دراسة توضح العلاقات المصرية الصومالية كركيزة لأمن القرن الإفريقى
نشر المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "العلاقات المصرية الصومالية كركيزة لأمن القرن الإفريقي"، للباحث محمد فوزي، والتى تناولت المباحثات التي عقدت في القاهرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، والتي شهدت تركيزًا واضحًا على الأوضاع والتطورات الإقليمية، وملف سد النهضة، والأمن في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، وهو مؤشر عكس أولوية التنسيق الأمني بالنسبة للدولتين، وذلك في ضوء حالة التأزم التي تشهدها المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، إثر تفاقم الصراعات السياسية والطائفية، وتنامي حضور التيارات الإرهابية، إلى جانب احتدام التنافس الدولي على الحضور فيها.
وأوضحت الدراسة، أنه عكس مضمون وطبيعة المحادثات الثنائية وما تمخض عنها من مواقف معلنة اتفاق الطرفين المصري والصومالي على إيلاء الأولوية في المرحلة المقبلة للتعاطي بفاعلية مع التحديات التي تواجه منطقة القرن الإفريقي، خصوصًا ذات الطبيعة الأمنية؛ لكون هذه التحديات تهدد أمن القارة الإفريقية ككل، والأمن القومي للدولتين، وانطلاقا من قواعد "المفهوم الشامل للمواجهة"؛ إذ لم يفصل الرئيسان بين البعدين الأمني والتنموي في عملية المواجهة، وكذا أولوية الحد من التدخلات الخارجية وتقليل حدة تأثيرها على التفاعلات في المنطقة، وهو ما تجسد في التأكيد على أولوية وضع الخطط الخاصة بأمن البحر الأحمر من قبل الدول المشاطئة له.
وقالت الدراسة، إنه يمكن القول إن الحضور المصري في القارة الإفريقية ككل، وفي منطقة القرن الإفريقي على وجه التحديد، شهد فاعلية وزخما كبيرا منذ العام 2014، وذلك بعد سنوات من الغياب عن هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة إثر العديد من الأبعاد.
وأشارت الدراسة، إلى أن الحضور والفاعلية المصرية يرتكز على عدد من المحددات والثوابت، وذلك على النحو التالي، عبرت سياسات الدولة المصرية إزاء منطقة القرن الإفريقي منذ العام 2014، وكذا المباحثات التي جرت بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس حسن شيخ محمود، عن تغيرات كبيرة في نمط وطبيعة تفاعل مصر مع قضايا المنطقة؛ إذ انتقلت مصر من فكرة الاهتمام بملف واحد "ملف الأمن المائي" إلى تبني مقاربة شاملة تضع في الحسبان كل التحديات والمتغيرات التي تواجه المنطقة، خصوصًا وأن هذه التحديات تهدد الأمن القومي المصري بشكل أو بآخر.
وأوضحت الدراسة، أنه تنظر الدولة المصرية إلى الصومال بوصفه شريكا استراتيجيا على مستوى مواجهة تحديات منطقة القرن الإفريقي؛ وذلك انطلاقًا من الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية الكبيرة للصومال، وكذا العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين.
وتابعت: “إنه يعد الصومال بحكم موقعه الجغرافي واحدًا من الدول المهمة الرئيسية المشاطئة للبحر الأحمر، وهو الأمر الذي أكسبه أهمية جيوسياسية متزايدة، ومع التهديدات الأمنية الكبيرة التي تواجهها الدولة الصومالية- خصوصًا مع تنامي أنشطة حركة الشباب الإرهابية، وسعيها إلى تكرار نموذج طالبان أفغانستان "أشار إلى ذلك نائب رئيس الحركة في تصريحات في يونيو 2022"- فإن ذلك يمثل تهديدا كبيرا لتماسك ووحدة الدولة الصومالية، وبالتالي تهديدا لأمن البحر الأحمر، وهو الممر البحري الذي يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للدولة المصرية، وهي عوامل عززت من الحاجة إلى زيادة التنسيق الأمني بين الجانبين.
ونوهت الدراسة، إلى أنه يمثل ملف الأمن المائي لمصر والسودان إحدى القضايا الرئيسة بالنسبة لصانع القرار المصري والدولة المصرية حكومةً وشعبًا. ومع النهج الإثيوبي المتعنت في هذا الصدد، تتبنى الدولة المصرية استراتيجية تقوم على "الصبر الاستراتيجي" سعيًا إلى تجنيب المنطقة أي سيناريوهات قد تزعزع الاستقرار والأمن، وتسعى في الوقت ذاته إلى التنسيق مع الدول الإفريقية خصوصًا الفاعلة منها في هذا الملف، وعلى رأس هذه الدول الصومال، بما يدفع باتجاه الضغط من أجل موقف إفريقي يقوم على أولوية الوصول لاتفاق ملزم لكل الأطراف، ويراعي الأمن المائي لمصر والسودان.
واختتمت الدراسة، مؤكدة أن زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى القاهرة تُمثل فرصة كبيرة لتعزيز التعاون المصري الصومالي على كل المستويات في المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء الأولوية التي توليها مصر في السنوات الأخيرة لعمقها الإفريقي، الأمر الذي يتطلب ترجمة هذه الإرادة السياسية المتوافرة إلى آليات عملية خصوصًا على المستوى الأمني، بما يضمن الدفع باتجاه مواجهة كل التهديدات الأمنية في المنطقة.