عبدالهادى القصبى: نجاح الحوار الوطنى مرهون برفع المصلحة العامة فوق أى مصالح حزبية أو سياسية.. والبداية «مبشرة جدًا»
- ينبغى تقديم «قضايا الشعب» على الملف السياسى فى الحوار الوطنى
- أعددنا دراسة كاملة حول «التوعية».. ومستعدون لتقديمها فى المناقشات
- الأولوية لقضايا الوعى ومضاعفة الإنتاج والصادرات ومواجهة الزيادة السكانية
وصف الدكتور عبدالهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة وذوى الإعاقة بمجلس النواب، الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى وعقدت جلسته الأولى قبل أيام- بأنه فرصة تاريخية للوصول إلى توافق شعبى حول كل ما يؤثر على الدولة فى الداخل والخارج. وشدد «القصبى»، فى حواره مع «الدستور»، على ضرورة تقديم الملفات المتعلقة بالشعب على الملف السياسى فى أولويات المناقشة بالحوار الوطنى، وعلى رأسها قضايا الوعى وزيادة الإنتاج ومضاعفة الصادرات ومواجهة الزيادة السكانية. واعتبر أن الجلسة الأولى لمجلس أمناء الحوار الوطنى دليل على أننا أمام حوار حقيقى وفعلى وليس مجرد «فضفضة»، مطالبًا جميع المشاركين بأن يكونوا على قدر المسئولية، ويرفعوا المصلحة العامة فوق أى مصلحة حزبية.
■ كيف ترى دعوة الرئيس السيسى إلى الحوار الوطنى؟
- الحوار الوطنى فرصة تاريخية للوصول إلى توافق بين الفصائل والكتل السياسية والأحزاب وكل الفاعلين فى الشارع، وبالتالى تحقيق توافق مجتمعى وشعبى حول كل ما يؤثر على الدولة، داخليًا وخارجيًا، والعمل على دعمها فى قراراتها جميعًا.
والحوار الوطنى يمهد الطريق إلى الجمهورية الجديدة بشراكة وطنية خالصة، ويؤسس لمساحات مشتركة بين مختلف الأطياف فى المجتمع، ويسهم فى وضع رؤى وأفكار ومقترحات للقضايا والتحديات الراهنة، كما أنه يمثل محطة فارقة فى المسار السياسى للدولة، ويعزز فرص التعايش والتوافق.
لذلك لا بد أن يكون الجميع عند حسن الظن وعلى قدر هذا الحدث المهم، الذى يمكن من خلاله رسم خارطة طريق للمستقبل، إذا ما أحسن الجميع استغلاله، ورفعوا المصلحة العامة فوق أى مصالح حزبية أو سياسية، وأعتقد أن البداية كانت مبشرة جدًا، وأن هناك إعدادًا جيدًا جدًا للحدث.
■ ما توقعاتك لسير فعاليات الحوار بعد عقد جلسته الأولى؟
- سيكون نقطة فاصلة فيما هو قادم، والباب مفتوح أمام الجميع لتقديم ما لديهم من أفكار تغير وتؤسس لمستقبل أفضل، وهو ما عكسته الجلسة الأولى لمجلس أمناء الحوار الوطنى، التى حملت رسائل قاطعة ومطمئنة للشارع، على رأسها أنه لا مكان لمن مارس عنفًا، وهو دليل قوى على أن الدولة لا تنسى حق أبنائها، ولا يمكنها أن تعطى فرصة لمن حملوا سلاحًا فى وجه المصريين.
وأثمن ما صدر من مخرجات ونتائج عن الجلسة الأولى لمجلس أمناء الحوار الوطنى، وفى مقدمته إصدار اللائحة المنظمة لعمل مجلس الأمناء ولجان وفعاليات الحدث، والتى عكست وجود توافق تام، فلم يحدث اختلاف واحد حول أى من بنود هذه الوثيقة التى تتضمن ١٩ مادة.
كما تم إصدار مدونة السلوك والأخلاقيات للحوار الوطنى، وغيرها من الأمور التنظيمية، والتى خرجت على أعلى مستوى، وتؤكد أننا أمام حوار حقيقى وليس مجرد دردشة أو فضفضة، كما تؤكد أن الجميع على قدر الحدث.
