ويبقى العيد.. عيدًا
أكتب اليوم فى نهاية عيد الأضحى المبارك الذى احتفلنا به وسط أجواء من التوتر والحزن على تلك الجرائم البشعة التى وقعت قبله بأيام قليلة.. ثم جاءت فتنة الحجاب والنقاب والجدل الذى أثير بشأنهما.. حتى فى صلاة العيد والجدل الذى أثير حول جواز أن تصلى الزوجة بجوار زوجها صلاة العيد أم لا، ثم اتسع التساؤل حول صلاة المرأة بجوار الرجل بصفة عامة.. كل هذا رأيناه وعشناه خلال فترة الاستعداد للعيد، وكأن هناك محاولات لإفساد الاحتفال به أو حتى قتل الشعور بالفرحة والبهجة لقدومه.. ومع ذلك فيبقى العيد عيدًا لأنه مناسبة إلهية وردت فى القرآن الكريم، فهى ليست من صنع البشر ولكنها من عند رب البشر.
جاء احتفالنا بالعيد ونحن فى حالة من الحزن والقلق بيد أننا كان من اللازم أن يكون الاحتفال بأيام عيد الأضحى هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة من وجهة نظرى لإدخال السعادة على قلوب أبنائنا الذين يقرأون كل يوم عن حادث هنا أو هناك...كان من اللازم أن ندخل فى قلوبهم الطمأنينة والأمان، وأن يوجههم إلى معانى العطاء والتضحية وأن يذكروهم بأنه مهما اشتدت المحن والأزمات فإنه لابد من انفراجها ولو بعد حين.. كذلك فإنه من اللازم أن نتعلم كيف نسهم فى رفع المعاناة عن البسطاء من الأهل والأقارب ولا نفرق بين أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين.. وأن الأعمال التى توهب للخير بلا مقابل لابد من جنى ثمارها يومًا ما... والتعاون والتلاحم بين أفراد الأمة الواحدة هى غاية نسعى جميعًا إلى تحقيقها حاليًا .
إن بلادنا تتعرض لهجمات شرسة من الخارج وضغوط دولية كبيرة للانصياع لمطالب تتنافى تمامًا مع ديننا الحنيف كالإلحاد والمثلية، بالإضافة الى الصعوبات الاقتصادية التى يمر بها العالم ونحن جزء منه.. كما نتعرض لمؤامرات داخلية وحملات تشكيك ومحاولات تفكيك لأواصر الدولة ومؤسساتها، خاصة الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وهو ما يدعوننا إلى أن نتكاتف للتصدى لتلك المحاولات.
لقد تخطينا والحمد لله فتاوى شاذة مثل: هل يجوز مصافحة الإخوة المسيحيين فى أعيادهم أو إهداؤهم بعض الأطعمة واللحوم فى أعيادنا؟... تلك مرحلة أعتقد أننا نجحنا فى وأدها.. ولكن لن ييأس هؤلاء فى البحث عن أساليب أخرى لشق الصف بيننا بأى وسيلة.
جاء عيد الأضحى ونحن فى أشد الحاجة لأن ننشر ثقافة العطاء دون مقابل حتى ولو كان هذا العطاء مقصورًا على بذل الجهد فى العمل لإنجاز ما نحن مكلفون به مهما كان المقابل فهذا جزء من التضحية.. نحن نحتاج هذه الأيام لأن نستحضر معانى طاعة الوالدين عندما أطاع سيدنا إسماعيل والده سيدنا إبراهيم عندما رأى فى المنام أنه يذبحه، وطاعة الله عندما ارتضى سيدنا إبراهيم لقضاء الله.
نحن فى حاجة إلى التحلى بتلك المعانى والأخلاق الفاضلة واستحضارها فى واقعنا وامتلاك العلم والعمل الدءوب من أجل رفعة شأن الوطن بعيدًا عن المصالح الشخصية.. عيدنا هذا العام جاء ممزوجًا بالألم والأمل.. وها نحن نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن ينصرنا على كل من يحاول النيل من ثباتنا وإيماننا وارتباطنا بوطننا ودائمًا سوف يبقى العيد عيدًا، بل أعيادًا بإذن الله.. وتحيا مصر.