مصر والجزائر.. شراكة اقتصادية واعدة
قبل ساعات من احتفالنا بالذكرى التاسعة لثورة ٣٠ يونيو المجيدة، ومع اقتراب احتفال دولة الجزائر الشقيقة، الثلاثاء المقبل، بالعيد الستين لاستقلالها، استضافت العاصمة الجزائرية، مساء أمس الأول الأربعاء، أعمال الدورة الثامنة لـ"اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة"، برئاسة رئيسى وزراء البلدين. وأقيم على هامشها، صباح أمس، المنتدى الاقتصادى المشترك، تحت شعار "مصر الجزائر: تاريخ وقواسم مشتركة فى خدمة الشراكة الاقتصادية الواعدة".
الجزائر الشقيقة كانت أول دولة يزورها الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب توليه الرئاسة فى ٢٠١٤. وفى يناير الماضى، حل الرئيس عبدالمجيد تبون ضيفًا عزيزًا على مصر، لمدة يومين، استمرارًا للتشاور الدورى والتنسيق المكثف، و"تعزيزًا للعلاقات المتميزة التى تربط البلدين الشقيقين وما يجمعهما من مصير مشترك ومستقبل واحد"، بحسب تعبير الرئيس تبون، الذى كرر المعنى نفسه خلال استقباله الدكتور مصطفى مدبولى، واصفًا تجارب البلدين، معًا، بأنها قوية وإيجابية، ومستعرضًا جهود وبرامج الجزائر التنموية، التى تؤكد أنه منذ توليه منصبه، فى ديسمبر ٢٠١٩، يسير بخطى تشبه تلك التى سار ويسير بها الرئيس السيسى.
مع الأواصر التاريخية الوثيقة، التى تجمع البلدين الشقيقين، هناك أيضًا مساحة كبيرة من المصالح المشتركة، على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أنهما يواجهان مخاطر وتهديدات وتحديات تكاد تتطابق، ويتشاركان الرؤية نفسها، التى تقوم على أهمية العمل على توفير الأمن والتنمية الاقتصادية لدول المنطقة، و... و... ومع ذلك، لا يزال حجم التبادل التجارى أقل بكثير من إمكانات البلدين، ولا يتسق مع الاتفاقيات السارية بينهما. صحيح أن الظروف الحالية فى ليبيا، التى تنتقل البضائع خلال أراضيها بريًا، حالت دون ذلك، لكن كان ينبغى البحث عن طرق بديلة. وبالفعل، أشار رئيس الوزراء إلى أن خط النقل البحرى، الذى اتفقنا مع تونس على إقامته، يمكن أن يمتد ليصل إلى الموانئ الجزائرية.
أيضًا، قامت الحكومة الجزائرية بإلغاء القائمة السلبية للسلع المتبادلة بين البلدين، ما قد يسهم فى زيادة حجم المبادلات التجارية، ومن المتوقع أن تقوم بإلغاء القيود غير الجمركية المفروضة على قائمة أخرى من السلع وتسهيل إجراءات الإفراج عن البضائع المصرية فى الموانئ الجزائرية. والإشارة هنا مهمة إلى أن حكومة الدولة الشقيقة أصدرت قانونًا جديدًا للاستثمار يساوى بين المستثمر المحلى والأجنبى. ما يعنى أن هناك إمكانية للتعاون وجذب رءوس أموال مشتركة لبناء مشروعات كبيرة تقوم على التكامل الإنتاجى.
فى كلمته، التى افتتح بها أعمال اللجنة العليا، أكد رئيس الوزراء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى المشددة بأهمية العمل المخلص والجاد للنهوض بمستوى العلاقات المصرية الجزائرية إلى شراكة استراتيجية، يمتزج فيها عرق وجهود مواطنى البلدين فى ميادين البناء والتنمية. وأعرب عن ترحيب الدولة المصرية بإعلان الرئيس الجزائرى عام ٢٠٢٢ عامًا للاقتصاد، متطلعًا إلى تنفيذ مشروعات صناعية مشتركة فى المجالات التى يتمتع فيها البلدان بمزايا نسبية. وبعد أن أشاد بخطة الرئيس تبون لبناء مليون وحدة سكنية، ناشد شركات المقاولات المصرية أن تشارك فى إنجاز هذا المشروع المهم، كما أثنى على توجه الدولة الشقيقة نحو التوسع فى إنتاج الطاقة النظيفة، وجدّد دعوتها للمشاركة فى مؤتمر المناخ، كوب ٢٧، الذى تستضيفه مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.
بالمثل، تحدث رئيس الوزراء الجزائرى، أو الوزير الأول، عن حتمية تكثيف الجهود لتذليل العقبات ووضع أطر عملية واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، وفق خطة عملية تتضمن أهدافًا محددة وضمن آجال زمنية لتحقيقها، ودعا كل القطاعات والشركاء الفاعلين الاقتصاديين فى البلدين إلى الانخراط فى هذا المسعى.
أخيرًا، وفى ختام ترأسهما أعمال اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة، شهد رئيسا وزراء البلدين مراسم توقيع اتفاقات وتفاهمات، أضيفت إلى الإطار القانونى المنظم للعلاقات الثنائية، الذى يضم ٥٨ اتفاقًا ومذكرة تفاهم وبروتوكول تعاون وبرنامج تنفيذى، تؤصّل كلها لتعاون اقتصادى له آفاق استراتيجية، يقوم على التكامل فى مختلف مجالات الإنتاج السلعى والخدمى.