النائب أحمد السجينى: مخرجات الحوار الوطنى يجب أن تكون قابلة للتطبيق
قال النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى، جاءت استمرارًا لمنهجه فى تصحيح الأوضاع، وتوضيح ما يدور حولنا من تحديات.
وأعرب "السجينى" فى حواره مع "الدستور"، عن قلقه من وضع بعض تيارات المعارضة، اشتراطات مسبقة لإجراء الحوار، وكذلك تصدير حالة من التشكيك فى النوايا، قد تؤدى إلى وأد الحوار فى المهد قبل أن يبدأ.
وطالب بأن تكون مخرجات الحوار قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بحيث تراعى ظروف مصر من شتى النواحى الاقتصادية والاجتماعية، وألا تكون مجرد نصوص إنشائية وتوصيات صلبة مكررة.
■ كيف ترى دعوة الرئيس السيسى لجلسات الحوار الوطنى؟
- الحوار الوطنى يأتى استمرارًا لمنهج تصحيح الأوضاع الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه مسئولية الحكم.
وكان الرئيس دائمًا ما يفتح حوارات مع الصحفيين والإعلاميين، للوقوف والتعرف على الأوضاع وما يدور حولنا من تحديات، وهو المنهج الذى أثمر عن تأسيس مؤتمرات الشباب والتواصل مع هذه الشريحة بفاعلية كبيرة جدًا، وكانت هذه المؤتمرات فى البداية حركة محلية، ثم تحولت لمنتديات عالمية.
وعلى الصعيد الدولى فتح الرئيس حوارات مع جميع شباب العالم، وهو ما أسس لمنهج جديد يتمثل فى أن تتميز افتتاحات المشروعات الجديدة والكبيرة بالدولة، بالإسهاب فى العرض الفنى لطبيعة تلك المشروعات، حتى يعلم الجميع حجم الإنجاز. كما يحرص الرئيس السيسى على إجراء العديد من المداخلات عن عمد فى أثناء تلك الفعاليات، حرصًا منه على توضيح كثير من المفاهيم الفنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإصلاحات الهيكلية المرتبطة بالقطاع محل العرض وموضوع الفعالية. وهنا لا نجامل عندما نقول إن تلك المؤتمرات والمداخلات ساعدت الدولة المصرية فى إعادة وتشكيل الوعى والفهم حول كثير من القطاعات والقضايا والتحديات، وهذا الأمر يأتى استمرارًا لنهج الرئيس السيسى، منذ أن عرفه الشعب خلال السنوات الماضية، ولذلك وبعد كل ما تم سرده، ليس غريبًا أن يدعو الرئيس إلى حوار وطنى شامل فى هذا الوقت الذى يتعرض فيه العالم لتحديات جسام.
■ هل هناك ما يقلقك من الترتيبات الخاصة بالحوار؟
- ما يقلقنى حقًا كسياسى حضر وشارك فى فعاليات كثيرة وحوارات لقوى سياسية مختلفة ونخب خاصة فيما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، هو الاشتراطات المسبقة لبعض القوى السياسية، وكذلك حالة التشكيك فى النوايا التى يصدرها بعض هذه القوى، وهذا الأمر قد يؤدى إلى وأد الحوار فى المهد قبل أن يبدأ.
■ ما نصيحتك للمشاركين فى الحدث؟
- أدعو دومًا النخب والمثقفين والكتل السياسية والأحزاب والمتخصصين وكل المشاركين فى الحوار، أن يُقبلوا على المشاركة دون إملاءات أو شروط مسبقة، لن تؤدى لنتيجة، ودون شكوك تصل لمرحلة الأوهام، ولن تجعل الحوار يخرج بقرارات مفيدة.
الحوار حالة تتجاوز عمل البرلمان بغرفتيه، لأن البرلمانات لها اختصاصات دستورية وقانونية، لهذا فمثل هذه الحوارات قد تحتاج لمساحة أكبر من حيث الفترة الزمنية وورش العمل، وأيضًا نوع وعدد المشاركين فيه، ومثل هذا الحوار لا يقتصر فقط على النخب أو القوى السياسية، لكن لا بد أيضًا أن يضم أصحاب الخبرات والتكنوقراط والنخب العلمية، وغير ذلك من كل فئات الشعب.
