منتدى أسوان.. سلام وتنمية
تحت عنوان «إفريقيا فى عصر من المخاطر المتتالية وقابلية التأثر المناخى: مسارات لقارة سلمية، قادرة على الصمود، ومستدامة»، انطلقت صباح أمس، فعاليات النسخة الثالثة من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، التى ننتظر أن تنتهى، مساء اليوم، بحلول مبتكرة، ورؤى محددة، تحقق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقى ٢٠٦٣ وأجندة التنمية المستدامة الأممية ٢٠٣٠، وتلبى التطلعات الإفريقية فى مجالات البنية التحتية والصحة والأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والأوبئة وتدهور البيئة والتغير المناخى.
بخصائص أقاليمها الخمسة الرئيسية المتنوعة، حضاريًا، ثقافيًا، واقتصاديًا، وبناتجها المحلى الإجمالى، الذى يزيد على ٢.٢ تريليون دولار، وبعدد سكانها الذى يتجاوز ١.٢ مليار نسمة، يمكننا وصف القارة السمراء بأنها كنز المستقبل. ومع التحركات المصرية، المصيرية، منذ منتصف ٢٠١٤، التى أسهمت فى إعادة ترتيب أولويات القارة الإفريقية، وتقديم المساندة الفعالة لدولها الشقيقة، أطلقت مصر النسخة الأولى من هذا المنتدى، خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى سنة ٢٠١٩، واستطاع خلال النسختين السابقتين أن يصبح منصة رفيعة المستوى، تناقش التحديات التى تواجه دول القارة، وتطرح الحلول الشاملة والمبتكرة للتصدى لها.
واقعيًا وافتراضيًا، حضوريًا أو عبر الفيديو كونفرانس، يشارك فى فعاليات المنتدى عدد من الوزراء الأفارقة وكبار مسئولى الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية. ومن المقرر أن يناقش، خلال يومى انعقاده، عددًا من الملفات المهمة، مثل دعم التعاون من أجل مواجهة ظاهرة التغير المناخى ومكافحة الإرهاب وتجاوز تداعيات وباء كورونا وتحقيق الأمن الغذائى والدفع بجهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، و... و... وأعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى عن ثقته فى أن تلك النقاشات ستشكل إسهامًا رفيعًا ومقدرًا فى صياغة وبلورة رؤى محددة، تعزز جهودنا المشتركة، وتضىء الطريق نحو مستقبل أفضل للجميع.
فى الجلسة الافتتاحية، التى ترأّسها سامح شكرى، وزير الخارجية، حرص الرئيس السيسى على توجيه كلمة مسجلة، أشار فيها إلى أن المنتدى ينعقد هذا العام فى توقيت بالغ الدقة، يعانى فيه المجتمع الدولى من توترات متزايدة لها عواقب بعيدة المدى على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والتنموية، تنعكس آثارها على بلداننا الإفريقية، خاصة على الأمن الغذائى وأمن الطاقة، لتضاف بذلك إلى جملة التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن وباء كورونا، التى لا تزال دولنا تعانى من تبعاتها وآثارها السلبية.
رؤية مصر لمواجهة تلك التحديات، وللتعامل مع التطورات الاستثنائية، غير المسبوقة، التى يشهدها العالم، استعرضها وزير الخارجية فى كلمته، مشددًا على ضرورة تضافر الجهود الدولية لدعم الدول الإفريقية عبر تقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها، ومطالبًا المجتمع الدولى بأن يتبنى نهجًا شاملًا لمكافحة الإرهاب، والعمل على بناء مؤسسات وطنية إفريقية قوية قادرة على مواجهة المخاطر الإرهابية المتتالية.
المنتدى محطة مهمة، أيضًا، فى الطريق إلى الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، والتى سيكون أبرز أهدافها الخروج بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ، لدعم القارة الإفريقية وسد الفجوة بين التمويل المتاح وحجم احتياجاتها، لكونها، وبرغم عدم مسئوليتها عن تلك الظاهرة، تواجه تبعاتها الأكثر سلبية.
تأسيسًا على ذلك، واستعدادًا للمؤتمر، واستنادًا إلى دور مصر الرائد فى تعزيز التعاون الدولى والإفريقى فى مجال السلم والأمن من ناحية، وعلى مستوى مواجهة ظاهرة التغير المناخى من ناحية أخرى، كان طبيعيًا أن يركز المنتدى على القضايا المرتبطة بتغير المناخ فى ضوء تأثيراته المتزايدة على تنمية واستقرار دول القارة، وتداخله مع أزمة النزوح والأمن الغذائى والمائى و... و... وبناء السلام وضمان استدامته.
.. وأخيرًا، نرى أن «المبادرة الإفريقية للطاقة المتجددة»، لا تزال إطارًا فعالًا لحشد الاستثمارات اللازمة لتنفيذ مشروعات برنامج تنمية البنية التحتية فى القارة السمراء. وكنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن هذه المبادرة، المعروفة اختصارًا باسم «AREI»، أطلقها الرئيس السيسى، خلال رئاسته لجنة دول وحكومات إفريقيا المعنية بتغير المناخ، خلال قمة باريس للتغير المناخى، سنة ٢٠١٥، وأشرنا إلى أنها تحمل فرصًا عظيمة لخلق تنمية متوازنة لكل الدول الإفريقية الشقيقة تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.