مصر الرقمية
مع مدرستين جديدتين للتكنولوجيا التطبيقية، إحداهما بمدينة نصر والأخرى بالشيخ زايد، وإلى جانب عدد من مراكز إبداع مصر الرقمية، كرياتيفا، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، عبر الفيديو كونفرانس، افتتاح مركز البيانات الإقليمى للشركة المصرية للاتصالات، وأطلق «منصة مصر الرقمية»، التى بدأ تشغيلها التجريبى، منذ أشهر.
منظومة مصر الرقمية انطلقت منذ سنة ٢٠٠٤، لكنها واجهت بعض العراقيل تسببت فى تجميدها، إلى أن قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتطويرها، وصدرت القوانين اللازمة لتفعيلها، ومن المقرر أن يتم ربط أكثر من ٣٣ ألف مبنى حكومى بشبكة الألياف الضوئية، جرى بالفعل ربط نحو ١٨ ألف مبنى منها، وبات بإمكانها تقديم أكثر من ١٣٠ خدمة حكومية دون تدخل بشرى، أو عبر مراكز البريد لمن لا يرغب فى التعامل مع التكنولوجيا، ما يعد نقلة نوعية فى تقديم الخدمات. كما نتوقع أن تسهم الجهود المبذولة، والمستمرة، للتحول إلى الاقتصاد الرقمى، فى الارتقاء بمستوى الخدمات ومنع عمليات التلاعب والفساد.
خلال جلسة عن التحول الرقمى، ضمن فعاليات الدورة السابعة لمنتدى الشباب، التى استضافتها العاصمة الجديدة، أواخر يوليو ٢٠١٩، حدثنا الرئيس السيسى عن عقل جامع لبيانات الدولة، يضم منظومة ضخمة من الخوادم الإلكترونية الخاصة بالوزارات والهيئات والخدمات التى تقدمها الحكومة، محفوظة بشكل آمن وسرى، فى مكان مجهول من أرض مصر، بالإضافة إلى منظومة خوادم بديلة، فى مكان مجهول آخر، لتقوم بدور العقل البديل، حال حدوث أى طارئ. وطمأننا بأن كل قواعد البيانات، سيتم التعامل معها بحذر وضوابط مشددة، وستكون مُؤمّنة، على المستويين الفعلى والسيبرانى، ضد أى اختراق.
بقدر ما تستطيع الدول الحفاظ على بياناتها، والوصول إلى بيانات الدول الأخرى، بقدر ما يمكنها حسم الصراعات لصالحها. و«البيانات الضخمة: سباق تسلح القرن الحادى والعشرين»، حسب عنوان تقرير مهم أصدرته مؤسسة طومسون رويترز بالتعاون مع المجلس الأطلسى، شارك فى إعداده عدد كبير من الخبراء والمتخصصين. غير أن التفوق فى هذا السباق أو الانتصار فى تلك الصراعات، يتطلب الاستثمار فى الأشخاص ذوى المهارات. وهذه بالفعل هو ما فعلته مصر فى إطار التوجه العام لدولة ٣٠ يونيو، واستمرارًا لاستراتيجية «الاستثمار فى البشر»، واستجابة، أو تنفيذًا، لتوجيهات الرئيس المتكررة بضرورة توسيع الهدف من التعليم، والاهتمام ببناء الإنسان المصرى وتزويده بأحدث وأفضل المهارات الرقمية والتكنولوجية.
تأسيسًا على ذلك، كان «مستقبل التحول الرقمى»، على رأس أولويات النسختين المحلية والدولية من منتدى الشباب، وصولًا إلى الدورة الرابعة من منتدى شباب العالم، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، فى يناير الماضى، برعاية وحضور الرئيس السيسى، التى أكد فيها وزير الاتصالات أن الحكومة المصرية قدمت ٢٠٠ ألف فرصة تدريب للشباب، على مهارات المستقبل ووظائفه، من خلال مبادرات وبرامج بناء القدرات الرقمية، التى ارتفعت قيمة الاستثمارات فيها من ٥٠ مليون جنيه سنة ٢٠١٧ إلى أكثر من مليار جنيه.
الأرقام تقول إن تكلفة التدريب بلغت مليارًا و١٠٠ ألف جنيه فى العالم المنتهى منذ أيام، ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، وارتفعت فى العام المالى الحالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ إلى مليار و٣٠٠ مليون جنيه مع زيادة عدد المستفيدين إلى ٢٢٥ ألف متدرب، من الخريجين والمهنيين المستقلين والعاملين فى مختلف المشروعات القومية. وفى إطار استراتيجية «الاستثمار فى البشر»، أيضًا، وتطبيقًا لـ«رؤية مصر ٢٠٣٠»، أطلقت وزارة الاتصالات فى مايو الماضى أولى منح «مبادرة أشبال مصر الرقمية»، وهى منحة مجانية، لتلاميذ وطلاب المدارس الإعدادية والثانوية، الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢ و١٧ سنة، وتهدف إلى تدريبهم وتنمية مهاراتهم وتأهيلهم للمشاركة، مستقبلًا، فى بناء مجتمع رقمى يتواكب مع مستحدثات العصر ومتطلبات المستقبل.
.. أخيرًا، وبعيدًا عن كل الهبد والهبد المضاد، نرى أن مصر، فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخها، التى بدأت منذ منتصف ٢٠١٤، تعاملت بشكل جذرى مع غالبية المشكلات المزمنة، وتمكنت من إرساء قواعد قوية لبنية تحتية حديثة ومتكاملة، أتاحت لها تنفيذ خطة قومية شاملة للتنمية، والتحول الرقمى، والتركيز على بناء الإنسان المصرى، وتنمية مهاراته وقدراته، باعتباره قاطرة التقدم إلى المستقبل.