القمة المصرية العمانية
إلى سلطنة عُمان الشقيقة، توجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول الإثنين، وعقد جلسة مباحثات أو اجتماع قمة مع السلطان هيثم بن طارق آل سعيد فى «قصر العلم العامر» بالعاصمة مسقط، تناولا خلالها مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبحثا سبل تعزيز وتنويع أطر التعاون الثنائى بين البلدين، وتبادلا الرؤى بشأن القمة المرتقبة بين قادة مصر والعراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى والرئيس الأمريكى، المقرر عقدها منتصف الشهر المقبل فى مدينة جدة السعودية.
القمة المصرية العمانية تأتى استكمالًا لما حققته زيارة الرئيس للسلطنة فى ٤ فبراير ٢٠١٨، من نتائج، كما تستكمل، أيضًا، مع زيارة الرئيس لمملكة البحرين الشقيقة، الجهود المصرية التى تهدف إلى تأسيس مزيد من قواعد العمل المتكامل، وبناء توافق عربى للتعامل مع تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، ومواجهة التحديات والأزمات الإقليمية والدولية، التى تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى والتصدى لمحاولات التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة وزعزعة استقرارها.
مع تناول الأزمة الروسية الأوكرانية وتبعاتها على المنطقة، وكيفية التعامل العربى مع تداعياتها، ناقش الزعيمان تطورات عدد من القضايا العربية والإقليمية والدولية، على رأسها الأزمة اليمنية، وتوافقا على أهمية تعزيز التنسيق بين البلدين، لدعم وحدة وسيادة الدولة الشقيقة وسلامة مؤسساتها الوطنية، وصولًا إلى تسوية سياسية مستدامة تنهى معاناة الشعب اليمنى وتلبى طموحاته، مع التشديد على أن أمن واستقرار اليمن يمثلان أهمية قصوى فى إطار أمن المنطقة العربية ومنطقة البحر الأحمر.
اعتزاز مصر بعمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية مع السلطنة الشقيقة، أكده الرئيس السيسى معربًا عن حرصه على دفع التعاون الثنائى إلى آفاق أرحب فى شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية. كما ثمّن الرئيس مستوى التنسيق القائم ووحدة الرؤى بين البلدين الشقيقين حول القضايا ذات الاهتمام المتبادل، إلى جانب التوافق العمانى المصرى إزاء كل القضايا الإقليمية والدولية، وحرص البلدين على تعزيز العمل العربى المشترك بما يسهم فى التصدى للتحديات المتعددة التى تواجه الأمة العربية فى المرحلة الراهنة.
بالمثل، أشاد السلطان آل سعيد بالروابط الأخوية الوثيقة والتاريخية التى تجمع بين البلدين، وأعرب عن تقديره للجهود المصرية الداعمة للشأن العمانى على كل الأصعدة، وللدور المصرى البارز فى تعزيز آليات العمل العربى المشترك فى مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة، والذى يراه نموذجًا يُحتذى به فى الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية. كما أكد حرص السلطنة على تعزيز أطر التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، وزيادة الاستثمارات العمانية فى مصر. وكان أبرز ما استوقفنا هو إشادة سلطان عمان بإسهام الجالية المصرية فى عملية البناء والتنمية بالسلطنة.
يبلغ عدد أفراد الجالية المصرية بسلطنة عمان ٦٥ ألفًا، ولهم نادٍ اجتماعى، تم إشهاره بموجب قرار وزارة الشئون الاجتماعية العمانية رقم ١٩٢ لسنة ٢٠٠٥، وقام سامح شكرى، وزير الخارجية، بافتتاح مقره الجديد، فى ٢٣ يناير الماضى، خلال رئاسته الوفد المصرى المشارك فى الدورة الخامسة عشرة للجنة «المصرية العُمانية» المشتركة، التى كانت، ولا تزال، آلية مهمة لتعزيز وتنشيط أطر التعاون الاقتصادى بين البلدين.
العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين، قيادة وشعبًا، هى المظلة الحقيقية لدعم جهود تطوير التعاون المشترك فى المجالات الاقتصادية المختلفة.
وبهدف توسيع تلك المظلة، وتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية، أجرى الرئيس السيسى حورًا مفتوحًا مع ممثلى مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات فى السلطنة، بحضور عدد من المسئولين العمانيين وممثلى الجهات الحكومية المعنية، وشاهدوا فيلمًا وثائقيًا عن الإنجازات التنموية والاقتصادية التى شهدتها مصر خلال الثمانى سنوات الأخيرة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرغبة الجادة، والمتبادلة، فى بناء شراكة متنامية أكدتها ستّ مذكرات تفاهم واتفاقيتان وثلاثة برامج تنفيذية ورسائل تعاون، جرى توقيعها صباح أمس، فى مجالات تعزيز المنافسة وترويج الاستثمار وتنمية الصادرات وإنشاء وإدارة المناطق الصناعية. ونقلت وكالة الأنباء العمانية عن بدر بن حمد البوسعيدى، وزير الخارجية، أنّ تلك الاتفاقيات تأتى استكمالًا لمجموعة سابقة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات، وسوف يلحق بها المزيد، وصولًا إلى مضاعفة حجم التبادل التجارى والاستثمارى.