لافروف فى إفريقيا
جولة إفريقية تستغرق خمسة أيام، يقوم بها سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، بدأها بزيارة مصر، التى وصفها فى حوار مع وكالة «سبوتنيك» وشبكة «روسيا اليوم»، الأربعاء الماضى، بأنها الشريك رقم واحد لبلاده فى القارة الإفريقية، لافتًا إلى أن روسيا حريصة على بناء شراكة شاملة مع دول القارة وستواصل الوفاء بالتزاماتها، لتزويد هذه الدول بالأغذية والأسمدة والطاقة، تأسيسًا على القرارات الاستراتيجية، التى اتخذتها القمة الروسية الإفريقية، منذ ثلاث سنوات تقريبًا.
وصل «لافروف» إلى القاهرة، صباح أمس الأحد. ونقل للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استقبله بقصر الاتحادية، رسالة من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أعرب فيها عن تقديره وتحيته للرئيس، وعن الأهمية التى توليها روسيا لاتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجى بين البلدين والمشروعات التنموية المشتركة الجارى تنفيذها. كما أشاد بوتين، فى رسالته، بمبادرة مصر لتشكيل لجنة الاتصال الوزارية العربية، سعيًا لتسوية الأزمة الأوكرانية. وفى المقابل، طلب الرئيس نقل تحياته إلى الرئيس بوتين، مثمنًا مسيرة التعاون الثنائى المتمثلة فى المشروعات الروسية بمصر، وفى مقدمتها إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية والمنطقة الصناعية الروسية فى محور قناة السويس وغيرها من المشروعات الاستثمارية والاقتصادية فى جميع القطاعات.
بدعوة من مصر، عقد مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، اجتماعًا طارئًا، فى ٢٨ فبراير الماضى، جرى خلاله الاتفاق على تشكيل مجموعة اتصال لمتابعة وإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية بهدف المساهمة فى إيجاد حل دبلوماسى. وبالفعل تشكلت المجموعة، التى ضمت وزراء خارجية مصر والعراق والسودان والجزائر والأردن، وقامت، فى ٤ أبريل، بزيارة موسكو والعاصمة البولندية وارسو، وأجرت مباحثات مع الجانبين حول سبل تخفيف حدة التوتر، لتسوية الأزمة سياسيًا والحد من تدهور الموقف، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، و... و... وكل ما يكفل عودة الحياة إلى مجراها الطبيعى.
المهم، هو أن مباحثات الرئيس ووزير الخارجية الروسى تناولت بعض الموضوعات الثنائية، فى إطار علاقات التعاون المتميزة والتاريخية التى تجمع بين البلدين فى مختلف المجالات، خاصة فى مجال توريد الحبوب والغذاء وقطاع البترول والغاز. ولدى إطلاعه على آخر تطورات الأزمة الأوكرانية ومستجدات التحركات الروسية على المستوى الدولى، شدّد الرئيس السيسى، مجددًا، على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، مؤكدًا دعم مصر جميع المساعى التى من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًا من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وطارحًا استعداد مصر دعم هذا المسار من خلال اتصالاتها وتحركاتها الدولية مع جميع القوى الفاعلة، سواء فى الإطار الثنائى أو متعدد الأطراف.
لاحقًا، وبحضور وفدى البلدين، تباحث لافروف مع شكرى، بشأن مجمل موضوعات التعاون الثنائى، وتبادلا الرؤى حول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية. وخلال المؤتمر الصحفى المشترك، الذى عقده الوزيران، عقب المباحثات، أشاد وزير الخارجية الروسى بمشاركة مصر، الشهر الماضى، فى قمة «بريكس بلس»، وأبدى ترحيبه باهتمامها بالحصول على وضع «شريك حوار» فى «منظمة شنغهاى للتعاون»، مرجحًا أن تتخذ المنظمة قرارًا بهذا الشأن خلال قمتها الجديدة المقرر عقدها فى سبتمبر المقبل.
كان الرئيس السيسى قد شارك، عبر الفيديو كونفرانس، أواخر يونيو الماضى، فى قمة «بريكس بلس»، أو جلسة الحوار رفيعة المستوى، بعد مشاركته، سنة ٢٠١٧، فى قمة «بريكس» التاسعة، وبعد أن انضمت مصر، فى ديسمبر الماضى، إلى عضوية «بنك التنمية الجديد»، الذى أنشأته دول التجمع: الصين، روسيا، البرازيل، الهند وجنوب إفريقيا، التى تمثل أكثر من ٢٠٪ من إجمالى الناتج المحلى العالمى. كما اتسعت دائرة التعاون، بعد القرارات الاستراتيجية وحزمة الوثائق والاتفاقات التجارية ومذكرات التعاون فى المجالات المختلفة، التى جرى توقيعها خلال القمة الروسية الإفريقية، التى استضافها منتجع سوتشى، فى أكتوبر ٢٠١٩، برئاسة الرئيسين السيسى وبوتين، وحضرها أكثر من ٤٠ رئيس دولة وحكومة إفريقية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية الروسى، الذى يزور خلال جولته الإفريقية إثيوبيا وأوغندا وجمهورية الكونغو، أعرب عن تقدير بلاده موقف الدول الإفريقية المتوازن من الأزمة الأوكرانية. وقال إن الدول التى لم تخضع للضغوط الخارجية غير المسبوقة، ولم تنضم إلى العقوبات ضد روسيا، تستحق الاحترام العميق.