تأخر تشكيل الحكومة.. لماذا يسير لبنان بسرعة السلحفاة؟
لا يكاد لبنان يخرج من أزمة إلا ويدخل في أخرى، وسط أوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، وحركة البيع والشراء في السوق، في ظل الارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، والذي لامس الـ30 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.
ونجح لبنان في إجراء انتخابات برلمانية في مايو، لم تحسم الأكثرية لأي فصيل سياسي، ما زاد المشهد تعقيدا، خصوصا فيما يتعلق بالتشكيل الجديد لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، الذي وعد بالعمل على حل مشاكل لبنان والتفاوض مع البنك الدولي للحصول على المساعدات المطلوبة.
وفيما تسيطر الضبابية على المشهد، يرى مراقبون، أن تكليف حكومة جديدة غير مجدي خصوصا أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية بعد 3 أشهر تحل بعدها الحكومة وفقا للدستور اللبناني، وأنه كان من الأفضل بقاء حكومة ميقاتي في تصريف الأعمال، لحين بلوغ هذا التاريخ.
عقبات التشكيل
الأكاديمية والكاتبة اللبنانية تمارا برو، قالت لـ"الدستور": ليس غريبا أن يتأخر تشكيل الحكومة في لبنان في ظل تعنت مختلف الأقطاب السياسية للحصول على الحصص الوزارية التي يريدونها. وتوزيع الحقائب على الوزراء عقبة تواجه الرئيس ميقاتي.
وأضافت برو، أن من العقبات الأخرى الني تواجه ميقاتي أنه يريد الإبقاء على الحكومة الحالية مع تغيير بعض الأسماء، بينما البعض يريد زيادة عدد الوزراء أو المجيء بحكومة جديدة.
وتابعت: هناك عقبة تتمثل بتوفير الأكثرية النيابية للحكومة حتى تستطيع أن تنال الثقة، وهذا يتوقف في جانب منه على موافقة التيار الوطني الحر على الحصص الوزارية التي سينالها وإرضائه لكي يمنح الحكومة الثقة مع الإشارة إلى أنه لم يسم الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة، ورأينا من خلال تشكيل الحكومات السابقة التي استغرقت أشهرا أن الأمر لا يبشر بالخير.
وأشارت، إلى أن حكومة تصريف الأعمال الحالية والتي يرأسها نجيب ميقاتي لم تأت بأي جديد لمعالجة المشاكل الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، بل على العكس، ازداد الوضع سوءا. لافتة إلى أن المفاوضات سوف تستمر في الحكومة الجديدة متى تشكلت، مع البنك الدولي لمساعدة لبنان، لاسيما لجمع تمويل مشروع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، فضلا عن أن ميقاتي يعول على مساعدة العرب للبنان.
وتوقعت أن يدخل لبنان في فترة شغور رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وعندها تتولى الحكومة الجديدة إن نجحت القوى السياسية في تشكيلها، صلاحيات رئيس الجمهورية، لحين انتخاب الرئيس، وبحسب المادة 69 من الدستور اللبناني (تعتبر الحكومة مستقيلة.. عند بدء ولاية رئيس الجمهورية.
واستطردت: أما إذا فشلت الأقطاب السياسية في تشكيل حكومة، فسوف تستمر حكومة تصريف الأعمال في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وفق ما تقتضيه الضرورة من أجل استمرار مؤسسات الدولة.
أسباب الأزمات
وفي مايو، أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر، في تقرير، أن الأعمال المدمرة للقادة السياسيين والماليين في لبنان هي المسئولة عن دفع معظم سكان البلاد إلى الفقر، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وجاء التقرير كنتاج لجهد بعثة تقصي الحقائق إلى لبنان، والتحقيق في الأسباب الجذرية والآثار المترتبة على أسوأ أزمة اقتصادية ومالية شهدتها البلاد في التاريخ.
وقال دي شوتر: لقد تم دمج الإفلات من العقاب والفساد وعدم المساواة الهيكلية في نظام سياسي واقتصادي فاسد مصمم لإخفاق من هم في القاع، ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك، لافتا إلى أن المؤسسة السياسية كانت على علم بالكارثة التي تلوح في الأفق لسنوات، لكنها لم تفعل شيئا يذكر لتلافيها.
ميقاتي والحياد
من ناحيته، ناشد نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان، الجمعة، الدول العربية والخليجية لـ"احتضان لبنان" مؤكدًا التزام بلاده بسياسة النأي بالنفس تجاه أي خلاف عربي.
ونقلت رئاسة الوزراء اللبنانية تصريحات ميقاتي خلال عشاء لوزراء الخارجية العرب عشية اجتماعهم في بيروت قالت فيها: "جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأكيد التزام لبنان بتنفيذ كل قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية، بما يرسخ سياسة النأي بالنفس تجاه أي خلاف عربي وبسط سيادة الدولة على كامل أرضها، ومنع الاساءة الى الدول العربية أو تهديد أمنها".
وأضاف: "كما أناشد الأشقاء العرب وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي احتضان لبنان وشعبه الشقيق وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، وكما أن العرب يعتبرون بيروت عاصمتهم فان لدى كل لبناني مخلص قناعة بأن كل بلد عربي هو وطنه الثاني".
وختم ميقاتي بتوجيه "الشكر والتقدير إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية وفريق الأمانة العامة على جهودهم في هذه الظروف الصعبة التي يتعرض فيها العديد من الدول العربية الشقيقة لظروف قاهرة ومؤلمة، متمنيًا أن تحمل الأيام المقبلة الأمن والاستقرار للدول العربية، والسلام والأمان للبنان".