■ إذن.. هل ترى أنه تم الإعداد الجيد للحوار الوطنى؟
- نعم.. اتضح هذا فى مجموعة من الخطوات الجادة التى سبقت وتزامنت مع انطلاق الحوار الوطنى، وتعكس وجود حرص على إنجاحه، بما يدعم خطط الإصلاح والتنمية فى الدولة، خاصة فى ظل التحديات العالمية الراهنة، التى تتطلب وضع خطط متكاملة لكل القطاعات.
وتتمثل هذه الخطوات فى إسناد تنظيم الحوار الوطنى إلى الأكاديمية الوطنية للتدريب، واختيار الكاتب الصحفى ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، كمنسق عام، والمستشار محمود فوزى، الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كأمين عام للجنة الفنية، إلى جانب تشكيل مجلس أمناء متنوع.
ويضاف إلى ذلك كله الإفراج عن ٤٥٠ شخصًا حتى الآن من خلال لجنة العفو الرئاسى، وهو ما يعكس العمل على تعزيز المشاركة الفعالة لمختلف الرؤى الوطنية والخبرات الفنية، وأننا أمام مقدمات تثبت وجود إعداد جيد ومتميز وفعال للحدث على أرض الواقع.
■ ما أهم التحديات التى تواجه مصر وترى ضرورة أن تكون على رأس أجندة العمل فى الحوار الوطنى؟
- التحديات كثيرة ومتعددة، لكن أنا شخصيًا أرى أن الوعى هو قضيتى الأولى، لأنه الركن الأساسى لحل كل المشاكل والمعوقات التى تواجه الدولة، ويعمل عمل السحر، فعندما يكون لدينا وعى سنعمل على حل المشكلة السكانية، ولن ينجرف بعض شبابنا إلى أصحاب الأفكار الظلامية والهدامة، ولن تجد جماعة الإخوان الإرهابية أى بيئة أو مناخ للعمل فى أى بقعة أو شبر على أرض مصر.
لو أن لدينا وعيًا لفضحنا ما تفعله الجماعة الإرهابية وما تروج له، ولنجحنا فى إظهار واستيعاب ما حققته الدولة من إنجازات ومشروعات قومية وعملاقة فى كل المجالات، ولوجدنا كل بيت يعرف كل تلك الإنجازات، ولن يعيش بيننا عميل أو خائن، فالوعى أساس حل كل المشكلات والمعوقات فى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وأود أن أشكر مجلس النواب ورئيسه المستشار الدكتور حنفى جبالى، لأننا فى المجلس ناقشنا قضية الوعى، وأنا شخصيًا نظمت حوارًا مجتمعيًا حولها بمشاركة ٦ وزراء فى الحكومة، هم: الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور على المصيلحى، وزير التموين، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، والدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن، والدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، والدكتور السيد القصير، وزير الزراعة، إلى جانب رؤساء جامعات وعدد من مؤسسات الدولة، إيمانًا منا بأهمية تلك القضية، والتحديات التى تواجه الدولة بسبب قلة الوعى وغيابه.
■ كيف يمكن أن نواجه غياب الوعى فى رأيك؟
يكون ذلك عبر إعداد استراتيجية تقوم على تبنى مبادرات وإطلاق حملات لتعزيز وتحسين الوعى المجتمعى، بمشاركة لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة والأشخاص ذوى الإعاقة بمجلس النواب، ووزارة التضامن، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وكل الوزارات والجهات المعنية، وشركات الأعمال، ومنظمات المجتمع الأهلى.
وعلى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إصدار تقرير سنوى حول الحالة الاجتماعية والمجتمعية فى مصر، يرصد أبرز الظواهر والمستجدات والمخاطر والإيجابيات الاجتماعية فى المجتمع، مع تقديم بدائل وخيارات حول التعامل معها إلى كل الأطراف المعنية المخططة، ومتخذى القرار وصناع السياسات على كل المستويات.
ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مطالبة من خلال المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية بتطوير محور التدخل الثقافى والتوعوى والتعليمى بالمشروع، ليتضمن ذلك إطلاق تقرير سنوى أو دورى حول الأسرة المصرية، يتضمن تحليلًا للتغيرات الإيجابية والسلبية المؤثرة عليها، وآليات التعامل معها، وذلك بمشاركة أقسام الاجتماع فى الجامعات، والمجالس القومية المعنية مثل الطفولة والأمومة والمرأة.
