بعد ارتفاع أسعار الورق والأحبار.. روشتة لإنقاذ «صناعة النشر»
تعتبر صناعة الكتاب والنشر من الصناعات الهامة، حيث لا تقل أهميتها عن الصناعات الثقيلة، وهذه الصناعة تأثرت خلال الفترة الأخيرة بارتفاع أسعار الورق والأحبار، بعد أن كانت قد تعافت من تأثيرات أزمة كورونا.
«صناعة النشر والكاتب»..
وترصد «الدستور» عبر السطور التالية، كيفية التعامل مع أزمة صناعة الكتاب والنشر في ظل ارتفاع أسعار الورق والأحبار، هل ستدفع هذه الزيادة في اتجاه تقليص أعداد الكتب المنشورة، أم ستدفع في اتجاه زيادة أسعار الكتب بشكل عام؟.
في هذا الصدد، قال الناشر شريف بكر، مدير دار العربي للنشر والتوزيع، في تصريحات خاصة لــ «الدستور»: «تأثرت صناعة النشر والكتاب بزيادة أسعار الورق والأحبار، مع قلة المعروض منهما في الأسواق، حتي أن التجار ومن لديهم ورق وأحبار قديمة قبل زيادة الأسعار، يرفضون بيعها بالأسعار القديمة أو الجديدة انتظارًا للوصول إلي أعلي الأسعار أو حتي يحددون أسعارًا خيالية مبالغ فيها.
وأضاف: «من الآن وحتي تستقر أسعار الورق ومستلزمات النشر، سيكون هناك تخبط في وضع النشر وصناعة الكتاب، وحتي استقرار هذا الوضع لا يكون أمام دور النشر سوى تقليص عدد النسخ التي تنشرها من كل عنوان وهو أمر وارد، كما أن اللجوء إلي الطباعة الديجيتال وارد أيضًا، ورفع أسعار الكتب بالتالي وارد أيضًا، وهو ما يتوقعه القراء، خاصة أن منظومة النشر ومدخلاتها بأكملها ارتفعت أسعارها، وليست فقط التكلفة المباشرة من ورق وطباعة، بل من أول الإيجارات والنقل والكهرباء والبنزين وغير ذلك من المدخلات المتغيرة في صناعة النشر التي تزيد تكلفتها علي الناشر فلا يجد أمامه سو رفع سعر الكتاب أيضًا أو تقليل الربح فيه إلي أقل القليل، وإلا لن يكون أمامه سوى أن يعتزل النشر».
الكتاب لا يقل أهمية عن رغيف الخبز
وقال مدير دار دار كيميت للنشر، وليد ثابت: «بالتطرق للحديث عن صناعة النشر وما تشهده من أزمات متلاحقة كان آخرها على مستوى التصنيع ما شهده السوق المصري مرتبطًا بالعالمي من زيادة (ليست الوحيدة) في الشهور الست الأخيرة في أسعار الورق الخام، لا ننكر أبدًا أن تلك الحركة المستمرة صعودًا في تكاليف إنتاج الكتاب الورقي ألقت بظلالها بالفعل على العاملين في مجال النشر في مصر والعالم، فاتجهت بعض الدور لتلك الحلول (المسكنة) لتجنب توقف نشاطها، فهناك من قلص أعداد النسخ المطبوعة لكل عنوان للحد الأدنى موازيًا لأسعار التكلفة، والتي يجب أن نشير إلى أنها لا تعني فقط مرحلة الإنتاج، بل تتخطاها لخطوات ومراحل أخرى فنية وتجارية مثل الشحن والتخزين والأجور الفنية والعمالة وإيجارات المعارض والنقل والتوزيع وغيرها، تشكل جميعها ما يمكن أن نسميه عملية النشر».
وأضاف: «هناك البعض الآخر انتهج سياسة رفع سعر بيع المنتج الورقي (الكتاب)، وهو حل اضطراري أيضًا؛ نظرًا لارتفاع كلفة كل ما سبق ذكره، ولكن دومًا ما تكون تكلفة الورق هي المحرك الأساسي لأي قيمة سعرية تفرضها دار النشر على منتجها، وهو ما حدث حاليًا بالفعل»..
وتابع: «في مرحلة حساسة وهامة في تاريخ الأمة المثقفة كتلك، أرى أنه يجب أن يكون هناك دور للدولة وأجهزتها المعنية للحفاظ على هذه الصناعة وما تحقق منها من منجز ضخم على مدى السنوات العشرين الأخيرة على الأقل.. أقول أن الكتاب منتج يحمل هم الوطن وفكر مثقفيه وقوته وتاريخه الحقيقي، فالكتاب لا يقل أهمية عن رغيف الخبز الذي تُنتهج له كافة السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتوفيره في متناول الجميع، وهذا هو حال الكتاب.. الكتاب سلعة استراتيجية نستطيع بها أن نعبر أجواء المحلي إلى العالمي لو أنه وجد من يحنو على صانعيه المتحققين الجادين، هنا تأتي أهمية أدوار وزارات مثل الثقافة والاستثمار والتجارة الخارجية والهيئة العامة للكتاب لتشكيل ما يشبه مكتبًا فنيًا أو لجنة ما تضع أجندة واقعية لدعم الكتاب وصناعته الحكومية والخاصة بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين».
واختتم «ثابت»: «أود أن أوضح أن دور نشر كثيرة جدًا غير معنية بالأمر تجاريًا بقدر اعتنائها بإصدار وإنتاج منتج فكري مميز بسعر تداول رمزي وبسيط يكاد يلامس سعر تكلفة إنتاجه.. ليست كل الدور هايبر ماركت ومحال تجارية لبيع الكتب، هناك من يحمل رسالة فنية وأدبية وثقافية حقيقية يبذل في سبيلها من ماله الخاص كي يطرح فكرة أو حلمًا جميلًا من خلال كتاب لشاب لا يملك كلفة الدفع لدار نشر لإنتاج وتوزيع كتابه».