شيطنة الشرق فى «صالون هدى» والاحتلال الرحيم هو الحل
تجمعت الموبقات كلها في فيلم واحد يحمل اسم «صالون هدى»، والذي أراد له صانعه أن يكون مكانًا للهدى والخلاص وطريقًا للنجاة! فالفيلم يرسخ ويبرر لجرائم ارتكبت في حق الحق والإنسانية جمعاء، وجسد ذلك كله على شريط سينما؛ ليظل هذا العمل وثيقة تاريخية ركيكة وفجة تطارد أصحابها حتى آخر الزمان.
وكاتبة هذه السطور علمانية، وبالتالي فالموبقات التي سأتحدث عنها في السطور التالية لا علاقة لها بالجسد أو بالمرأة، العار دومًا في فقر النفوس وتغيير الذمم والمبادئ والافتئات المقزز والمنطق الميكافيللي الذي يساق؛ ليجعل من القاتل وليًا حميمًا متحضرًا متمدينًا، أما الضحايا فهم الوحوش البلهاء غير الآدميين وغير المتحضرين!
وهذا ما صرح به مخرج الفيلم "هاني أبو أسعد" في أحد المواقع الفلسطينية، حيث قال نصًا "إن التحدي الكبير الذي واجهه في الفيلم لم يكن تحديد هوية الضحية أو الجلاد فمن يعتبر نفسه ضحية قد يكون هو الجلاد" وقد صدق "أبو أسعد" تمامًا فيما قاله ونجح نجاحًا مبهرًا في تحديه هذا واستطاع تحقيقه بكفاءة وبدم بارد وخلط الحابل بالنابل لتضيع الهوية التي أراد لها الضياع وجعل الضحية في فيلمه جلادًا وبات الجلاد ضحيةً!
بل ولم يساو بينهما، فالإسرائيلي في فيلمه كان له نصيب الأسد من التبرئة والتبرير وكان للفلسطيني ذات النصيب، ولكن في الإدانة والهجاء والقدح، فالمخرج الذي يأتي اسمه دومًا مصحوبًا بعبارة المخرج الفلسطيني قد أسدى صنيعًا كبيرًا لدولة الاحتلال بفيلمه هذا وغسل لهم فيه أياديهم وذنوبهم "ما تقدم منها وما تأخر" وبرأهم من كل ما اقترفوه منذ عام ١٩٤٨ حتى الآن.
وجعل من الفلسطينيين وحوشًا همجية غير آدمية قامت بحرق شابًا حيًا تمامًا كما فعلت داعش في الطيار الأردني "معاذ الكساسبة"، فالفلسطينيون في فيلمه ظهروا كالدواعش في فيديوهاتها المصورة بالتقنيات الحديثة!
ولإضفاء المزيد من البربرية والوحشية على الفلسطينيين ساق "أبو أسعد" موقف في فيلمه يتحدث فيه عن ٣ شباب فلسطينيين يريدون قتل أمهم لغسل عارها، ليصبح أبناء فلسطين هم قتلة أمهاتهم وليس في قلوبهم ذرة من الرحمة أو الإنسانية أو العواطف.. بما في ذلك عاطفة الأمومة أو البنوة!
أما الغباء فهو السمة الأكيدة والطاغية والغالبة على كل العناصر الفلسطينية التي ظهرت في الفيلم فزوج البطلة- وهو الشخصية الهامشية تمامًا في العمل- أظهره أبو أسعد على هيئة أخرق يريد إطعام طفلته الرضيعة بأكل الكبار، أما الصفة الأخرى والتي امتاز بها جميع الفلسطينيين في الفيلم فكانت هي الجبن.
فالفلسطينيون عند "أبو أسعد" هم الأغبياء والجبناء إلى جانب كل ما ذكرته سلفًا أما "صالون هدى"، فكان المكان الذي استخدمته إسرائيل لاسقاط فلسطينيات وتصويرهن عاريات في أوضاع مخلة وبذيئة لابتزازهم وإجبارهم على العمل مع المخابرات الإسرائيلية، وكانت شخصية "هدى" في الفيلم تعمل مع المخابرات الإسرائيلية وتقوم بنفسها بتصوير ضحاياها من النساء الفلسطينيات وتجعلهن عرضة للخضوع والرضوخ والتركيع والإذلال وقامت بأداء الدور ممثلة فلسطينية تعرف بانتمائها للحركة النسوية تدعى "منال عوض" والمحزن والمخزي في الأمر هو المنطق الميكافيللي الذي يبرر ما لا يبرر ويكيل بمكيالين ويجسد وبفجاجة ازدواجية المعايير.
