وزير شئون القدس: السيسى هو القائد الذى يجمع العرب نحو الدفاع عن القضية الفلسطينية
تمر القضية الفلسطينية بأوقات صعبة فى الفترة الحالية، وهو ما أدركه الزعماء العرب وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، لذا ركزوا عليها بصورة كبيرة خلال تحركاتهم الأخيرة، وعلى رأسها قمة جدة للأمن والتنمية بحضور الرئيس الأمريكى جو بايدن.
وأظهر الرئيس السيسى، فى هذه القمة، دعمًا كبيرًا للقضية الفلسطينية، ووضع العالم بأسره أمام مسئوليته، محذرًا إياهم من أنه لا سبيل لتسوية كل أزمات المنطقة دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
واتصالًا بهذه التحركات والجهود، يزور القاهرة حاليًا وزير شئون القدس، فادى الهدمى، الذى التقته «الدستور» فى حوار خاص، للتعرف على تطورات القضية الفلسطينية عقب زيارة الرئيس الأمريكى، وتطورات الأوضاع فى المدينة المحتلة، وغيرها من التفاصيل فى السطور التالية.
■ بداية.. ما موقف السلطة الفلسطينية من زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى المنطقة قبل أسبوعين؟
- زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن مهمة، وجاءت فى وقت صعب تمر به القضية الفلسطينية، والرئيس محمود عباس أكد له الحق الفلسطينى الواضح فى إقامة الدولتين، وإعلان القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، إلى جانب إعادة فتح القنصلية، ونتطلع إلى ترجمة هذا الموقف الأمريكى فعليًا على الأرض.
وإعادة فتح القنصلية تحديدًا فى غاية الأهمية لدلالاتها الدبلوماسية، فهذه القنصلية التى تم افتتاحها عام ١٨٤٨، وكانت تقود الجهد الدبلوماسى، تؤكد أن القدس الشرقية هى أراض محتلة وفقًا للقانون الدولى، وبالتالى الطلب الفلسطينى حقيقى يحاكى الواقع، ونتطلع من الإدارة الأمريكية تنفيذ كل الوعود التى قطعتها على نفسها.
■ هل يمكن لهذه الزيارة تغيير الوضع بالنسبة للقضية الفلسطينية؟
- نأمل من الإدارة الأمريكية أن تكون جهة ضاغطة لوقف كل التوسع الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية، ووقف هدم المنازل فى القدس، ووقف السياسات الإسرائيلية فى المسجد الأقصى، وهى سياسات خطيرة جدًا أوصلتنا إلى مرحلة متقدمة من التقسيم الزمانى والمكانى، وعندما يُطرَد المسلمون وتُستفز مشاعرهم والعرب فى كل مكان، فهذا أمر خطير جدًا.
لذا نتطلع أن يكون الموقف الأمريكى لاجمًا حقيقيًا لسياسات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، ومنحازًا لقرارات الشرعية الدولية ولتنفيذ القرارات الدولية، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية.
■ كيف ترى الموقفين العربى والدولى تجاه القضية الفلسطينية؟
- الموقف العربى هو موقف أصيل فى دعم القضية الفلسطينية، موقف لا يتغير ولا يتبدل فى دعم فلسطين وحب القدس، وكيف يتغير والقدس بمسجدها الأقصى ومقدساتها الإسلامية والمسيحية هى لكل الأمة العربية؟
ونحن كفلسطينيين وعرب لنا شرف الدفاع عن القدس، والقدس والمسجد الأقصى هما مِلك وحق لكل عربى ومسلم، لذا جاءت زيارتى إلى الجامعة العربية لتؤكد أن «بيت العرب»، ممثلًا فى شخص الأمين العام، متابع كل تفاصيل ما يجرى فى القدس، ورأينا بالفعل أن هناك متابعة حقيقية لتنفيذ كل القرارات العربية التى تدعم القضية الفلسطينية، وعلى رأسها الموقف من القدس ودعم المقدسيين.
■ وماذا عن الدور المصرى على ضوء كلمة الرئيس السيسى فى قمة جدة للتنمية والأمن؟
- موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى موقف عروبى نابع من حب فلسطين والقضية الفلسطينية والقدس، ومصر هى العمق التاريخى والمستقبلى والحالى لنا، هى الصخرة التى نستند إليها كفلسطينيين ومقدسيين، نتطلع دائمًا لها بكل عمقها وما تمثله، برئيسها وشعبها، وبكل تفاصيل التاريخ الفلسطينى المصرى المشترك.
