«قالوا لأ».. حكايات سيدات تعرضن للعنف بعد رفض الزواج
لم تعرف «سارة.م» أن ثمن رفضها لإعجاب أحداهم سيكون تشوهًا في اليد اليمني وربما تطور لولا أنها اتخذت في تلك اللحظة التي تصفها بالأكثر رعبًا في حياتها قرار الإبلاغ.
كانت البداية في مقر عملها حين أبدى أحد الزملاء إعجابه بها: «طلبت منه فرصة للتفكير كأي رد فعل طبيعي لأي فتاة، وبالفعل كنا معًا لمدة أسبوعين أحاول فيهم دراسته جيدًا لاتخاذ قرار بشأن طلبه لكني لم أشعر بالراحة فاعتذرت له عن الاستمرار».
توقعت «سارة» أن رفضها أمرا عاديًا إلا أنه قوبل بإصرار منه أكثر من مرة، لكنها لم تتزحزح عن الرفض، قائلة: «بدأ في ملاحقتي بعد ساعات العمل، يتحايل أحيانًا من أجل الموافقة ومرات أخرى كان يُبدي احتداد في التعامل لكن الأمر لم يقلقني وقتها».
تتذكر «سارة» ليلة الحادثة بعد إصراره على ملاحقتها حتى منزلها، قائلة: «فوجئت به ينتظري أسفل العمل وهو ممسكًا بكلب ضخم ويعرف جيدًا خوفي الشديد منهم، مهددًا بإنه سيفلت الكلب ولا أعرف إلى الآن ما الذي كان يطلبه في تلك اللحظة».
استجمعت الفتاة شجاعتها وتركته واقفًا وسارت في طريقها: «سمعته يهددني بإفلات الكلب وظننت أنه مجرد تهديد حتى فعلها، وركض خلفي الكلب بصوت نباح مرعب حتى وقعت على الأرض وبدأ ينبش يدي لولا تدخل بعض المارة».
رغم قسوة الموقف إلا أن «سارة» ترى الآن مصيرها كان أفضل من «نيرة» طالبة جامعة المنصورة التي قتلت أمس على يد زميلها.
وتضيف سارة: «واقعة نيرة ذكرتني بما حدث بالرغم من مرور 5 سنوات، إلا إنني تذكرته كأنه البارحة، كان مصيري أرحم مما حدث لها، ربما كنت سألقى نفس المصير إلا إنني أبلغت الشرطة واتخذت عليه محضر بعدم التعرض».
تركت تلك الواقعة أثرا كبيرا في نفس «سارة» فلم تعد تشعر بحريتها في الرفض، وتهاب في كل مرة قول كلمة «لأ» في أي علاقة عاطفية: «سلبنا من أقل حقوقنا وهي رفض الاستمرار في أي علاقة حتى لا نتعرض للعنف».
لم يعد الأمر مجرد مزحة بأن من الحب ما قتل أو مجنون ليلى، فقد تطور الأمور إلى القتل والتهديد، ذلك ما تعرضت له فتيات كثيرات أصبحن يخشين قول كلمة «لأ» لطلبات الزواج أو الإعجاب خوفًا من التعرض المباشر للعنف وربما القتل.
نحو 5 مليون و6 آلاف امرأة في مصر يتعرضن للعنف باختلاف أشكاله ومصادره، بحسب نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أصدره المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
ويسير المسح لما هو أبعد حيث خلص إلى أن هناك 2 مليون و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة للعنف.
أما «سها.ح» عشرينية، تلقت تهديدا بالقتل، مؤكدة ام تتخيل تعرضها لذلك الموقف، قائلة: «تقدم ليّ شاب من منطقة سكني، ورغم إننا كنا جيران في نفس الحي، إلا إننا تقابلنا مرات معدودة، وبعد رفضي له في أكثر من مرة، وصل الأمر إلى حد الملاحقة في كل مكان وأثناء نزولي إلى العمل، في البداية لم أخبر أهلي بشيء حتى لا يتم تصعيد الموقف، ولكن عقب ذلك تطور الأمر إلى حد التهديد».
وتضيف: «التهديد كان عبر رسائل إلكترونية بأنني في حالة الرفض وعدم المواقفة سيقتلني، ظننت أنه محضّ تهديد، إلا أن والديّ وقتها أصر على تحرير محضر عدم تعرض تجاهه حتى لا يقوم بتنفيذ ذلك التهديد».
جميع أسماء النساء المستخدمة مستعارة بناء على طلبهن وحفاظا على هويتهن