فشخصية "هدى" ظهرت في الفيلم كالفيلسوفة ولن أبالغ في وصف الفيلم لها كذلك بالقديسة تمامًا كما أراد لها "أبو أسعد" أن تكون! ووضع السم في العسل لذلك انحاز لممثلة نسوية خلال اختياره لـcasting الفيلم لتقوم تلك الممثلة الفيمنست بدور حقير بكل المقابيس والأعراف.
حتى في الغرب المتمدين والمتحضر، فشخصية سيدة تستدرج فتيات وتصورهن في أوضاع مخلة لابتزازهن بعد تخديرهن وجعلهن يتعاون مع مخابرات المحتل دور حقير وفعل لا أخلاقي ومشين برره لها أبو أسعد بأنها عانت من زوجها الذكوري الذي طلقها وحرمها من أبنائها الذين أرادوا قتلها بعد أن كبروا لخيانتها وعمالتها لمخابرات الاحتلال!
ويظهر في الفيلم تعاطف كبير من "أبو أسعد" لتلك السيدة خلال استجوابها من قبل رجل المخابرات الفلسطيني إذ بدت في التحقيقات في كامل عنفوانها وقوتها وثقتها في نفسها بل وجعلها "أبو أسعد" تسحق المحقق وتفحمه بحوارها المفتئت! فجعلته عميلًا مثلها لأنه أرشد في الماضي على صديقه، فالمرء عندما يخير ما بين حياته وحياة غيره سيختار حياته وبالتالي يكون جيش الاحتلال والاعتداء الإسرائيلي يدافع- من وجهة نظر صناع العمل- عن نفسه بقتل الفلسطينيين دفاعاً عن نفسه وجنوده قبل أن يقتلهم الفلسطينيون! فهكذا يروج جيش الإحتلال لنفسه ويسمي نفسه جيش الدفاع! وكأن الفلسطيني هو الذي أتى غازيًا معتديًا هادمًا لبيوت المستوطنين لا العكس! وهذا المنطق الميكافيللي المقزز تجرعناه طوال مشهد الإستجواب المهترء الضعيف والذي لقنت فيه "هدى" من يستجوبها دروسًا في الإنسانية والأخلاق الحميدة!
فوصفت المحقق ليس فقط بالعمالة بل بالجبن والغباء، وبررت لنفسها ولسلطات الاحتلال كل ما فعلت وما زالت تفعل قائلةً "إن المجتمع الذي يرضى بالظلم لأهله ونسائه من السهل جدًا احتلاله" عبارة طنانة حنجورية- مذاقها في حلقي وأنفي عطن- فهي عبارة يراد بها باطل، وكأن المحتل قد عاقب الشعب الفلسطيني الظالم طوال ٧٠ عامًا! وفعل فيه وبه ومعه معروفًا وصنيعًا وجميلاً كبيرًا عندما احتله!
وبالتالي يكون واجبًا على الفلسطينيون أن يشكروا المحتل على احتلاله لهم وقتلهم وهدم بيوتهم وأن ينحنوا للاحتلال تبجيلًا وعرفانًا منهم بهذا الجميل الذي فعلته بهم وفيهم إسرائيل عندما احتلت أراضيهم وليزيدنا "أبو أسعد" من الشعر بيتًا ساق على لسان "هدى" قولها للمحقق الفلسطيني الذي اتهمها بتبرير تعاونها مع مخابرات العدو قائلةً له "عدو؟ أي عدو؟ عن أي عدو بتتكلم؟ كلكم أعداء" وهنا نطقت من نطقت بالحق وكأنه كان أمرًا صعبًا على "أبو أسعد" أن يُخفي ولا يظهر ويجاهر بمشاعر الكراهية الدفينة التي بداخله للفلسطينيين، فأعلنتها "هدى" صريحة مدوية ومن ثم كشف "أبو أسعد" عن رؤيته الحقيقة- أو بعبارة أدق- رؤية جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" والطرح الحقيقي والرسالة الحقيقة للفيلم التي جاءت على لسان البطلة، واعتبار الجميع أعداء "ضحايا وجلادين" "فلسطينيين وصهاينة" فكلهم سواء وكلهم أعداء.
فالفلسطيني في فيلم "أبو أسعد" عدو لدود شأنه شأن الإسرائيلي! في حين أنه برر للصهاينة أفعالهم في مواضع عديدة في الفيلم وجعل احتلالهم فلسطين عقابًا مستحقًا لأهلها الذكوريين! في حين لم يغفر للفلسطينيين خطيئة الفكر الرجعي الذكوري! فالرجعية والذكورية في المجتمع الفلسطيني دواؤها عند "أبو أسعد" هو الإحتلال!
