مصر والهند والطاقة المتجددة
مع اعتزام الاتحاد الأوروبى إطلاق شراكة مع مصر فى قطاع الهيدروجين الأخضر، وبعد تأكيد أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، منتصف الشهر الماضى، على أن مصر لديها كل الإمكانات لكى تكون رائدة فى إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة وتصديرها، قامت الحكومة المصرية، أمس الأول الأربعاء، بتوقيع مذكرة تفاهم مع إحدى أهم الشركات الهندية الرائدة فى هذا المجال، لإنشاء مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات قيمتها ٨ مليارات دولار.
عقب انتهاء مراسم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الحكومة المصرية وشركة «رى نيو باور برايفت ليمتد»، عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا مع سومانت سينها، رئيس مجلس إدارة الشركة، والوفد المرافق له، بحضور أجيت جوبيته، سفير الهند بالقاهرة، والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والمهندس يحيى زكى، رئيس «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، وأيمن سليمان، المدير التنفيذى لـ«صندوق مصر السيادى»، والوزير المفوض التجارى يحيى الواثق بالله، رئيس جهاز التمثيل التجارى.
مع استعراضه جهود الحكومة لتحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، تطرق رئيس مجلس الوزراء، خلال الاجتماع، إلى قيام مصر مؤخرًا بتحديث مساهماتها الوطنية فى مجال مواجهة تغير المناخ، مؤكدًا عزمها التوسع فى إنتاج الهيدروجين الأخضر والاستفادة من الاهتمام العالمى نحو التحول لاستخدامات الطاقة النظيفة. كما أشارت وزيرة التخطيط إلى ما توليه الحكومة من اهتمام بتوطين صناعة المكونات المرتبطة بالطاقة الجديدة والمتجددة، واستعرضت الحوافز، التى أطلقتها الحكومة المصرية، لتشجيع الاستثمارات الخاصة فى هذا المجال، والشراكات التى يمكن أن تتم من خلال صندوق مصر السيادى.
فى المقابل، تحدث رئيس مجلس إدارة الشركة الهندية عن حجم أعمال الشركة فى السوق الآسيوية، موضحًا أنها تحظى بحصص سوقية كبيرة ولديها طلبات متزايدة من كيانات عديدة لاستيراد الهيدروجين الأخضر. وأكد أن مصر لديها فرص جيدة للاستفادة من زيادة الطلب العالمى، ويمكنها أن تصبح نموذجًا يحتذى به فى هذا المجال. وبعد إشادته بحركة التنمية الملحوظة التى تشهدها مصر وتوجيه الشكر للحكومة على التعاون ودعمها القطاع الخاص، أعرب عن تطلعه لتوقيع المزيد من اتفاقيات التعاون، بالتزامن مع الرئاسة المصرية لـ«كوب ٢٧»، أو الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ.
كنا قد توقفنا، أمس، أمام التعاون المصرى الهندى بمناسبة اجتماعات الدورة الخامسة لـ«اللجنة التجارية المصرية الهندية المشتركة»، فى القاهرة، وأشرنا إلى أن الدكتور سريكار ريدى، أمين عام وزارة التجارة والصناعة الهندية، أكد حرص بلاده على استغلال اللجنة المشتركة فى توطيد أواصر التعاون فى المجالات القائمة واستكشاف مجالات جديدة ذات أهمية مشتركة لكلا البلدين. كما نقلنا تأكيد نيفين جامع، وزيرة الصناعة والتجارة، التى شهدت توقيع محضر فعاليات اللجنة المشتركة، على أهمية تفعيل دور «مجلس الأعمال المصرى الهندى» والاستفادة من الفرص الاستثمارية والمقومات الكبيرة للبلدين، وترجمتها إلى مشروعات تعاون تسهم فى توفير فرص عمل وزيادة معدلات النمو الاقتصادى المصرى والهندى.
إلى ما سبق، يمكنك إضافة أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية الدولية الراهنة عجّلت بتبنى الدول والشركات الكبرى مشروعات الطاقة النظيفة. وعليه، يعتزم الاتحاد الأوروبى، كما أشرنا، إطلاق شراكة مع مصر فى قطاع الهيدروجين الأخضر، كما يعمل «البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية»، على مساعدة الحكومة المصرية فى تطوير استراتيجيتها الخاصة بهذا الشأن، وقام بوضع جدول زمنى للإطار القانونى للمشروعات، التى جرى التوقيع على مذكرات تفاهم بشأنها، ومن المقرر أن يتم توقيع العقود الملزمة خلال قمة تغير المناخ، كوب ٢٧، فى نوفمبر المقبل، على أن تبدأ سنة ٢٠٢٥ المراحل الأولى لإنتاج الوقود الأخضر بهذه المشروعات.
.. وتبقى الإشارة إلى أن جهود توطين صناعة الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، هى جزء من رؤية أشمل تستهدف الاستغلال الأمثل لمقومات المنطقة، والاستفادة من موقعها الاستراتيجى على جانبى الممر الملاحى الأهم فى العالم، وبوابة ربط القارة الإفريقية بآسيا وأوروبا.