وينبغى على وزارة التضامن الاجتماعى تطوير المنصات الاجتماعية المتخصصة، لتقديم خدمات متنوعة تتعلق بالإرشاد الاجتماعى أو العنف الأسرى والمساندة المجتمعية، بالمشاركة مع منظمات المجتمع الأهلى المتخصصة ومراكز البحوث والفكر.
يجب أيضًا توجيه مزيد من الاهتمام إلى إعلام التنمية، الذى يمثل رافعة مساندة لاستراتيجية الدولة وخططها للتنمية المستدامة، وطرح بدائل غير تقليدية للتعامل والتخلص من الأمية، وربط مبادرات محو الأمية مع مبادرات تطوير الريف و«حياة كريمة» وكل المبادرات المجتمعية، بمشاركة الجمعيات الأهلية والأجهزة الحكومية والمحليات.
ما رأيك فى مشاركة المعارضة؟
- دور المعارضة وطنى ومهم جدًا فى طرح الرأى والرأى الآخر، وأى حياة سياسية محترمة ترتكز على جناحى الأغلبية والمعارضة، مع احترام واستماع كل منهما للآخر، لذا فإن دعوتها للحوار الوطنى تعكس أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو رب الأسرة المصرية، ويقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن كل الأحزاب لديه سواء.
والمعارضة المصرية هى جزء أصيل من المكون والنسيج الوطنى، وتعمل فى إطار من الشرعية القانونية، وهدفها كما هدف الجميع هو الصالح العام ودعم الدولة والحفاظ على أمنها القومى.
والمعارضة مُرحب بها من الجميع، شأنها شأن أى فصيل سياسى من حقه أن يمتلك رؤية خاصة للتطوير والتغيير، وأشدد هنا على أن قصدى هو المعارضة الشرعية المعترف بها قانونًا، وتعمل فى إطار الدولة، ويجب عليها استغلال هذا الحدث والارتقاء إلى قدره ومستواه وأهميته.
■ هل تحركتم لتنفيذ ذلك على أرض الواقع؟
- هناك ورقة عمل ودراسة كاملة أعدتها لجنة التضامن فى مجلس النواب حول تلك القضية، ونرحب بتقديمها إلى الحوار الوطنى، وإذا ما طُلب منا ذلك سنقدمها على طبق من ذهب. نحن نريد أن نكون حجرًا للبناء وليس معولًا للهدم، لذا نرحب بأى تعاون وتنسيق، إذا ما طُلب منا ذلك، وأعتقد أن قضية الوعى مطلب أساسى لكثير من القوى والكتل والفصائل السياسية والأحزاب المشاركة فى الحوار الوطنى، وهناك اهتمام قوى جدًا بشأنها.
■ وماذا عن القضايا الأخرى التى ترون ضرورة أن تكون على مائدة الحوار؟
- لدينا بعض المشاكل يحتاج إلى حلول وتكاتف من القوى الوطنية، ووضع حلول غير تقليدية له، منها قضايا مزمنة تحتاج إلى فكر وعقل وشعب يساند القيادة السياسية وتوجيهاتها لحل تلك القضايا، على رأسها بالطبع القضية السكانية.
فالزيادة السكانية تأكل الأخضر واليابس، وتقضى على كل معدلات النمو، وتلتهم كل معدلات التنمية الاقتصادية، لذا لا بد أن نتوقف أمام تلك القضية ونمعن النظر فيها، لأن المحصلة النهائية من استمرارها هو انخفاض نصيب المواطن من كل الخدمات والموارد والثروات.
الإنتاج قضية أخرى مهمة جدًا، خاصة مع المستجدات التى تحدث فى العالم من حولنا بسبب جائحة «كورونا»، ثم الحرب الأوكرانية الروسية، اللتين أثرتا على سلاسل الإمداد العالمية، ما يتطلب منا التحول إلى شعب منتج، والعمل على تقليل الفجوة الاستيرادية، وتبنى قضية الأمن الغذائى والمياه، خاصة أن حصة مصر من نهر النيل لا تتعدى ٥٥ مليار متر مكعب، وهى الحصة الثابتة منذ كان عدد سكان مصر ١٨ مليون نسمة، بينما نحن الآن ١١٠ ملايين.