وهذا هو السم الذي يضاف للعسل والمنطق الميكافيللي الذي يرى محاربة الذكورية والرجعية بالاحتلال! وكأن الاحتلال الصهيوني هو الاحتلال الرحيم! بل والحل السحري لتخليص المجتمع الفلسطيني من الذكورية والرجعية! فأي افتئات هذا؟ وهل بنفس المنطق يكون على إسرائيل أن تحتل جميع مجتمعاتنا العربية والشرقية لتخليصها من الرجعية والذكورية؟ هل هي دعوة؟ أو ربما هو تحريض من مخرج العمل "هاني أبو أسعد" لإسرائيل بأن تحتل دول المنطقة؟ هل الإحتلال الصهيوني هو الحل؟ هل إسرائيل هي الحل؟ هل إسرائيل هي الترياق لسموم الشرق؟ هل إسرائيل هي المخلص لأمراض الرجعية والذكورية في الشرق؟ هل فيلم "صالون هدى" هو فيلم الموساد الإسرائيلي؟
فاختراق مجتمعاتنا من بوابة المرأة وتسليعها وتصويرها بعد تخديرها في أوضاع مخلة شيء مقزز ومستهجن حتى لدى الغرب الليبرالي!.. فإن كانت الرجعية والذكورية والظلم خطيئة في مجتمعاتنا الشرقية والعربية.. فوجود إسرائيل والاحتلال الصهيوني ووجود الصهيونية في عالمنا ودنيانا هي جل الخطايا والموبقات!
وهل يبرر أيضًا "أبو أسعد" وبالتبعية مجازر إسرائيل وخطاياها في فلسطين ولبنان بذات المنطق؟ هل كل القتل والذبح وهدم البيوت الذي مورس طوال ما يزيد عن السبعين عامًا كان علاجًا للمجتمع الفلسطيني الذكوري الجائر؟ وهل هي دعوة من "أبو أسعد" ليس فقط للتطبيع، فقد تجاوز الفيلم فكرة التطبيع لما هو أكبر وأعمق وأخطر إنها دعوة صريحة ورسالة مباشرة من الفيلم لقبول الأيديولوجية "الصهيونية" التي رفضها شرفاء العالم في أوروبا والغرب المتحضر قبل الشرق.
هل "أبو أسعد" يروج للصهاينة أكثر من الصهاينة ذاتهم؟ هل يروج "أبو أسعد" للموساد؟ ويسوق فيلمًا دعائيًا له يدعو فيه نساء الشرق ليكن عملاء للموساد ويرشدن على رجالهن الذكوريين ليقوم الموساد بتصفيتهم؟ وهل ستقبل يا تُرى مخابرات الدول العربية ودول الشرق بهذا الطرح وتلك الدعاية؟ هل تقبل مخابرات مصر والإمارات والسعودية وغيرها باختراق بلادهم من خلال نسائها وأن تكون نساؤهم عملاء للموساد لتصفية الرجال الظالمين الذكوريين في بلادهم؟
فما يعاني منه المجتمع الفلسطيني من ذكورية أو رجعية تعاني منها شتى الأقطار العربية وما يريده وساقه صناع الفيلم لنساء فلسطين ينسحب وبالتبعية ويمكن تعميمه على نساء الشرق جميعًا!.. ولتذهب إذا كل جمعيات ومنظمات حقوق المرأة للجحيم فقط وجدنا أخيرًا الحل لقد وجدنا ضالتنا.
فرجل الموساد حاضرًا وعلى أهبة الاستعداد وأقرب لنا من حبل الوريد وسيعاوننا في قتل رجالنا الذكوريين!.. وكما صرح "أبو أسعد" في حواراته بأنه يطرح تساؤلات في فيلمه- الذي لم يقدم في حقيقة الأمر أية تساؤلات- بل قدم أحكامًا قطعية يقينية باتة تصب جميعها ضد العنصر الفلسطيني في الفيلم وتضحد وتشيطن كل ما هو فلسطيني وتبرر كل ما هو إسرائيلي!
