البنك المركزي يعلن تأسيس مركزا لعلوم البيانات والتحليلات المتقدمة
أعلن نائب محافظ البنك المركزي، رامي أبو النجا، أن تأسيس مركز علوم البيانات والتحليلات المتقدمة بالبنك المركزي، يهدف إلى المساعدة في صنع السياسات الاقتصادية السلمية، واتخاذ القرارات القائمة على البيانات التحليلية الدقيقية وفق أفضل الممارسات الدولية في مجال البنوك المركزية في العالم.
وقال "أبو النجا"، خلال مشاركته في الاجتماعات الـ 29 لبنك التصدير والإستيراد الإفريقي أفركسيم بنك 2022، والتي بدأت يوم الأربعاء الماضي وتختتم فعالياتها اليوم السبت، إنه دائمًا ما كان من الضروري التفكير بشكل نقدي وتحليلي في أدوات وسياسات صنع القرار، ولكن في أعقاب جائحة "كوفيد-19" أصبح الأمر حتميًا، إن لم يكن عاجلاً أيضاً؛ حيث لم يشهد العالم مثل هذا التوقف المفاجئ في النشاط الاقتصادي وبهذا الحجم منذ الأزمة المالية لعام 2008.
وأضاف أن صانعي القرار غالبا ما يحتاجون استجابة سريعة وفعالة للسياسات، كي تُصبح تلك الاستجابة صعبة بشكل خاص عندما لا يمكن قياس الآثار الناجمة عن تلك الصدمات الاقتصادية بشكل سريع، مشيرا إلى أنه في أوقات التعافي من فترات الانكماش الاقتصادي، يظل من المهم قياس الجوانب المختلفة للاقتصاد لضمان تنفيذ السياسات بشكل صحيح.
وأوضح أن هناك حاجة لا جدال فيها لاستخدام بيانات أكثر دقة وبصورة مستمرة، أكثر من أي وقت مضى، كما أنه من الهام إمداد صناع القرار ببيانات غنية ودقيقة، وأصبح هناك حاجة إلى أدوات وتقنيات أكثر كفاءة تُساعد على الاستفادة من البيانات بصورة لم تكن مستخدمة بشكل تقليدي قبل ذلك.
ولفت إلى أنه إدراكًا لهذه الحاجة، شرع البنك المركزي في إنشاء تخصص علوم البيانات والتحليلات المتقدمة الذي سيساعد في اتخاذ المزيد من القرارات القائمة على البيانات، في عام 2020 وفقًا لرؤية ورسالة البنك المركزي المصري بهدف تمكين صنع القرار باستخدام أدوات وتقنيات جديدة وتبني سياسات التحديث.
ولفت إلى أنه تم إنشاء المركز ليصبح مركزاً لامتياز تطبيقات علوم البيانات (Centre of Excellence)؛ بهدف تقديم الدعم للبنك المركزي المصري لتطبيق أحدث وأفضل المنهجيات التي تعتمد على البيانات، ونحن نشعر بالفخر بأسلوب العمل، حيث إنه يتم وفقًا لأفضل الممارسات الدولية في مجال البنوك المركزية وصنع السياسات؛ كما تؤمن القيادة في البنك بضرورة علوم البيانات والتحليلات المتقدمة الهادفة إلى دفع عملية صنع السياسات الاقتصادية.
وأشار إلى أنه تم اختيار أعضاء المركز من الإدارة العليا للبنك المركزي المصري الذين مكنوا وساعدوا بنجاح في تحقيق المكاسب السريعة التي حققها المركز حتى الآن، ويدعم مركز علوم البيانات عملية صنع السياسات في البنك المركزي المصري بثلاث طرق مختلفة، هي البحث حيث يتعاون علماء البيانات لدينا باستمرار مع الاقتصاديين من أجل الاستفادة من نماذج تعلم الآلة والتحليلات المتقدمة للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالسياسات.
وأوضح أنه ثبت أن استخدام تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي من الأمور المفيدة للغاية، ويمكن أن تؤدي هذه الأساليب إلى تحقيق نتائج أفضل لتنبؤات البيانات في العديد من المهام، مثل التنبؤ بمؤشرات الاقتصاد الكلي أو في استخراج الأفكار من مجموعات البيانات الكبيرة.