■ أترى أن الدعوة للحوار جاءت فى توقيت مناسب؟
- بلد مثل مصر بنسيجها وشعبها العظيم وتاريخها العريق الضارب فى الجذور، وبكل ما تجريه من إصلاحات هيكلية مستحقة وواجبة، كل تلك المكونات مجتمعة تفرض على صانع القرار دومًا أن يخلق حالة من الحوار، تكون متواصلة ومستدامة.
وهذا الحوار لا بد أن يحصر قضايانا، وأن يقيم ماضينا وحاضرنا، ومن خلاله نعمل على تحديد شكل مستقبلنا وتحديد مستهدفنا وآمالنا، لذلك حتى يكون الحوار موضوعيًا وبناء ومحققًا للآمال والمستهدفات، يجب أن تكون الأطر التى تحكم الحوار محددة بشكل علمى، والآليات التى تنظم فعالياته متوافرة بشكل تتحقق معه كل عناصر الجدية والمرونة، وأن تراعى مخرجات الحوار التطبيق العملى على أرض الواقع، من حيث الإمكانات البشرية المتاحة، ممثلة فى النسيج الخاص بالشعب المصرى، وكذلك بالإمكانات الاقتصادية الحالية والمأمولة، وأيضًا أن تكون طبقًا لجداول زمنية محددة وطبقًا لمواقيت معينة.
■ ماذا تقصد بأن تراعى المخرجات التطبيق العملى؟
- أن تكون مخرجات الحوار قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بحيث تراعى ظروف مصر من شتى النواحى، وألا تكون مجرد نصوص إنشائية وتوصيات صلبة مكررة لما سبق من تقارير وتوصيات أعدتها مؤسسات فى أزمنة سابقة.
■ كيف ترى ردود أفعال المعارضة من الدعوة للحوار؟
- على الرغم من أننى لم أدرس كل الأحاديث أو ردود الأفعال أو البيانات الصادرة عن المعارضة من كتل وأحزاب وشخصيات، ولكن مررت مرور الكرام على بعض ما صدر عن رموز المعارضة من الأصدقاء والشخصيات، ورغم احترامى وتقديرى للجميع، انزعجت من مسألة الإملاءات المسبقة، ومن مبدأ "يا كل حاجة يا إما بلاش". وأعتقد أن الحوار يبدأ بتصور أن يجتمع كل الأطياف على ما يتم الاتفاق عليه، وما يتم الاختلاف حوله تتم مناقشته، وأن نحاول الوصول إلى أمور وسط، وتقليل فجوة الاختلاف، ولا يجب أن يتحول الاختلاف إلى عراك، لأن هذا لا يبنى وطنًا ولا يجمع شعوبًا، ولكن يفرق. من حق المعارضة أن تسأل وتناقش النقاط التى تختلف عليها مع الأغلبية، ولكن لا بد أن تكون هناك موافقة من حيث المبدأ على الإطار العام والاختلاف على النقاط الفرعية.
■ ما الذى تتمناه من المشاركين فى الحوار؟
- أتمنى أن تتحدث المعارضة ككتلة واحدة فيما هو متفق عليه، ولا يكون هناك انقسام وتشرذم، وألا تكون هناك معارضة لمجرد المعارضة، أو لمجرد إثبات الذات، أو للمكايدات السياسية، أو لمخاطبة الشارع دون مراعاة المصلحة العامة للبلاد، وعلى الجميع أن يقف موقف المسئولية الوطنية، لأن الانقسام دائمًا ما يضعف كل الأطراف.
وهنا أضرب مثلًا على الانقسام والتشرذم، بالمشهد العجيب الذى رأيناه فى تجربة الإسلام السياسى، حين وجدنا أن هناك أكثر من ١١ حزبًا كل منها يدعى أنه يتحدث باسم الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين، وغيرهما ممن ادعوا أنهم يمثلون الدين، والشعب نظر إلى هذا الانقسام بكثير من الانتقادات، ونفس الأمر لتيار اليسار، وأعتقد أن من ينادى بالديمقراطية يجب أن يعرف جيدًا أن الدول الديمقراطية تحكم من خلال حزبين أو ثلاثة على الأكثر.