وللمزيد من الغلو والافتئات المقزز تصرح الفيلسوفة الفيمنست "هدى" في الفيلم أن المخابرات الإسرائيلية التي جندت فتيات فلسطين وجعلت منهن ساقطات بالتخدير والخديعة وعرتهن بمساعدتها وخضعن لها ولهم وصرن عميلات ومرشدات وقمن بالإبلاغ عن الإرهابيين الفلسطينيين لتقتلهم إسرائيل! قد صرن بفضل ذلك التجنيد- وبعد التخدير والتصوير في مواضع إباحية- أكثر قوة وعنفوان! فقد منح الموساد لهؤلاء النسوة القوة لمواجهة طغيان وذكورية أزواجهن!
فالمرأة الحرة القوية المستقلة الفيمنست التي تناصر قضايا المرأة عليها أن تكون عميلة للموساد وأن تستقوى برجاله لمحاربة ذكورية رجال شعبها بالإرشاد عنهم ليقتلوا!.. وهنا لا تظهر فقط الفجاجة المقززة والافتئات بل يظهر كذلك الربط الخفي الماكر ما بين "النسوية" و"التطبيع" وقبول الأيديولوجية الصهيونية!
فالنسوية المستحدثة صارت لها معايير ومبادئ مختلفة تمامًا ويريد لها "أبو أسعد" أن تسود وأن تسيس من خلال فيلمه الركيك المغرض وبالتالي تصبح "النسوية" وبالضرورة مرادفًا للتطبيع والعمالة! وأنه على المرأة النسوية أن تكون مطبعة بل وعميلة للموساد! ويصير ابتزاز النساء وتدميرهن معنويًا وجسديًا شيئًا لطيفًا ومحببًا وعاديًا وانسانيًا! فالمرأة النسوية "هدى" في فيلم "أبو أسعد" تصور السيدات في أوضاع مخلة بعد تخديرهن لابتزازهن فما هذا التناقض؟
هل الفيلم حقًا فيلمًا نسويًا ينتصر للمرأة والحريات أم أنه مع ابتزاز النساء وإذلالهن وتركيعهن بعد تصويرهن في مواضع مخلة؟ هذا إلى جانب الزج بوصف "الملحدة" زجًا في سياق العمل العطن الماكر، ففجأة وبدون أي منطق أو مبرر درامي أو أي مقدمات ينطق أحد أفراد عائلة زوج "ريم" البطلة الثانية في الفيلم والتي تقاسمت مع "هدى" دور البطولة في العمل وقامت بأداء دورها الممثلة "ميساء عبدالهادي" التي مثلت في العديد من الأفلام الإسرائيلية وتحمل بالطبع جواز سفر إسرائيلي وقامت في الفيلم بدور الفتاة المتزوجة من فلسطيني ذكوري يشك فيها ولا تحبه.. واستدرجتها هدى وصورتها بعد تخديرها في أوضاع مخلة! فيا لها إذا من نسوية عظيمة خدرت وعرت وصورت صديقتها الفلسطينية لتستقوى بالموساد على زوجها الذكوري الشكاك!
طرح سطحي ركيك وسيناريو مهلهل وإنتاج ضعيف لكن تتوافر فيه كل مطالب ومعايير صناديق الدعم فجهات الدعم التي مولت الفيلم يمكن التعرف عليها من خلال الاضطلاع على تتر العمل، وهي نفس جهات الدعم التي تتكرر دومًا وتمول مثل هذه الأعمال المستقلة ذات التكلفة المحدودة، والتي دومًا ما تكون موجهة وتحمل رسائل ملغمة فالتمويل له شروطه ومعاييره وتيمه المعروفة والتي ساقها جميعًا "أبو أسعد" في فيلمه.
فالنسوية والذكورية والرجعية والإلحاد والتطبيع، كل تلك التيمات هي التي تهفو إليها صناديق الدعم ويتهافت عليها الصناع ليصنعوا أفلامًا مستقلة موجهة ركيكة بميزانيات محدودة وتمويل يذهب ثلاثة أرباعه لجيوبهم.
لعبة انكشفت وافتضح أمرها ولم تعد ولن تعد تنطلي على أحد ويتبادل هؤلاء فيها الأدوار ولا بهم من يقوم بماذا، المهم هو أن جهات الدعم والتمويل والانتاج والتوزيع ترضى عن تيمة العمل لتوصيل رسائل- كانت في الماضي القريب- يتم الالتفات حولها بشكل غير مباشر وكان يلجأ الصناع فيها عادة لأسلوب اللف والدوران لإيصال الرسائل.. أما هذه المرة فقد صنع "أبو أسعد" فيلمًا مباشرًا قيل فيه صراحة أن الفلسطينيين أعداء وأن الاحتلال هو الحل!