هناك أيضًا قضية البطالة وخلل ميزان القوى العاملة، فنحن لدينا كم هائل من خريجى الجامعات، والمعروض منهم أكبر بكثير من حاجة سوق العمل، الأمر الذى يتطلب إعادة تأهيل هؤلاء الخريجين بما يناسب متطلبات تلك السوق، علاوة على قضيتى التضخم، والخلل الهيكلى فى ميزان المدفوعات والواردات مقابل الصادرات.
لدينا قضايا كثيرة لا بد أن تكون على مائدة الحوار الوطنى، وأعلم أن بعض القوى السياسية يضع الملف السياسى على رأس الأولويات، لكننى أرى ضرورة أن نناقش تلك القضايا التى تتعلق بالشعب ونتوصل إلى توافق وحلول بشأنها.
■ كيف ترى استضافة الأكاديمية الوطنية للتدريب الحوار الوطنى؟
- الأكاديمية لها دور كبير جدًا ومهم للغاية فى الحياة المصرية بصفة عامة والسياسية بصفة خاصة، وكونها مؤسسة من مؤسسات الدولة، وتتبع مؤسسة الرئاسة مباشرة، ذلك يؤكد أنها ستكون ضامنًا لنجاح الحوار، خاصة أنها على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والقوى السياسية المشاركة، وتضم كفاءات وكوادر عالية برئاسة الدكتورة رشا راغب.
ونثمن أيضًا اختيار الكاتب الصحفى ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، منسقًا عامًا للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى رئيسًا للأمانة الفنية، وهما شخصيتان متميزتان، ولقى اختيارهما ترحيبًا من كل القوى والأحزاب والكتل السياسية.
ولا بد من توجيه الشكر للرئيس السيسى الذى دعا لمشاركة الجميع فى الحوار الوطنى، ما يؤكد أنه رئيس لكل المصريين، وأن منهجه المشاركة لا المغالبة، ويستمع إلى الرأى والرأى الآخر.
■ بصفتك رئيسًا للجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب.. كيف ترى ملف الحماية الاجتماعية فى عهد الرئيس السيسى؟
- الجميع يعلم علم اليقين بأن مظلة الحماية الاجتماعية طالت كل الفئات التى تحتاج إلى ذلك فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى بتعليماته تنوعت تدخلات وزارة التضامن الاجتماعى لمد شبكات الحماية الاجتماعية والتوسع فيها لتشمل جميع المستهدفين.
وخلال الثمانى سنوات الماضية، ارتفعت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى ٢٦٣.٩ مليار جنيه، وهو مبلغ كان لموازنة الدولة كلها فى وقت سابق، وارتفعت الموازنة المخصصة للدعم النقدى بعد تنفيذ برنامج المساعدات النقدية المشروطة «تكافل وكرامة» من ٣.٧ إلى ٢٢ مليار جنيه، نتيجة ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من ١.٧ مليون أسرة «٦.٤ مليون فرد» إلى أكثر من ٤ ملايين أسرة «١٧ مليون فرد»، كما زاد عدد المستفيدين من المعاشات التأمينية من ٨.٧ إلى ١٠.٧ مليون صاحب معاش ومستحق عنه.
وامتدت مظلة التضامن إلى تأثيث الوحدات السكنية التى تم إنشاؤها لنقل الأولى بالرعاية إليها، وتم بالفعل تأثيث ٢٠.٦ ألف وحدة سكنية وتجهيزها لصالح الأسر التى تم نقلها من مناطق غير آمنة إلى مناطق مستحدثة، بتكلفة ٦٤٣.٩ مليون جنيه، ويجرى حاليًا تأثيث ١١.١ ألف وحدة سكنية، بتكلفة إجمالية ٥.٣٥٠ مليون جنيه.
واستفادت ٧٨.٤ ألف أسرة فقيرة من توفير سكن كريم، ورفع كفاءة منازلها وتوصيل مياه شرب وصرف صحى لها فى القرى الأكثر فقرًا، بتكلفة ٥٤٧ مليون جنيه، وتم إنفاق ٢.٤ مليار جنيه لدعم ٣٦٠ ألف مشروع متناهى الصغر للأسر الأولى بالرعاية، مع تخصيص ٧٥٪ منهم للمرأة الريفية وأمهات أطفال المدارس ومستفيدات مشروع «مستورة».