تحديات وصورة
شاركت مؤخراً مع وفد يمثل الحزب الذى أتشرف بالإنتماء اليه فى تسليم رؤية الحزب الى الهيئة الوطنية للتدريب المنوط اليها بتلك المهمة وذلك لمناقشة الافكار التى وردت به خلال الحوار الوطنى الذى أعلن عنه السيد الرئيس مؤخراً والذى يشمل العديد من أطياف المجتمع السياسى والحزبى والمعارضة التى لم تتلطخ يدها بدماء الشهداء من ابناء الوطن ولم يتجاوزا فى حق وطنهم ولم يتعاملوا مع اجهزة مخابرات تقوم بتمويلهم وتضع لهم الخطط الاعلامية التى تهدف الى نشر الفوضى وبث الأكاذيب وإجتزاء الحقائق للتشكيك فى نجاحات وإنجازات الدولة.
وبغض النظر عما إحتوت عليه رؤية الحزب او عن الحوار الذى دار خلال تسليم هذا الملف إلا اننى واثناء تلك الجلسة الراقية مع السادة القائمين على إستلام ملفات الاحزاب عادت بى الذاكرة الأمنية الى ثورة 30 يونيو 2013 وما قبلها بعامين وتساءلت هل لو لم تقم تلك الثورة كان لنا ان نكون فى مثل هذا المشهد وهذا اللقاء اليوم ؟؟؟ بالطبع لا يمكن ان يحدث ذلك....استرجعت شريطاً طويلاً من الاحداث البائسة التى شهدتها البلاد منذ 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013 وجميعها أحداث كانت تشير الى اننا نسير وبسرعة كبيرة الى مجهول مخيف لا يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى ... تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى شبه دولة وشعباً محبطاً واماكن هامة وحيوية محترقة وقوات للشرطة تعيد بناء نفسها على إستحياء وحالة من الخوف والقلق تسيطر على الملايين من الاخوة الاقباط شركاؤنا فى الوطن وهم يرون الكنائس تحترق امام اعينهم وبعضها يتعرض للتفجير وحالات الخلافات الطائفية تتفجر فى صعيد الوطن.
تذكرت كل هذا خلال الفترة الوجيزة التى قضيتها هناك وطرحت ذات السؤال على جميع الحضور وكانت الاجابة واحدة...لقد أنقذ الله مصر على ايدى هؤلاء الابطال من رجال القوات المسلحة والشرطة وتحت قيادة رشيدة وجريئة من
الرئيس عبد الفتاح السيسى ....ولكن يأتى قبل كل ذلك إرادة الشعب المصرى الحقيقى الذى يمتلك هذا الوطن ...هذا الشعب السيد فى قراره ....القائد فى افعاله ...الجرئ فى تصديه لهذه العصابة الغاشمة التى سرقت احلامه وطموحاته فى غد مشرق يأمل فيه تحقيق العدالة الاجتماعية التى خرج من اجلها فى 25 يناير ولم يستغرق وجوده الحقيقى السلمى سوى ثلاثة ايام فقط عندما قفز على احلامهم وآمالهم اهل الشر من كل صوب وحدب فهنا جماعة الاخوان الارهابية وهناك تنظيم داعش يحاول ان يفصل جزءاً غالباً من وطننا فى سيناء ويعلن عليه قيام الدولة الاسلامية المزعومة ....وبين هؤلاء وهؤلاء من يمسكون العصا من الوسط طمعاً فى تحقيق اى مكتسبات من اى نوع على حساب هذا الشعب البسيط الذى خرج يبحث عن نفسه فى جميع محافظات مصر ولم يرجع الا عندما تأكد من سقوط هذه الشراذم من القاتلين والافاقين والمتلاعبين بالدين او الذين يحتمون تحت غطاء دول لا تريد لمصرنا البقاء او الامان والسلام.
أجدنى اليوم اناشد هذا الشعب الا تكون ذاكرته مثل ذاكرة السمك ...اريده ان يسترجع معى تلك الاحداث الكئيبة التى مر بها على مدار ثلاث سنوات عجاف اعقبها الكثير من العمليات الارهابية التى راح ضحيتها الغالى والنفيس من ابناءه ....تذكروا معى اللجان الشعبية التى كانت عبارة عن مجموعات من المسجلين خطر والمجرمين ومن يتعاطون المخدرات وهم يستوقفون المارة والسيارات لتفتيشهم والاستيلاء على ما معهم ...تذكروا الخوف على بناتنا وابناءنا بعد الساعة السادسة مساء....تذكروا هؤلاء المتلونين وهم يغيرون جلودهم ومواقفهم تذللاً وتقرباً من العصابة الحاكمة من كهنة الدين وعبدة المناصب على حساب آمان واحلام الشعب.
عدت مرة اخرى الى اللقاء والى دعوة الرئيس لهذا الحوار التى ما كانت لتتم الا بعد ان عادت الى الوطن روح الآمان والاستقرار والثبات والثقة....ما كانت لتتم الا بعد ان عادت جميع الدول العربية الى الدولة المرجعية الاصلية لهم فى الوطن العربى وهى مصر العروبة التى أصبحت قبلة لزعماء العرب جميعاً يفدون اليها للتنسيق والتشاور والدعم والتأييد ...كما اصبحنا غالباً القاسم المشترك فى معظم المنتديات الدولية الاقتصادية كممثل عن افريقيا او الدول العربية وهو ماحدث مؤخراً عندما حلت مصر ضيفة فى جلسات الحوار رفيع المستوى للتنمية العالمية فى إطار تجمع البريكس بلس والذى يعقد تحت رئاسة جمهورية الصين ومشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات .
هذه هى مصر التى نراها بعد ثمانية اعوام من تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مسئوليته تجاه شعب مصر العظيم.
بطبيعة الحال فإننى لا ادعى اننا وصلنا لما كنا نحلم به فى وقت من الاوقات ولكننا يجب ان نكون من الانصاف بحيث نشير الى ان سيادته مازال يتعامل مع إرث طويل من الإهمال والتجاهل فى العديد من الملفات الداخلية والخارجية ....الا انه حقق وبلا شك القدر الاكبر من الاستقرار والامان والثقة وهو الامر الذى جعله يدعوا الى هذا الحوار الذى اتوقع ان يحقق قدراً كبيراً من النجاح بعدما علمت انه فتح المجال للعديد من عناصر المعارضة بمختلف توجهاتها عدا تجار الاديان ومن تلطخت ايديهم بدماء شرفاء الوطن ومن تأمروا عليه من الداخل ومن الخارج.
التحديات والمخاطر جسام ولا شك ...ولكن الامل قائم مادام هذا الوطن يحتضن هذا الشعب المصرى الاصيل ...نعلم جميعاً ونرى تلك المحاولات المستميته لشق صف الوطن وتصدير الافكار الهدامة لشبابه وتلك الجرائم التى ترتكب يومياً والتى تدل على ضعف الايمان والوعى وسوء التربية والتعليم وهو ما يلقى على مفكرينا ورجال ديننا ونوابنا وإعلامنا مسئولية كبيرة لإعادة التوازن والاتزان داخل كيان الاسرة المصرية والشارع المصرى وهو دور لو تعلمون عظيم.. تحيا مصر.