سياحة فضائية!
قطاع السياحة الفضائية يشهد، منذ سنوات، منافسة شرسة بين ثلاث شركات: «فيرجن جالاكتيك»، «سبيس إكس»، و«بلو أوريجين»، Blue Origin، التى قامت، إلى الآن، بإطلاق ٢١ رحلة، من بينها خمس رحلات بشرية، أو مأهولة، ضمن برنامج اختارت له اسم «شيبرد الجديد»، New Shepard، وأعلنت، الجمعة الماضى، عن أسماء المشاركين الستة فى الرحلة الثانية والعشرين، أو سادس رحلة بشرية.
اسم البرنامج يشير إلى رائد الفضاء آلان شيبرد، أول أمريكى يذهب إلى الفضاء، والثانى فى العالم، بعد الروسى يورى جاجارين، الذى احتاج إلى التدريب لمدة سنتين قبل السفر إلى الفضاء، سنة ١٩٦١، بينما أصبح بإمكان أى شخص، الآن، أن يخوض التجربة بعد يومين فقط من التدريب. وعليه، اتفقت وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية، «روسكوزموس»، ووكالة الفضاء الأمريكية، «ناسا»، على استخدام تعبير «مشارك فى رحلة فضائية»، spaceflight participant، للتمييز بين السائحين ورواد الفضاء المحترفين.
يحمل صاروخ «بلو أوريجن» ركابه إلى ما بعد خط كارمان، على ارتفاع ١٠٠ كيلومتر ويُعد الحد الفاصل بين المجالين الأرضى والفضائى بحسب المعايير المعتمدة دوليًا. وخلال الرحلة، التى لا تستغرق سوى عشر دقائق، يكون مسموحًا للركاب، أو السائحين، بأن يفكّوا أحزمة الأمان وينفصلوا عن مقاعدهم ويستمتعوا، لبضع لحظات، بحالة انعدام الوزن والنظر إلى الأرض عبر نوافذ كبيرة. ومع ذلك، يتوقع تقرير أصدره بنك «يو بى إس» السويسرى، أن يصل حجم الاستثمارات فى قطاع السياحة الفضائية إلى ٣ مليارات دولار، خلال عشر سنوات. وقيل إن شركة «فيرجن جالاكتيك» تعتزم إطلاق رحلات تجارية منتظمة، بمعدل ٤٠٠ رحلة سنويًا، كما أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، فى ٣ ديسمبر الماضى، عن تعاقدها مع ثلاث شركات، لمساعدتها فى تطوير محطات فضائية خاصة، تمكنها من تسيير رحلات تجارية.
المنافسة شرسة فعلًا. وفى أول أكتوبر الماضى، اتهم عشرون موظفًا فى شركة «بلو أوريجين» مديرهم جيف بيزوس، الذى هو نفسه مؤسس شركة أمازون، بخلق بيئة عمل «سامة»، من أجل الفوز فى السباق. وفى مقال نشرته جريدة «ديلى ميل»، أشارت ألكسندرا أبرامز، الرئيسة السابقة لاتصالات الموظفين بالشركة، إلى أن السؤال الأكثر شيوعًا فى الاجتماعات كان: «متى سيطير ماسك أو برانسون؟». فى إشارة إلى إيلون ماسك، صاحب شركة «سبيس إكس»، وريتشارد برونسون، مؤسس شركة «فيرجن جالاكتيك»، الذى طار أولًا، فى ١١ يوليو الماضى، قبل تسعة أيام من بيزوس، أما ماسك، فلم يذهب بنفسه، لكن شركته أرسلت أربعة سائحين فى ١٥ سبتمبر، بدون رائد فضاء محترف، ثم أربك الجميع، وطرحت شركته إعلانًا عن رحلة، مدتها ٤٠ دقيقة، عبر الفضاء، من مدينة نيويورك الأمريكية إلى شنغهاى الصينية!.
سبق هؤلاء جميعًا عدد من رجال الأعمال مختلفى الجنسيات، أرسلتهم وكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس»، بين ٢٠٠١ و٢٠٠٩، بينما كان الأمريكى دنيس تيتو هو أول مَن استخدم أمواله الخاصة لزيارة محطة الفضاء الدولية. ثم قام القطاع الخاص، سنة ٢٠٠٤، بتمويل رحلة «سفينة الفضاء الأولى»، Space Ship One، وبعد عقد من توقف الرحلات، عادت «روسكوزموس» إلى الساحة، وأرسلت الملياردير اليابانى يوساكو مايزاوا، لقضاء ١٢ يومًا على متن صاروخ «سويوز» من قاعدة «بايكونور» الفضائية الروسية فى كازاخستان. وفى هذا السياق، أطلقت الولايات المتحدة، فى ديسمبر ٢٠٠٥، مجموعة من القوانين الخاصة بسياحة الفضاء، تتضمن إجراءات الفحص والتدريب على حالات الطوارئ، والاشتراطات اللازمة لإطلاق الركاب أو السائحين على متن صاروخ شبه مدارى من الأراضى الأمريكية.
.. أخيرًا، ووسط هذه المعجنة، أو تلك المنافسة الشرسة، أعلنت إحدى شركات السياحة المصرية عن تنظيم ٥ رحلات إلى الفضاء، خلال ٢٠٢٢ و٢٠٢٣. وفى إعلان نشرته الشركة، قالت إنها ستمنح عملاءها، أو زبائنها، تخفيضًا قيمته ٥٠ ألف جنيه، لتصبح تكلفة الرحلة ٧ ملايين و٣٥٠ ألف جنيه، فى حين طرحت شركة «سبيس بيرسبيكتيف»، التى تقع فى ولاية فلوريدا الأمريكية، تذاكر قيمتها ١٢٥ ألف دولار فقط، أى أقل من ٢ مليون جنيه، ما يتطلب تدخلًا عاجلًا من جمعية «مواطنون ضد الغلاء» وجهاز حماية المستهلك!.