متحدون ضد مجاعة عالمية
مع جهود «التحالف العالمى للأمن الغذائى»، GAFS، و«بعثة الصمود فى مجال الأغذية والزراعة»، FARM، و«برنامج الأغذية العالمى»، WFP، استضافت العاصمة الألمانية برلين، أمس الأول الجمعة، مؤتمرًا عنوانه «متحدون من أجل الأمن الغذائى العالمى»، شارك فيه، حضوريًا وافتراضيًا، وزراء خارجية الدول السبع الصناعية الكبرى، وممثلون عن حوالى ٤٥ دولة ومنظمة، أبرزهم أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، الذى حذر، فى كلمة عبر الفيديو كونفرانس، من أزمة جوع أو مجاعة عالمية غير مسبوقة.
مؤشر الأمن الغذائى العالمى، المقياس الذى تستخدمه وكالات الأمم المتحدة والأجهزة الإقليمية ومنظمات الإغاثة الدولية، أكد أن ملايين الأشخاص فى ٣٤ دولة يقفون، بالفعل، على حافة المجاعة. و«هناك خطر حقيقى من مجاعات متعددة هذا العام، والعام المقبل قد يكون أسوأ»، بحسب جوتيريش، الذى أوضح أن «الحرب فى أوكرانيا» فاقمت المشكلات المتراكمة، على مدى سنوات، مثل اضطرابات المناخ ووباء كورونا المستجد والخلل الكبير فى وتيرة التعافى. ودون الإفصاح عن تفاصيل، قال إن الأمم المتحدة تجرى مفاوضات مع روسيا وأوكرانيا لتأمين مرور الحبوب، ليس فقط عبر البر، ولكن أيضًا عبر البحر الأسود.
فى اليوم نفسه، يوم الجمعة، شارك عدد من رؤساء الدول والحكومات فى جلسة حوار رفيعة المستوى للتنمية العالمية، فى إطار «البريكس بلس». واستعدادًا لانطلاق قمة «مجموعة السبع»، اليوم الأحد، فى بافاريا، اجتمع وزراء خارجية دول المجموعة: الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا واليابان، وقالوا، فى بيان مشترك، إن روسيا وحدها تتحمل مسئولية أزمة الغذاء التى يواجهها العالم، ووصفوا الرواية الروسية بشأن العقوبات، بأنها كاذبة ومضللة، وطالبوا موسكو بفك حصارها عن الموانئ الأوكرانية.
الرواية الروسية المشار إليها، طرحها الرئيس فلاديمير بوتين، الجمعة قبل الماضى، فى الجلسة الرئيسية لمنتدى سانت بطرسبرج. وأعاد طرح الرواية نفسها، خلال جلسة أو قمة «البريكس بلس»، مؤكدًا أن العالم وصل إلى هذا الوضع نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على بلاده، وبسبب الممارسات الاقتصادية والسياسية لمجموعة السبع، وقال إن روسيا قادرة على ضخ ٥٠ مليون طن من القمح للأسواق العالمية، ومستعدة لتأمين الممرات البحرية لتصدير الحبوب من أوكرانيا، حال قيام الأخيرة بإزالة الألغام التى زرعتها قرب الموانئ، ووصف الاتهامات التى توجهها الدول الغربية لروسيا بأنها هستيريا يتم تضخيمها بشكل مصطنع.
المهم، هو أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى شارك الرئيسين الروسى والصينى، خلال منتدى سانت بطرسبرج، فى طرح «تشخيص ثلاثى لأزمات العالم»، كما أوضحنا تحت هذا العنوان فى مقال سابق، شارك أيضًا، أمس الأول الجمعة، فى قمة «البريكس بلس»، أو جلسة الحوار رفيعة المستوى، بعد مشاركته، سنة ٢٠١٧، فى القمة التاسعة لتجمع البريكس، وبعد أن انضمت مصر، فى ديسمبر الماضى، إلى عضوية «بنك التنمية الجديد»، الذى أنشأته دول التجمع: الصين، روسيا، البرازيل، الهند وجنوب إفريقيا، التى تمثل أكثر من ٢٠٪ من إجمالى الناتج المحلى العالمى، إلى جانب ثقلها فى المحافل الدولية، السياسية والاقتصادية.
فى كلمته، قال الرئيس السيسى إن مصر تثمن حرص تجمع البريكس، على تبنى رؤية مشتركة تجاه القضايا السياسية والاقتصادية، خاصة فيما يتعلق باستشراف آفاق التعاون التنموى ودعم تمويل التنمية. لكنه أكد ضرورة ألا تأتى جهود معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية على حساب دعم تحقيق التنمية المستدامة فى الدول النامية والأقل نموًا، التى ما زالت تعانى من نقص فى التمويل يحول دون تحقيق تقدم ملموس فى تنفيذ أجندة ٢٠٣٠، وأوضح أن تحقيق أهداف التنمية ينبغى أن يكون بالتوازى مع تكاتف الجهود الدولية لمعالجة التحديات التقليدية وغير التقليدية، التى تأتى على رأسها قضيتا الإرهاب وتغير المناخ.
.. وأخيرًا، لا نعتقد أنه يمكن حل أزمة الغذاء، أو تجنب المجاعة العالمية، الوشيكة أو المحتملة، بالمزايدات، تبادل الاتهامات أو برفع شعارات سياسية تزيد من تعقيد الأزمة، بل باتخاذ خطوات جادة وعملية لتحقيق الاستقرار فى الأسواق وتقليل التقلبات فى الأسعار، والتوقف عن فرض، استخدام أو توظيف، العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولى متعدد الأطراف.