«خطورة مضاعفة».. ما وراء نشر صور وفيديوهات القتل والعنف
ذبح وفصل عن الجسد، وتمثيل بالجثة، وغيرها من أمور لم يعتاد عليها المجتمع المصري كانت هي وقائع الجرائم التي شهدها في الفترة الأخيرة، في حالة من الرعب والفزع الذي أصاب أفراده، ومع توافر كاميرات الهواتف المحمولة في يد الجميع تهافت الكثيرون لتوثيق تلك الجرائم ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف مقاصده سواء كانت بحثًا عن اللحاق "بالترند" أم بهدف نقل الحقيقة.
أحدث فيديوهات الرعب التي ملئت منصات التواصل الاجتماعي، هو فيديو مأساة طالبة المنصورة الأخيرة "نيرة" التي ذبحها زميلها أمام باب الجامعة لرفضها طلبه الزواج منها.
فيديو ذبح "نيرة" انتشر في الساعات الأولى من وقوع الحادث ونتج عنه تعالي الأصوات المنادية بحذفه لما سببه من إثارة الذعر والرعب في نفوس المواطنين، وتلاه أمر النيابة العامة بمنع تداوله احترامًا لمشاعر ذوي "نيرة" وتقديرًا لحزنهم على ابنتهم.
خبير نفسي: مشاهدته تسبب اكتئاب وتوليد العنف
"يتسبب نشر فيديوهات العنف بما تتضمنه من مناظر دموية ومأساوية إلى إصابة بعض الأفراد بالاكتئاب" حسب قول الدكتور هشام ماجد أستاذ الأمراض النفسية بجامعة عين شمس، موضحًا أن الكثير من الأشخاص، وخاصة أصحاب الأعصاب الضعيفة منهم من الممكن أن يتأثروا بمشاهدة مثل هذه الفيديوهات، ويمكنها التسبب في توترهم وتكون نظرتهم للحياة مظلمة كما يمكن أن يستمر هذا الشعور معهم لفترات ليست بالقليلة، وكل على حسب شخصيته.
وتابع هشام أنه من ناحية أخرى فإن مشاهدة مثل هذه الفيديوهات يمكنه أن يتسبب كذلك في توليد المزيد من العنف نظرًا لكونها تجعل مشاهدة العنف أمرًا اعتياديًا، وبالتالي يمارسه الشخص بشكل لا إرادي نتيجة كثرة مشاهدته لهذه الفيديوهات.
خبير نفسي: لهث وراء “التريند” يتسبب في تأثير خطير على أهالي الضحايا
من ناحية أخرى تحدث الدكتور محمود سمير استشاري علم النفس عن أثر عرض صور وفيديوهات الجنازات معتبرًا إياها مُتاجرة بأحزان وآلام من أصابتهم مصيبة، وذلك من أجل اللهث وراء التريند، موضحًا أن هذا الأمر يتسبب في تأثير نفسي خطير على ذوي الضحايا، ويمثل استهانة بأحزانهم وآلامهم، فما هو إلا تعجل فقط من أجل التقاط الصورة مطالبًا الجهات المسئولة بتنظيم هذا الأمر.
ولم يكن تداول فيديوهات العنف والتي تتضمن مشاهد الذبح ليس بالمرة الأولى إذ سبق وأن تداولت فيديوهات مذبحة الإسماعيلية التي وقعت العام الماضي وفيها ذبح أحد الأفراد صديقه وفصل رأسه عن جسده ومثل بجثته أمام المارة مما سبب حالة من الهلع لدى المتابعين.
عالم أزهري: يجب مراعاة حرمة الموتى
كثيرًا من الصور لا يراعي ناشروها حكم الله عند تصويرها حسب الدكتور ربيع محمود من علماء الأزهر الشريف في حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أنه لا حرج في عرض صور ومقاطع الأشخاص القتلى والجرحى إلا أنه ينبغي مراعاة الضوابط الشرعية في هذا الأمر.
وأوضح ربيع بعضًا من هذه الضوابط قائلًا: "عورات المسلم لا ينبغي أن تظهر سواء كان جريحاً، أو قتيلاً فليس هناك عذر لمن نشر تلك الصورة، وخاصة إذا تعلق الوضع بالمرأة حفاظًا على حرمتها.
وأضاف أنه لا ينبغي كذلك نشر صور الأشلاء، والرؤوس المقطوعة، وذلك حفاظاً على حرمة المسلم، لما قد تورثه هذه المشاهد والصور من يأس وقنوط وكذلك جزع في نفوس بعض الأشخاص.
وأكد ربيع كذلك على ضرورة تحري المصداقية في النقل، موضحًا أن عدم تحري الصدق ينتج عنه إثارة الفتن والرعب في المجتمع، وهو أمر يغضب الله ورسوله، مُشيرًا إلى أن عرض صور وفيديوهات الجرائم أمر في غاية الأهمية، ويعد دليلًا على مرتكبيها ولكن إذا عرض على الجهات المختصة بالتحقيقات للاستدلال بها.