■ كيف تقيّم الملفات المطروحة على طاولة الحوار؟
- لا بد أن تتضمن أجندة الحوار الوطنى كل الأمور والملفات والقضايا التى تهم المواطن المصرى، وتكون فى صالح الدولة المصرية، وما تواجهه من مستجدات وتحديات، ولا يُترك مجال إلا وتكون له محاور وورش عمل، ويتم التطرق إليه من خلال خبراء ومتخصصين، وإبداء رؤى ومقترحات نحو تلك القضايا والملفات، وأعتقد أنه لا بد أن يكون هناك ميثاق، وبرنامج شامل يصل لدرجة الاستراتيجية القومية؛ لإعادة بناء أمجاد الدولة المصرية العظمى.
■ ما رؤيتك للمشهد الحالى للدولة المصرية؟
- أصبحنا فى موقف أكثر استقرارًا بفضل المولى سبحانه وتعالى وبفضل القيادة السياسية دون مجاملة، وبفضل الشعب المصرى العظيم.
وأعتقد أن الاستقرار فى كل نواحى الحياة، سواء أمنيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا أو خارجيًا، يأتى رغم الأزمات التى تواجه العالم، وتتأثر بها مصر، سواء من تداعيات كورونا، أو الأزمة الأوكرانية الروسية، إلا أنه بفضل الله تعالى وبحكمة ومجهود القيادة السياسية هناك تحسن كبير فى كل مناحى الحياة على أرض مصر، وعلى الجميع أن يعقد مقارنة بين ٢٠١١ وما بعدها، وما بعد تولى الرئيس السيسى، نحن أمام دولة تعمل على عودة أمجادها بعد أن كنا فى شبه دولة، وهذا فارق كبير جدًا.
■ ماذا عن قانون الإدارة المحلية؟
- هو واحد من أهم التشريعات ويساعد فى إصلاح المحليات، ويعيد تنظيم وهيكلة الجهاز الإدارى. واللجنة قد أصدرت العديد من التشريعات، مثل هيئة تنمية الصعيد وانتظار المركبات وتراخيص المحال العامة ووضع اليد وغيرها من التشريعات، لكن يبقى الرهان على التطبيق العملى.
وقانون الإدارة المحلية هو قانون دولة وله العديد من الأمور المهمة، فهو له شق فنى، وآخر سياسى، وشق مالى واقتصادى يخص المال والحوكمة والرقابة على عمل المجالس المحلية وسلطاتها، وهناك حالة وفاق حول التشريع، من حيث الشق الفنى والإدارى والاقتصادى والمالى، من كل القوى السياسية بنسبة تصل إلى ١٠٠٪، وكذلك فيما بين الحكومة والبرلمان.
أما فيما يخص الشق السياسى، فحوله اختلاف، وهو يتعلق بالمجالس الشعبية المحلية، لأن تلك المجالس تأتى بالانتخابات وليس بالتعيين، وطالما أن هناك انتخابات تكون هناك أغلبية ومعارضة وموالاة وأقلية، وأذكّر الجميع بأن كل القوى السياسية رأت تأجيل المشروع، لأننا كنا على وشك إجراء انتخابات مجلس الشيوخ ثم النواب، وأتمنى أن تحدث حالة من التوافق فى القريب العاجل حول المختلف عليه فى القانون حتى يخرج التشريع للنور.
هل اختيار الأكاديمية الوطنية للتدريب لاستضافة الحوار الوطنى قرار صائب؟
- اختيار الأكاديمية برئاسة الدكتورة رشا راغب وهى مؤسسة عالية المستوى، قرار صائب بالطبع، وكذلك اختيار كل من الدكتور ضياء رشوان، نقيب الصحفيين منسقًا عامًا، والمستشار محمود فوزى للأمانة الفنية، وهم جميعًا من الشخصيات المشهود لهم، وهم أصدقاء تعاملت معهم جميعًا عن قرب وأعلم مدى كفاءتهم. وأقول لهم إنكم أمام مسئولية تاريخية ووطنية تحتاج منكم إلى استحضار كثير من المهارات والتواصل السياسى، وأنتم أهل لها وأدعو لهم باتساع الصدر، وحسن الإدارة لهذا الأمر الجلل، والتحضير الجيد جدًا قبل الانطلاق.