حَمار وحلاوة.. «أم على» تبيع البطيخ للتخلص من الوحدة: «أخاف تعفن جثمانى بعد موتى»
«أخاف أن أموت وحدي، ولا يعلمون بموتي إلا عندما تفوح رائحة كريهة من منزلي»، بهذه الكلمات وبوجه حزين حفرت عليه الدموع طريقها، وكللته بثغر تعيش التجاعيد على دفتيه، بدأت كريمة عبدالحق، أو كما يطلق عليها زبائنها "أم علي"، حديثها لـ «الدستور».
مات شريكى فى الحياة.. ولم أشعر بأى حياة بعده
"أم علي" امرأة ستينية، تعيش في منطقة المنيب، التابعة لمحافظة الجيزة، قبل عشرين عامًا كانت تعيش رفقة وليفها "عادل" الذي وافته المنية، إثر إصابته بتليف في الرئتين، فأصبحت تعيش وحدها، في البداية كان الحزن رفيقها، فلم يتسرب له أي شعور آخر إلا هو، حتى وجدت نفسها تصاب بخوف من حركة الأقدام على سلم العمارة، وصوت الناس، وطرقاتهم، حسبما وصفت" كريمة" حالتها لـ«الدستور».
سلبنى الموت كل أحبابى.. فأخذ ابنى ثم زوجى
أوضحت بائعة البطيخ أن حياتها كانت سعيدة من قبل، إذ كان يعيش معها ابنها "علي"، وزوجها، لكن الموت اختار الشاب في البداية، بعد أن كانت تحلم بيوم عرسه، وأبنائه وزوجته، باتت تطلب له الرحمة من الله، وتذرف عليه الدموع، معقبة: "توفي في حادث سير بمنطقة بهتيم، وتركني أنا ووالده نصارع الحزن من بعده".
وتابعت: «لم أشعر بالوحدة إلا بعد وفاة زوجي، ليتركاني وحيدة بين أربعة جدران في شقة صغيرة بحي دار السلام، التابع لمحافظة القاهرة، خاصًة أننا كنا ارتحلنا من قرية بالمنيا عقب زواجنا، خوفًا من الثأر، الذي كان على عائلة زوجي».
بيع البطيخ والتعامل مع الزبائن يشغل يومى
أما عن بيع البطيخ، فقالت«أم علي»، لـ"الدستور": «البطيخ كان تجارة زوجي، وأصبح تجارتي مذ 10 أعوام، حينما دخلت في دوامة الوحدة قررت الفرار منها بالعمل مكان الفقيد، ونزلت السوق وأخذت البضاعة من التجار وبدأت في بيعها».
« البطيخ والتجار والزبائن هم أهلي الجدد»، كلمات عبّرت بها "كريمة" عن امتنانها للتجار والزبائن وحتى البطيخ، والتي اعتبرتهم أهلها، ورفاقها، موضحة: "أبدأ شغل الساعة 6 صباحًا، وأواصل العمل حتى الساعة الـ9 مساء، أو بعد نفاد البطيخ".
وأكدت أنها لم تعمل لطلب المال، لأن زوجها ترك لها ما يفيض عن حاجتها، لكنها خرجت للعمل حتى لا تموت وحيدة بين جدران معبد الحزن الذي عاشت فيه، مختتمة: "كل ما أحلم به هو الموت في الشارع، حتى أموت وحولي ناس".