نحن لا نتحدث عن شعارات، فعندما نتحدث عن مصر نتحدث عن ترابط مُزِج بالدم، وشهد دفع كل ما هو غال ونفيس من أجل فلسطين، وبالتالى هذا الموقف ليس غريبًا على الرئيس السيسى، القائد الذى يجمع العرب نحو القدس وفلسطين والقضية الفلسطينية.
القدس تمر بلحظات فارقة، وما يجرى هناك قد يمتد إلى كل المنطقة، ونحن نعلم أن الحرب السابقة فى غزة كان عنوانها الأقصى، وبالتالى كل ما يحدث فى القدس له انعكاس على الأمن القومى والعربى فى كل المنطقة، وسياسة الاحتلال تنافى كل القوانين والشرائع والقانون الإنسانى.
■ ما خطة الحكومة الفلسطينية لمواجهة تهويد القدس؟
- نحن أمام حالة إسرائيلية تحارب الحجر والبشر، تحارب الوجود الفلسطينى بكل تفاصيله، والحكومة الفلسطينية هى جزء من هذا الصمود، وتسخر كل الإمكانات من أجل تعزيز صمود المقدسيين، سواء القانونية أو الإنسانية، لكن القدس بحاجة إلى دعم عربى وإسلامى بكل الإمكانات الممكنة.
إسرائيل تحارب الوجود الاقتصادى فى القدس، تحارب التعليم، لذا نحن بحاجة إلى زيارة كل الأمة العربية لـ«فلسطين السجينة»، والصلاة فى المسجد الأقصى، لكن من خلال البوابة الفلسطينية، العنوان الشرعى المسئول عن المقدسات فى القدس الشرقية.
■ هل يمكن أن تتوجهوا إلى المحكمة الجنائية الدولية بشكوى ضد ما يحدث من انتهاكات فى القدس؟
- الدبلوماسية الفلسطينية تحاكى الواقع والمجريات على الأرض، وترى أن كل الخيارات مفتوحة، فنحن أمام اعتداء إسرائيلى، نحن شعب محتل يُمارَس ضدنا كل ما يخالف القانون الدولى، أصحاب حق متمسكون بالقانون الدولى وبالمنظومة الدولية. والدبلوماسية الفلسطينية فى حالة انعقاد دائم لمتابعة ما يجرى من تطورات على الأرض، من اعتداءات إسرائيلية ضد البشر والحجر، ضد كل فلسطينى فى القدس.
■ ما صحة الأنباء التى ترددت حول انهيار أجزاء من المسجد الأقصى؟
- كل ما تحت وفوق المسجد الأقصى هو مكان إسلامى، كل باحات وساحات المسجد الأقصى المبارك هى مكان خاص للمسلمين وحدهم، هناك علامات على أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مخالفة للقانون الدولى وقرارات المنظمات الدولية و«اليونسكو»، وتنفذ أعمال حفر تُعرض المسجد الأقصى لكل الخطر، وهناك منازل تصدعت بسبب هذه الأعمال فى أحياء بالبلدة القديمة منها «الكرمى» و«حوس النرسات»، لذلك نحن أمام حالة خطيرة وتدنيس خطير وخلق واقع إسرائيلى وتاريخ مزيف، ومزاعم لا علاقة لها بالتاريخ ولا الجغرافيا، فالأرض والإنسان يعبران عن عروبة وإسلامية القدس ومقدساتها.
■ وماذا عن دور منظمة «اليونسكو» فى مواجهتكم تلك؟
- هناك متابعة حثيثة مع كل أذرع الأمم المتحدة وعلى رأسها «اليونسكو»، فيما يخص تغيير المعالم والمواقع التاريخية والأثرية والحضارية فى القدس، وللمنظمة جهود خيرة فى هذا الملف، لكن نحن أمام احتلال لا يأبه بالقانون الدولى والمناشدات الدولية، لذا نطالب المجتمع الدولى بمواقف أكبر من البيانات، لأن بيانات الشجب والإدانة لا تغنى ولا تسمن من جوع مع هذا الاحتلال، على العكس تعطيه الضوء الأخضر.
