ذكريات سيئة لأم كلثوم مع رحلات العلاج فى أوروبا: «فوضى وفقر وحر وغلاء»
بعد عودة كوكب الشرق أم كلثوم من رحلة علاج فى العاصمة الفرنسية باريس عام ١٩٤٩، من مضاعفات آلام الغدة الدرقية التى عانت منها فى سن صغيرة، أجرت حوارًا لمجلة «الاثنين والدنيا» نُشر على صفحة واحدة.
اكتفت أم كلثوم فى رحلتها بأن تتعرف على أسلوب الحياة فى أوروبا، وقارنت بين الحياة فى بلدان القارة العجوز، حيث لاحظت أن نظام المعيشة فى إيطاليا أيام موسيلينى كان غاية فى النظام والنظافة، لكنه تبدل وأصبح قذرًا وفوضويًا بعده، وعبرت عن إعجابها بسويسرا وجمال طبيعتها.
بكت أم كلثوم فى رحلتها مرتين، الأولى فرحًا من حفاوة الاستقبال من المصريين فى مطار لندن ومحطات القطارات وفى السفارة المصرية، رغم أن سفرها كان فجأة، قالت: «لقد خلقوا قاهرة أخرى فى قلب لندن»، كما أقاموا لها حفلة فى النادى المصرى شارك فيها طلبة الطب والهندسة والدراسات العليا المبتعثون.
أما المرة الثانية، فكانت أثناء عودتها على متن الباخرة إلى مصر، واستقبلها المصريون استقبالًا لم يقل حفاوة عن استقبال المصريين فى باريس، قالت: «لقد بكيت لحظتها حين حملنى مختار حسين ليشق بى طريق الزحام، وقلت لنفسى إننى لا أطلب من الله سوى أن يحفظ لى حب المصريين فى قلوبهم كما هو الآن».
حكت كوكب الشرق أم كلثوم عن أن أطباء من جنسيات مختلفة، إنجليز وسويسريين وفرنسيين، أثنوا على الطريقة التى عالجها بها الأطباء المصريون.
وتطرقت أم كلثوم لزيارتها لأوروبا، وقالت إن آخر مرة زارت فيها دولًا أوروبية كانت عام ١٩٣٩، قبل نشوب الحرب مباشرة «تشوهت الصورة الجميلة التى كانت عنها فى مخيلتى»، ورأت أن أوروبا تسودها الفوضى والاضطرابات، ولن تنهض مرة أخرى.
وسرد الكاتب الصحفى محمد الشماع فى كتابه «الشعب يبدى رأيه فى كل ما حدث»، أن كوكب الشرق أكدت أن باريس لم تعد مدينة النور، بل أضحت مدينة للفقر والمرض والجهل، إذ يعيش الشعب فى حالة من الفقر يرثى لها، حتى إن الطبيعة تكالبت عليها وحرمتها من جوها المعتدل، وتبدل جوها فأصبح حارًا تشوبه رطوبة لا مثيل لها فى مصر، الأمر الذى اضطر معه المصريون الذين يعيشون فيها للعودة مرة أخرى لمصر، فقالت: «الفقر قضى تمامًا على أناقة باريس». ولفتت أم كلثوم إلى أن غابة «بولونيا» التى كانت بمثابة رئة تتنفس عبرها باريس احترقت، والمرأة الأنيقة النظيفة فى باريس، إما مصرية أو أمريكية، إضافة إلى أن أسعارها ارتفعت ارتفاعًا فاحشًا.
أما عن لندن، فوصفتها كوكب الشرق، بأن جوها لا يطاق، ما دفعها إلى أن ترحل بعد أسبوع واحد قضته فيها، وأضافت: «كنت أقضى نهارى فى السفارة المصرية، فأنسانى كرم أهلها المصريين حر لندن وثقل ظل أهلها».