.. والقمة المصرية البحرينية
من سلطنة عمان، التى كان قد توجّه إليها الإثنين الماضى، ذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء الثلاثاء، إلى مملكة البحرين، واجتمع صباح أمس الأربعاء، مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذى أعرب عن اعتزاز المملكة، حكومة وشعبًا، بما يجمعها بمصر وشعبها من أواصر تاريخية وطيدة وعلاقات وثيقة، مؤكدًا تقديره البالغ للدور الاستراتيجى والمحورى، الذى تقوم به مصر فى حماية الأمن القومى العربى والدفاع عن قضايا الأمة العربية.
المملكة الشقيقة، هى إحدى دول الرباعى العربى الداعى لمكافحة الإرهاب، الذى يضم مصر والإمارات والسعودية، ويهدف إلى تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية بين أطرافه. وكالعادة، أظهرت المباحثات والمشاورات بين الزعيمين متانة وقوة العلاقات المصرية البحرينية وما تتميز به من خصوصية، وأكدت حرص البلدين على تطوير التعاون والتنسيق، لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والأمة العربية.
مجددًا، تباحث الزعيمان بشأن مختلف جوانب العلاقات الثنائية، واتفقا على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات بين كبار مسئولى البلدين بصورة دورية، وتشاورا إزاء تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية. كما تبادلا، للمرة الثانية أو الثالثة، وجهات النظر بشأن القمة المرتقبة، التى تستضيفها مدينة جدة السعودية، منتصف الشهر المقبل، بين قادة مصر والأردن والعراق ودول مجلس التعاون الخليجى والرئيس الأمريكى.
ملك البحرين كان هنا، فى مصر، منذ عشرة أيام تقريبًا، وعقد معه الرئيس السيسى جلسة مباحثات ثنائية، سبقت قمة شرم الشيخ الثلاثية، التى شاركهما فيها الملك عبدالله بن الحسين، ملك الأردن، وتناولت مسارات التعاون البناء بين الدول الثلاث والتنسيق المتبادل بينها تجاه مختلف القضايا، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية. ورحّب خلالها الزعماء الثلاثة بالقمة العربية الأمريكية المرتقبة.
مباحثات شرم الشيخ، الثنائية والثلاثية، عكست تفاهمًا متبادلًا إزاء سبل التعامل مع عدد من القضايا الإقليمية والدولية، وتوافق خلالها الزعيمان، ثم الزعماء الثلاثة، على تعظيم التعاون وزيادة التنسيق لتطوير منظومة العمل العربى المشترك. وكنا قد أشرنا، أمس، إلى أن زيارة الرئيس لسلطنة عمان تستكمل، مع زيارة البحرين، الجهود المصرية التى تهدف إلى تأسيس مزيد من قواعد العمل المتكامل، وبناء توافق عربى للتعامل مع تداعيات الأزمة الأوكرانية، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، التى تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى والتصدى لمحاولات التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة وزعزعة استقرارها.
رؤية مصر للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، فى مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، طرحها الرئيس السيسى، منذ كان مرشحًا لرئاسة الجمهورية، حين أكد لقناة «سكاى نيوز عربية»، فى مايو ٢٠١٤، التزامنا بحماية الأمن القومى العربى. وبتعبير «مسافة السكة»، أوضح أن قواتنا المسلحة قادرة على الوصول إلى أى دولة، تتعرض لأى تهديد فى أسرع وقت ممكن. وفى كلمته خلال حفل التنصيب، كرر التعبير نفسه مبتسمًا: «مسافة السكة.. مش كده ولّا إيه؟». وبشكل أكثر وضوحًا، قال فى منتصف فبراير ٢٠١٦ إن الجيش المصرى هو جيش كل العرب، و... و... ولم تتوقف إشارات الرئيس إلى استعداد مصر وجيشها لصد أى خطر خارجى يمس أمن دول المنطقة العربية، الذى هو جزء لا يتجزأ من أمننا القومى.
تأسيسًا على ذلك، أو انطلاقًا من تلك الرؤية، جدّد الرئيس السيسى، خلال قمة، أمس، تأكيده أن التكاتف ووحدة الصف العربى واتساق المواقف، من أقوى السبل الفعالة لدرء المخاطر الخارجية عن الوطن العربى ككل. كما أكد الملك حمد بن عيسى، مجددًا، تطابق موقف بلاده مع الجهود المصرية الحالية لتسوية مختلف النزاعات بالمنطقة، مشددًا على تلاحم الأمن القومى المشترك لكلا البلدين، وأن مصر ستظل دائمًا الشريك المحورى للبحرين بالمنطقة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى وملك البحرين شهدا، فى ختام قمتهما، مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين الشقيقين فى مجالات التعاون الاقتصادى والعلمى والتكنولوجى، والاستثمار، والتعاون القانونى والقضائى، وتنمية الصادرات، وتنظيم المعارض، وحماية البيئة، والتربية والتعليم، وخدمات الشحن البحرية والجوية، والتعاون بين محافظة العاصمة بمملكة البحرين ومحافظة القاهرة.