نوادر الملوك مع الطعام: الرشيد يبدأ بالمرق.. وسليمان بن عبدالملك يأكل عجلًا فى الوجبة
ترتبط غالبية الأعياد والمناسبات المختلفة سواء الأفراح والمآتم وحفلات الزفاف والأعياد الدينية والقومية بالطعام، إذ لا يكاد تخلو مناسبة من تقديم وتبادل الطعام فى الاحتفالات.
وارتبط الطعام وتناوله بعدة فنون مثل اختراع الملاعق وترتيب تناول الطعام، إذ كان بعض الملوك يتناول أنواعًا معينة من الطعام فى البداية، ثم ينتقل لأنواع أخرى، واشتهر بعض الشخصيات بالنهم فى الطعام، لدرجة أن أحدهم مات بسبب شراهته فى الأكل.
أجرت الباحثة سيدة رشاد حسن دراسة ميدانية عن عادات الطعام فى المناسبات الاجتماعية وبعض المناسبات الدينية والقومية، بالإضافة لصناعتى الخبز والجبن باعتبارهما من الصناعات اليومية.
وأشارت- فى دراستها- إلى أن الطعام له دور مهم فى الحياة الاجتماعية، إذ لا يمكن للأفراح وولائم الأسبوع والمآتم أن تتم دون ظهور أطعمة خاصة بكل مناسبة فيها.
وتحكى أنه عند إتمام الخطوبة وقراءة الفاتحة يرسل أهل العريس السكر والشربات والسمن والمكرونة إلى أهل العروسة الذين يرسلون بدورهم «فُطرة» لأهل العريس عبارة عن فول سودانى وبلح وشيكولاتة.
وفى يوم الزواج، ترسل والدة العروس «حلة الاتفاق» وهى عبارة عن «حلة محشى وزوجين من الحمام وذكر بط، وفى الصباحية يرسل للعروسة الفطير المشلتت».
وتلفت إلى أن الأعياد الدينية ارتبطت بالأطعمة خاصة عيد الفطر، بداية من صناعة الكعك، التى تعد من أقدم العادات التى عُرفت عند المصريين القدماء، إذ وجِدت على جدران مقبرة «رخمى رع» من الأسرة الثامنة عشرة صور تشرح كيف كان عسل النحل يخلط بالسمن ويقلب على النار ثم يقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها، ثم يرص على ألواح من الأردواز ويوضع فى الأفران، وكانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص مليئة بالزخرفة.
من جهته، أشار ندور الدين بيهم، فى مقاله المنشور بجريدة «الأديب» عام ١٩٤، إلى أن هارون الرشيد كان ينصرف إلى لذة المطعم بالتأنق فى أنواع الألوان من الملابس، وكانت مجالس طعامه كاملة الزينة، ويتفنن فى طعامه ولكن دون شره.
كان «الرشيد» يبدأ بالمرق تنشيطًا لجسمه ثم يأكل الفاتر من الطعام من البقول وأشباهها ثم يأكل الدجاج وأنواع الطيور ثم أنواع السمك ثم ما طُبخ من التوابل من اللحم والبقول وغيرهما، وكانت مائدته لا تخلو من رقائق محشية باللحم والدهن توضع عليها توابل من الفلفل ثم تقلى بالزيت وكان اسمعها «السنبوسج».
عندما يكتفى «الرشيد» من تناول طعامه ينتقل إلى الحلوى ثم الفاكهة ثم يأتيه الخدم بماء الورد فى أوانٍ من الذهب مع شىء من الريحان فيغسل يديه.
وروى «الجاحظ» فى «حياة الحيوان» أن بعض الناس كان يكتب ما يحتاج إليه فى ورقة ويتم وضعها فى سلة، فيحملها الكلب فى فمه ويذهب عند خباز أو لحام أو خضرى العائلة، فيقرأ ما فى الورقة ويضع الحاجات المطلوبة فى السلة فيحملها الطلب ويأتى بها إلى صاحبه.
وأوضح «بيهم» أنه كان يتم تفتيش قدور المطاعم وفحص مواد الطبخ من سمن وزيت ولحم وغيرها، وكذلك كل بائعى المأكولات يجب أن تكون مأكولاتهم مغطاة حتى لا يمسها غبار أو يقع عليها بعض الحشرات كالذباب وغيره.
ونشرت مجلة «الهلال» عام ١٩١٣ مقالًا عن أشهر الشخصيات التى عُرفت بالنهم فى الأكل، وكان على رأسهم من العرب سليمان بن عبدالملك الأموى الذى أكل ذات مرة عجلًا برمته وخمس دجاجات هنديات وشرب ثم جلس مع أصحابه على المائدة كالعادة كأنه لم يأكل شيئًا.
وظل «ابن عبدالملك» نهمًا حتى مات من كثرة الأكل، وحين كان فى «دابق» جاءه فلاح بسلتين إحداهما مملوءة بالبيض والأخرى بالتين فقال قشروا فجعل يأكل بيضة وتينة حتى فرغ من الاثنتين ثم أتوا بقصعة مملوءة مخًا فأكله فاتخم ومرض ومات.
أما عن المشهورين حديثًا، الأديب الفرنسى بلزاك، إذ كان يوصى صاحب المطعم الذى يأكل لديه على طعام للغذاء يكفى لوليمة كبيرة، ثمانى دستات من المحار و١٢ قطعة بفتيك غير الخضار والمعجنات، ومن الفاكهة بطيخة، وغير ذلك من المشروبات.