حوار بيترسبرج للمناخ
برئاسة مصرية ألمانية مشتركة، تبدأ صباح اليوم الإثنين، فى العاصمة الألمانية برلين، فعاليات الدورة الثالثة عشرة لـ«حوار بيترسبرج للمناخ»، إحدى المحطات الممهدة لقمة الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، التى تستضيف مدينة شرم الشيخ دورتها السابعة والعشرين، «كوب ٢٧»، فى نوفمبر المقبل.
غادر الرئيس السيسى مدينة جدة السعودية، مساء السبت، إثر مشاركته فى «قمة جدة للأمن والتنمية»، وبعد ساعات قليلة، قضاها فى القاهرة، توجه إلى برلين، استجابة لدعوة المستشار الألمانى أولاف شولتز، لكى يترأسا معًا هذا الحوار، أو المؤتمر، الذى أقيمت دورته الأولى سنة ٢٠٠٩، فى قصر بيترسبرج، القريب من مدينة بون، ثم انتقل، بدءًا من دورته الثانية، إلى العاصمة الألمانية، لكنه احتفظ باسم القصر أو الفندق، الذى بدأ بناؤه سنة ١٨٨٨ وتم افتتاحه فى ١٨٩٢، و... و... وجرت مصادرته بعد الحرب العالمية الثانية، ليكون مقر إقامة المفوضين الساميين للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وشهد توقيعهم مع المستشار الألمانى الأول كونراد أديناور، على اتفاقية بيترسبرج، فى ٢٢ نوفمبر ١٩٤٩، التى قضت بأن تظل ألمانيا بدون قوات مسلحة من أى نوع، وبأن تدعم عمل سلطات الاحتلال فى هذا الصدد.
اللافت أن الأزمة الروسية الأوكرانية أجبرت الحكومة الألمانية على تشغيل ١٦ محطة طاقة تعمل بالفحم والنفط، كانت خامدة، وتمديد إذن التشغيل لـ١١ محطة أخرى. غير أن المستشار الألمانى يُصر على أن ألمانيا لا تزال ملتزمة بإنهاء انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بحلول سنة ٢٠٤٥، وأكد فى مقطع فيديو، أمس الأول السبت، أن حكومته لا تزال ملتزمة بفعل «كل شىء» لمكافحة أزمة المناخ!.
علامة التعجب من عندنا، وسببها أن الاتحاد الأوروبى كان قد أطلق نهاية ٢٠١٩، ما وصفه بـ«الصفقة الخضراء»، التى قال إنها تهدف إلى تأسيس «اقتصاد دائرى» يحافظ على التوازن بين عناصر الطبيعة، ويضع حدًّا للتلوّث، على مرحلتين، تمتد الأولى عشر سنوات، بتكلفة مليار يورو سنويًا، لتمويل برامج تؤدى إلى تخفيض انبعاثات الكربون إلى النصف بحلول سنة ٢٠٣٠، التى تبدأ معها المرحلة الثانية، الهادفة إلى تحقيق اقتصاد خالٍ كليًا من الانبعاثات المسببة لتغيُّر المناخ قبل منتصف القرن الجارى.
المهم، هو أن حوار، أو مؤتمر، بيترسبرج فرصة للتشاور والتنسيق بين الدول الفاعلة على صعيد جهود مواجهة تغير المناخ، وتأتى دعوة مصر لرئاسته المشتركة، تقديرًا لدورها الحيوى، الذى تقوم به فى إطار مفاوضات تغير المناخ على مدار السنوات الثمانى الماضية. وهنا تكون الإشارة مهمة إلى أن الرئيس السيسى كان قد شدّد، فى كلمته أمام «قمة جدة»، على أن منطقتينا العربية والإفريقية تعدّان أكثر مناطق العالم تضررًا من الآثار السلبية لتغير المناخ، التى انعكست على الأمن الغذائى وأمن الطاقة والمياه، والسلم المجتمعى والاستقرار السياسى، وجدّد تأكيده على أن ذلك يوجب التوافق حول رؤية شاملة لدعم الدول العربية والإفريقية، ورفع قدرتها على التكيف مع تلك الآثار السلبية، بتكثيف التمويل ودعم الاستثمارات فى الطاقة المتجددة.
أيضًا، جاء فى البيان المصرى الأمريكى المشترك، الذى صدر عقب لقاء رئيسى البلدين الثنائى، أن الولايات المتحدة ترحب برئاسة مصر لـ«كوب ٢٧»، وبقيادتها لتسريع الطموح والعمل العالمى لمعالجة أزمة المناخ، وبتقديمها مساهمتها المحدثة المحددة وطنيًا، أو الاستراتيجية المصرية للتغير المناخى. ولمواصلة جهود مواجهة التغير المناخى، ولتحويل هذا التحدى إلى فرصة حقيقية للتنمية والانتقال إلى أنماط اقتصادية خضراء أكثر استدامة لصالح شعوب الأرض جميعًا، أعرب الرئيس عن تطلعه إلى استقبال القادة المشاركين فى «قمة جدة»، بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل. وطبعًا، سيكرر توجيه الدعوة نفسها للمشاركين فى «حوار بيترسبرج»، الذى سيشهد، كالعادة، مباحثات تمهيدية وتوافقات بشأن قمة المناخ المقبلة.
.. أخيرًا، ولأن مصر وألمانيا تحتفلان هذا العام بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، نتمنى ألا تلتفت أنالينا بربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، وزميلتها جينيفر مورجان، وزيرة الدولة، المبعوثة الخاصة لتدابير المناخ الدولية، إلى تلك الرسالة، التى وجهتها إليهما عدة منظمات، تحت مستوى الشبهات، والتى تطالبهما باستغلال الحوار أو المؤتمر، غير الرسمى، للتدخل «علنًا وبشكل خاص»، فى شئون مصر الداخلية