعد زيارة نيوت جينجريتش، رئيس مجلس النواب الأسبق، للجزيرة، سنة ١٩٩٧، أى منذ ربع قرن بالتمام والكمال!.
وكالة أنباء الصين الجديدة ذكرت أن الرئيس الصينى قال لنظيره الأمريكى إن «الذين يلعبون بالنار سيحرقون أنفسهم»، معربًا عن أمله فى «أن يدرك الجانب الأمريكى هذا الأمر تمامًا». وفى بيان صدر بعد المكالمة، قال البيت الأبيض إن الرئيس بايدن شدّد على أن سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان لم تتغير، وأنها تعارض بقوة الجهود الأحادية الجانب لتغيير الوضع القائم. ووصف المكالمة بأنها جزء من جهود الإدارة للحفاظ على خطوط الاتصال وتعميقها مع الصين لإدارة الخلافات بشكل مسئول والعمل معًا حيث تتوافق المصالح.
الواضح هو أن خطوات الولايات المتحدة بشأن تايوان تتناقض مع تصريحاتها عن تمسكها بمبدأ «الصين الواحدة». كما أن التحذير، القلق، الخوف أو الرعب، من تنامى نفوذ الصين، بات على رأس الموضوعات التى يتناولها كبار مسئولى الإدارة الأمريكية. ولعلك تتذكر أن بايدن أطلق هذا التحذير فى خطابه الأول أمام الكونجرس ودعا إلى ضرورة مواجهته لـ«الفوز بالقرن الحادى والعشرين». وربما استوقفك أيضًا اختلاط تصفيق النواب الجمهوريين والديمقراطيين، لدى تعهّده بالحفاظ على وجود عسكرى قوى فى المحيط الهادى. كما لم تمر أسابيع على قيام الولايات المتحدة وباقى دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، بالإعلان، أو بتكرار الإعلان، فى قمتهم السنوية بالجنوب الألمانى، عن برنامج أو مشروع ضخم للاستثمار فى البنى التحتية للدول النامية، يهدف، بشكل واضح، إلى مواجهة مبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
يمكنك أن تضيف إلى كل ما سبق، حملات التضليل أو التوريط، التى تقوم بها وسائل إعلام أمريكية وبريطانية، ضد الصين، والتحذيرات أو الإنذارات الأمريكية والغربية، بشأن موقفها من الأزمة الأوكرانية. إذ لا تزال بكين تعارض استخدام «العقوبات غير المشروعة التى يفرضها جانب واحد دون تفويض دولى»، وسبق أن أكدت، فى بيان، أنها ستواصل التعاون التجارى المعتاد مع روسيا بروح الاحترام والمساواة والمنفعة المتبادلة. وقبل ذلك، نصت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية واسعة النطاق، التى وقعها رئيسا البلدين فى ٤ فبراير الماضى، على أن البلدين يدعمان المنظومة التجارية متعددة الأطراف، ويعارضان أى إجراءات أحادية الجانب.
.. وأخيرًا، نرى أن الإدارة الأمريكية تجتهد لإثبات أن صعود الاقتصاد الصينى لم يكن نظيفًا، وتحاول تقويض أى دور محتمل لبكين فى الشئون الدولية. وما يعنينا فى الأمر هو أن الصين، قامت بهدوء وثبات، ببناء نمط جديد من العلاقات مع دول منطقة الشرق الأوسط، قائم على الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين، مع تقديمها السلام التنموى على المفهوم الغربى للسلام، والتركيز على تقديم المساعدات الاقتصادية، التى تشتد حاجة دول المنطقة إليها، بدلًا من تصدير أفكار غير ملائمة.