فإسرائيل تعتمد على التراكمية واختبار المواقف الدولية والعربية، وتواصل ما ترغب فى فعله، قد تتمهل بعض الشىء، لكنها تمضى قدمًا فى عملية السيطرة على القدس، عاصمة فلسطين، وجعلها «جيتو» صغيرًا، تارة من خلال هدم المنازل، وأخرى من خلال الاستيطان وما يسمى «قانون التسوية»، بهدف تقليل الوجود الفلسطينى.
وتعمل إسرائيل على تحقيق هذا الهدف باللعب فى مربع «الديموغرافيا» وإحلال الإسرائيليين مكان الفلسطينيين، وتقطيع أوصال الجغرافيا، وعزل القدس عن محيطها الفلسطينى وجعلها جزءًا هامشيًا صغيرًا.
لكن أهل القدس وشباب وشابات القدس يملكون صمودًا وعزيمة لا تنتهى، هناك من يُصاب ويعتقل صحيح، لكن هناك حالة من الصفاء مع النفس فى حب القدس والدفاع عنها، ورغم كل هذه الصعوبات سيظلون صامدين ومدافعين، فى حرب مفتوحة وهجوم على البشر والحجر.
■ ما آخر تطورات أزمة حى «الشيخ جراح»؟
- الحكومة الفلسطينية تسخر كل جهدها فى الدفاع القانونى، ونحن لا نراهن على المحاكم الإسرائيلية ولا نثق فيها، لأن قرارها قرار سياسى لا يمكن وصفه إلا بأنه تطهير عرقى وفصل عنصرى، وتتضمن هذه الجهود التواصل مع الأردن من أجل توفير المستندات اللازمة التى تدعم وتساعد أهالى «الشيخ جراح» معنويًا وقانونيًا.
■ هل يمكن أن نرى تحريكًا لملف المصالحة خلال الأيام المقبلة؟
- لا يوجد فلسطينى رسمى أو شعبى لا يريد المصالحة، المصالحة أمر حتمى ويجب أن تتم، وهناك مطلب فلسطينى رسمى وشعبى بتنفيذها، وقريبًا تتكلل الجهود المصرية والعربية بنجاحات فى هذا الملف القاتم.
نحن نأمل دائمًا بإتمام المصالحة، لأنها موضوع حتمى لا يخضع للنقاش، ويجب أن يكون فلسطينيًا- فلسطينيًا بدعم عربى، وهنا يجب الإشادة بموقف مصر وتدخلاتها المستمرة فى هذا الملف، بما فيه المصلحة الفلسطينية والعربية ككل.
■ كيف رأيت استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الإعلاميين وآخرها اغتيال شيرين أبوعاقلة؟
- أعرف شيرين أبوعاقلة على المستوى الشخصى، هى صديقة وزميلة مقدسية، وموتها خسارة كبيرة، ولكن اغتيالها قرع جدار الخزان فيما يخص ازدواحية المعايير فى محاسبة القتلة، كما أنها جسدت حضور واستمرار الهوية العربية الفلسطينية بقوة.
■ أخيرًا.. كلمة توجهها للعرب وأهالى القدس من القاهرة.. فماذا تقول؟
- بالنسبة لى كمقدسى ومسئول، أقول إن هَم القدس كبير، وأهلى المقدسيون يعانون، وعندما أذهب إلى القاهرة حاملًا الهم المقدسى، أشعر بأننى بين أهلى، فمصر كما سبق أن قلت هى العمق الكبير والحامى لنا، وتمثل الكثير بالنسبة للمقدسيين، هى التاريخ والمستقبل والأمان لكل الفلسطينيين.
المقدسيون يمارسون حبهم للقدس، وهم أصحاب مواقف يترجمونها فى المسجد الأقصى وعلى أبوابه، فى البلدة القديمة، وكل مكان فى هذه المدينة الروحانية الأقرب للسماء، فنحن أمام حالة دينية روحانية فريدة عندما نقول القدس.
ولكل عربى أقول: القدس بحاجة لكل جهد، ونحن كمقدسيين لنا الشرف فى الدفاع عنها من الصفوف الأمامية، لكن نحن بحاجة لمساندة ودعم مستمر.