وبذلك تكون الخدمات الجليلة التي قدمها "أبو أسعد" لجنود الاحتلال الإسرائيلي بمساهمته العام الماضي في إنتاج فيلم "أميرة" للمخرج المصري "محمد دياب" وجعل نطف الأسرى الفلسطينيين تذهب سدى كي لا تنجب المرأة الفلسطينية المزيد من الأطفال لفلسطين وكي يتوقف هذا النسل أو تتم محاصرته بشتى الطرق تمامًا كما يحاصر الشعب الفلسطيني ويسجنوا لم يكتفي صناع فيلم "أميرة" بهذا الحصار، بل جعلوا نطف الأسرى الفلسطينيين تستبدل بنطف لضباط الجيش الإسرائيلي كي تحمل المرأة الفلسطينية من الإسرائيلي وتنجب أطفالًا مهجنة من رحم فلسطيني ونطفة إسرائيلية ويصبر بين الإثنين "الجلاد والضحية" ليس فقط تطبيعًا بل صلات نسب ودم حتى وإن كانت سفاحًا أو بالتزوير والغش!
فالنتيجة والمحصلة دومًا هي الأهم وخلط الأنساب وضياع الهوية هو الهدف الأسمى الذي تسعى له إسرائيل بل أنه جل أمانيها وحققه لها على شريط سينما فيلم "أميرة" بمعاونة المنتج "أبو أسعد" الذي يعمل منتجًا تارة ومخرجًا تارة أخرى، لا يهم فهو الفنان الشامل الذي يتبارى ولا يدخر جهدًا في أنصاف إسرائيل وشيطنة الفلسطينيين وإلى جانب تلك الخدمات الجليلة التي قدمها أبو أسعد منتجًا في فيلم المصري "دياب" ها هو يقدم اليوم خدمات جليلة جديدة للموساد من خلال إخراجه لفيلم "صالون هدى" خدمات أعظم وأثمن بكثير- في رأيي- مما قدمه "أريئيل شارون" و"نتنياهو" طوال تاريخهما.
بل وتفوق على ما يحاول "أفيخاي أدرعي" الآن أن يفعل ويقدم من دعاية وخدمات لدولة الاحتلال الصهيوني وجيش الإحتلال الذي يسميه كلاهما "جيش الدفاع" و"الاحتلال الرحيم" ورأيي هذا مبنيًا على إيماني الراسخ والكبير بدور الفن والسينما- تحديدًا- في إحداث التغيير والتأثير التراكمي ومن هنا تكمن أهمية السينما والفنون وخطورتها في نفس الوقت.
فالاحتلال فشل في إيجاد الذرائع لنفسه طوال تاريخه في كل المحافل الدولية حتى الآن ولا أظنه سيقدر وعلى الجانب الأخر لم يهزم الشعب ولا أظنه سيهزم ولم تنتصر إسرائيل بدليل محاولاتها المستميتة لبسط سيطرتها وعدوانها المستمر.
فإن كانت قد انتصرت حقًا وهزم هذا الشعب لتوقف الصراع لكنه ما زال قائمًا وسيظل هكذا لذلك يخترق ويجند الاحتلال عملاء له ممن يسمون أنفسهم فلسطينيين وأصبحت الخيانة كما قال الشاعر الراحل محمود درويش وجهة نظر! وينهي "أبو أسعد" فيلمه المستقل الممول المدعوم الركيك بمشهد محاولة انتحار البطلة "ريم" بالغاز وهي تقضم بأسنانها- بشراسة النسوية المسعورة- تفاحة آدم "رمز الذكورية" في المجتمع لنكتشف بأن الغاز الفلسطيني مغشوشًا ولا يميت!
وتلك دعابة أخرى ركيكة وفجة، فكل ما هو فلسطيني مغشوش ولا جدوى منه أو فيه ويكون البديل الدرامي في العمل والخيار المطروح أمام "ريم" هو التعاون مع رجل المخابرات الإسرائيلي المهذب ويدعى في الفيلم "موسى" وهو اسم النبي كليم الله الذي تستغيث به "ريم" لينقذها ويخرجها من تلك القرية الظالمة أهلها!
فالإسرائيلي بالنسبة لها هو المخلص ومحرر النساء وكأنه قاسم أمين! وهكذا يكون "أبو أسعد" قد قدم أوراق اعتماده لجهات الدعم والإنتاج والتمويل وقدم أيضًا أوراق اعتماده لدولة الكيان الصهيوني وجهاز مخابراتها وأظن أن أوراق الاعتماد تلك قد قبلت واعتمدت جميعها.. لتبقى نسخة هذا الفيلم هي وثيقة العار التي ستلاحق صناعه.