دراسة تكشف إجراءات البنوك المركزية للحد من مخاطر التضخم
كشفت دراسة صادرة عن اتحاد المصارف العربية، أن المصارف المركزية تلجأ عند ارتفاع معدلات التضخم إلى أدوات مختلفة لكبح ارتفاع معدلات التضخم، ومن أهم هذه الأدوات هي أسعار الفائدة، إذ تميل معدلات التضخم والفائدة إلى التحرك في نفس الاتجاه.
وتغيير أسعار الفائدة هي الأداة الأساسية التي يستخدمها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تحديدًا لإدارة التضخم، وهو ما يؤدي تلقائيًا بمصارف مركزية حول العالم (في دول متقدمة ونامية على حدّ سواء) إلى اعتماد الأداة نفسها كل في بلده.
وعندما يستجيب الاحتياطي الفيدرالي لمخاطر التضخم المرتفعة عبر رفع سعر الفائدة على "الأموال الفيدرالية" (Federal funds)، فإنه يزيد من مستوى الاحتياطيات الخالية من المخاطر في النظام المالي الاميركي، الأمر الذي يحدّ في المقابل من المعروض النقدي المتاح لشراء أصول ذات مخاطر عالية (أسهم، سندات شركات..).
في المقابل، عندما يقوم الاحتياطي الفدرالي بخفض سعر الفائدة، فإنه يزيد من المعروض النقدي المتاح لشراء أصول خطرة. ويشير ارتفاع أسعار الفائدة إلى احتمال استمرار البنك المركزي في تشديد السياسة النقدية، ما يخفف من توقعات التضخم.
وبعد توقع وصول معدلات التضخم في الولايات المتحدة وحول العالم الى مستويات عالية جداً، تحرك الاحتياطي الفدرالي والمصارف المركزية العالمية – وإن كان بسرعات متفاوتة – نحو التحول من "التيسير النقدي" (Quantitative easing) الذي تم اعتماده كأساس خلال السنوات العشر الماضية، إلى "تشديد نقدي" (Quantitative tightening) يسمح بكبح التضخم الجامح والحفاظ على السيولة داخل النظم المصرفية. وكان بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) سباقاً في هذه الخطوة، حيث رفع سعر الفائدة من 0.1% إلى 0.25% في ديسمبر 2021، ثم إلى 0.5% في فبراير2022، ثم مجدداً إلى 0.75% في مارس، قبل أن يرفعها مؤخراً في مايو إلى 1%، وهو أعلى مستوى منذ 2009. وقد قام بنك انجلترا بهذه الزيادات بعدما وصل التضخم في بريطانيا إلى أعلى مستوى له في 30 عاماً، عند حدود 7%، خلال شهر مارس 2021. وفي شهر مارس أقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع معدلات الفائدة على الأموال الفيدرالية ربع نقطة مئوية لتصبح 0.5%. وضمن الإطار نفسه، وخلال افتتاح المنتدى السنوي للبنك المركزي الأوروبي في البرتغال، أعلنت رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن الهدف النهائي للبنك هو إعادة التضخم إلى مستوى قريب من 2%، فيما بلغ ذروته في مايو 2022 ليزيد عن 8% في منطقة اليورو، والذي يمكن أن يزيد بشكل إضافي بحسب التطورات المتسارعة. ويتجه البنك المركزي الأوروبي الى رفع نسب الفائدة للمرة الأولى منذ 11 عاماً، بمجرد إنهاء مشترياته من الديون في أسواق دول اليورو. ولكنه يواجه في المقابل معضلة أن رفع معدلات الفائدة بشكل سريع جداً يمكن أن يغرق منطقة اليورو في الركود خصوصاً وأنه سبق أن خفض توقعاته للنمو للسنتين المقبلتين.
ولم تقتصر الزيادات في أسعار الفوائد على المصارف المركزية الكبرى، بل ان العديد من مصارف الدول الصاعدة والنامية قد لحقت بها، وعلى رأسها المصارف المركزية الخليجية. فقد قرر المصرف المركزي السعودي، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) بمقدار 0.5% من 1.75 إلى 2.25%. أما في الإمارات، فرفع البنك المركزي الإماراتي سعر الفائدة الأساسي بمقدار 75 نقطة أساس. وفي قطر، أقر المصرف المركزي رفع سعر فائدة المصرف للإيداع بمقدار 75 نقطة أساس ليصبح 2.25%، كما رفع سعر فائدة الإقراض من المصرف بمقدار 50 نقطة أساس ليصبح 3.25%، وكذلك رفع سعر إعادة الشراء (الريبو) بمقدار 75 نقطة أساس ليصبح 2.50%. كما رفع مصرف البحرين المركزي سعر الإيداع لودائع الليلة الواحدة 75 نقطة أساس إلى 2.25%. وقرر بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية إلى 2.25%. وكان مصر والأردن قد رفعا معدلات الفائدة ثلاث مرات خلال عام 2022 بزيادة 3% في مصر و1.25% في الأردن. أما تونس فقد رفعت معدل الفائدة بمقدار 0.75%.