وذكر أن الطريقة الثانية تتمثل في أن المركز يساعد فرقًا أخرى بداخل البنك المركزي المصري للاستفادة من البيانات المتاحة، واكتشاف طرق جديدة تمكن من استخلاص توصيات واكتساب قيمة من أصولنا الرقمية، وبهذه الطريقة، يساعد المركز على تحديد المجالات ذات الإمكانات غير المُستغلة المتعلقة بالبيانات وخلق معايير وممارسات مستقبلية متعلقة بالبيانات على مستوى المؤسسة في نفس الوقت.
وقال إن الطريقة الثالثة تتمثل في التدريب على التحليل والتواصل، حيث يلتزم مركز علوم البيانات و التحليلات المتقدمة بتنمية المواهب الموجودة بالبنك المركزي المصري في مجال التحليلات المتقدمة، كما يضمن المركز بشكل استباقي انتشار قصص النجاح على مستوى البنك المركزي لتعزيز الرغبة في تنفيذ المزيد من المشاريع التي تعتمد على علوم البيانات.
ولفت إلى أن أحد المشاريع الرئيسية التي يشارك فيها المركز وهو مشروع المؤشرات البديلة، حيث نجح هذا المشروع في توفير رؤية بديلة ومتكاملة للاقتصاد لصانعي السياسات في البنك المركزي المصري من خلال استخدام بيانات غير تقليدية أو بديلة - مثل عرض الأسعار عبر الإنترنت، واتجاهات جوجل، وبيانات الأقمار الصناعية، وبيانات حركة السفن.
وأكد: نُدرك جيدًا أهمية صدور وجمع العديد من البيانات بشكل يومي من حولنا أثناء استخدامنا للبنية التحتية التكنولوجية الموجودة، إذ تشمل بعض هذه الأمثلة تحديد المواقع الجغرافية للأشخاص أو الأشياء، والتوقيت الزمني للأحداث، والمعاملات المتبادلة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها الكثير.
ونبه إلى أن بعض هذه البيانات تكون مفيدة في تكوين رؤى تتعلق بالاقتصاد أو لدعم صانعي القرار، كما نعتقد أن البيانات البديلة والأفكار المُتولدة من خلالها ستكون مكملة لجهود التحليلات التقليدية الموجودة على مستوى البنك المركزي، مشيرا إلى أن العديد من البنوك المركزية والمراكز الإحصائية حول العالم بذلت جهودا واسعة النطاق ومستمرة لاعتماد مؤشرات بديلة، ونحن نفخر بأن يستفيد مركزنا من هذه البيانات البديلة بطريقة تمكننا من تخطي صعاب البيانات التقليدية.
وأوضح أن مصر لديها رئية طموحة وضعتها تحت إسم رؤية 2030، حيث يتم تنفيذ مبادرات تحول رقمي على نطاق واسع، كما أصبح الاتجاه نحو التحديث، وتبني مستقبل تكنولوجي أمرًا واضحًا، ويلتزم البنك المركزي المصري بلعب دور مهم في هذا الاتجاه، حيث يعد تأسيس مركز علوم البيانات مثالاً على هذا الالتزام، إذ نطمح إلى تنمية مركز علوم البيانات لاستيعاب المزيد من المواهب، ومساعدة الفرق عبر البنك المركزي، وبناء قدرات أفضل تعتمد على البيانات.
وثمن نائب محافظ البنك المركزي، السعى للتعاون مع أقراننا بالدول الإفريقية لإنشاء مؤسسات أفضل تكون وظائفها قائمة على البيانات ومشاركة أفضل الممارسات المتبعة حول استخدام البيانات في صنع السياسات، مشيرًا إلى أنه من اللافت للنظر مستوى المرونة التي تمتعت به إفريقيا خلال فترة الاضطرابات الأخيرة، وتبنيها تقنيات جديدة في صنع السياسات تُساهم في زيادة الاستعداد والمرونة في مواجهة الشدائد.