ماذا يقول الخبراء عن إذاعة إعدام قاتل نيرة أشرف؟
عادت قضية قتل الطالبة نيرة أشرف لتثير الجدل من جديد بعد مطالبة محكمة جنايات الدقهلية في حيثيات حكمها إصدار تعديل يتيح نشر وإذاعة عملية تنفيذ حكم الإعدام، ولو جزء من بداية التنفيذ.
وبررت المحكمة في طلبها هذا التوضيح التالي: "تُـنَـوِّه بمناسبة هذه الدعوى، بأنه لمَّا كان قــد شَاعَ في المُجتمع- مُـؤخرًا- ذبحُ الضحايا بغَـير ذَنبٍ جَهارًا نهارًا والمَهوسُـونَ بالمِـيديا يـَبثُون الجُـرمَ على المَلأ فيرتاع الآمنونَ خَوفًا وهَـــلعًا، وما يَـلبَث المُجتمع أن يُفجَــعْ بمثلِ ذاتِ الجُـرم من جديد، فمِـن هذا المُنطلَـقِ، ألَـمْ يأنِ للمُـشرع أنْ يَجعلَ تنفيذ العقابِ بالحَق مَشهودًا، مِثلما الدمُ المَسفوحُ بغير الحَـقِّ صَار مَشهودًا".
ففي القضية التي أثارت كافة الوسائل الإعلامية والرأي العام والتواصل الاجتماعي بعد نشرها على الأخيرة لشاب يطعن فتاة ويذبحها أمام الجامعة التي كانت متوجهة لها لأداء امتحاناتها، وتم إلقاء القبض على المتهم، وكانت المحكمة قد أصدرت في 6 يوليو الجاري، حكمها المذكور، بعد 16 يومًا فقط على وقوع الجريمة بإحالة أوراق المتهم بقتل طالبة المنصورة نيرة أشرف، للمفتي؛ لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه.
في هذا التقرير "الدستور" يوضح مدى قانونية هذا الطلب للقضية الأكثر إثارة للجدل على الساحة، وهل يجوز تنفيذه، وما تأثيره على المجتمع.
في البداية، قال الدكتور هاني سامح، المحامي، إن الحقوق العالمية للإنسان ومبادئ العقاب الحديثة تمنع تنفيذ أحكام الإعدام علانية؛ حيث كان التنفيذ العلني إحدى سمات العصور المظلمة عندما كانت تنصب المشانق والمقصلة لقطع الرءوس، كما تم مع ملك فرنسا لويس السادس عشر بكل وحشية.
وأوضح سامح، في تصريح لـ"الدستور"، أن التنفيذ العلني ربما يعود بآثار عكسية إذا كان المتهم عتيد الإجرام أو متبلد الإحساس أو ثابتا انفعاليًا ليرسم مشهدا تمثيليا لصالح تمجيده، كما تم مع صدام حسين صاحب التاريخ الوحشي في القتل والتنكيل بخصومه السياسيين.
وأشار إلى أن الحل لمواجهة الجريمة ليس في علانية الإعدام ولكن في التصدي للتسلط الذكوري وتجفيف منابع التطرف وانتهاك حقوق المرأة، مضيفًا أن ما سيتم بعد أن يصير الحكم بالإعدام نهائيًا هو رفع أوراق الدعوى فورًا إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة في ظرف أربعة عشر يومًا.
وقال المحامي إنه لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه في اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدًا عن محل التنفيذ وفق القانون، وكذلك يجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته.
وذكر أن تنفيذ عقوبة الإعدام يكون داخل السجن، أو في مكان آخر مستور، وأنه يجب أن يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة، ولا يجوز لغير من ذكروا أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة، ويجب دائمًا أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور.
وتابع: ويجب أن يتلى من الحكم الصادر بالإعدام منطوقه والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه، وذلك في مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين، وإذا رغب المحكوم عليه في إبداء أقوال، حرر وكيل النائب العام محضرًا بها، وعند تمام التنفيذ يحرر وكيل النائب العام محضرًا بذلك، ويثبت فيه شهادة الطبيب بالوفاة وساعة حصولها.
وأكد المحامي أنه وفقا للقانون لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه، وتدفن الحكومة على نفقتها جثة من حكم عليه بالإعدام، ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك، ويجب أن يكون الدفن بغير احتفال.
إذاعة حكم الإعدام تزيد من معدل الجريمة
وعلق المحامي شعبان سعيد على توصية قاضي محكمة جنايات الدقهلية بتنفيذ حكم الإعدام في العلانية، قائلًا إن هذا الأمر غير مسبوق أن تطلب المحكمة هذا الطلب، وفي رأيي أن هذا غير صحيح، وضده وضد هذا القاضي الذي لا يجب أن يفصح عما بداخله والحكم في قضيته دون أن يتأثر بالدعوى في مردودها في وسائل الإعلام.
وأوضح سعيد، في تصريحات لـ"الدستور"، أن تنفيذ حكم الإعدام بطريقة علانية سيزيد من الدماء وسيعتاد عليه المجتمع ويرفع من معدل الجريمة، بل يجب أن يُكتفى بإذاعة خبر تنفيذ حكم الإعدام على الشخص المقصود بالجريمة ويتحقق من خلاله الردع، ولكن الإجبار على مشاهدة الدماء سيؤثر على نفسية المصريين على المدى الطويل ويخلق نوعا من الفتور ويزيد من الجريمة.
وأضاف أن ضده سرعة الحكم في الجرائم لأنه من حق كل متهم أن يأخذ حقه في الدفاع، وفي النهاية تحكم المحكمة بما تراه مناسبًا، ولكن هذا لا يمنع وجود العدالة الناجزة، ولكن دون الإخلال بحق الدفاع، بحيث لا يُحرم المتهمون من حقوقهم الدفاعية.