اعترافات الأدباء والفنانين حول جوائز الدولة: تكريم معنوى.. وتعويض مادى لعائلاتنا عن سنوات الحرمان
اعتبر أغلب الأدباء والكتّاب الكبار، الذين حصلوا على جوائز الدولة فى الآداب والفنون منذ خمسينيات القرن الماضى، تتويجهم بهذه الجوائز بمثابة اعتراف وتقدير لأعمالهم، ومنهم من اعتبرها تعويضًا ماديًا لهم ولعائلاتهم عما حُرموا منه من امتيازات.
فى السطور التالية، نستعرض تصريحات وانطباعات عدد من كبار الكتّاب، على فوزهم بجوائز الدولة، حيث تحدث بعضهم عن أعماله وأفكاره، التى طرحها فى منجزه، وعبّر البعض الآخر عن سعادته بحصوله على الجائزة وتكريمه وهو لا يزال على قيد الحياة.
كمال الملاخ:ألّفت 3 كتب طُبعت فى اليابان وأمريكا وبريطانيا
حصل الكاتب الصحفى كمال الملاخ على جائزة الدولة التشجيعية فى «أدب الرحلات» عن كتابه «صالون من ورق» عام ١٩٧٦، ثم حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الفنون ١٩٨٣.
وبعدما كتب «الملاخ» فى «أدب الرحلات» وصدر له كتابا «حكايات صيف» و«النار والبحر»، وكتب عن بعض الشخصيات المهمة التى عاصرها، وعن البلدان التى زارها، توقف عن كتابة هذا النوع من الأدب، لأنه لم يرد أن يسير فى طريق واحد من طرق الكتابة طوال حياته، وفضّل أن ينتقل إلى كتابة السير الذاتية، ثم غادرها ليكتب عن الحضارة والتاريخ المصرى باللغة الإنجليزية، لينقل للعالم وجهة النظر المصرية.
وأشار فى حواره لجريدة «السياسى» أغسطس ١٩٨٣، إلى أنه ألّف ٣ كتب طُبعت فى اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وكتب «الملاخ» سيرة رجل الأعمال «أغا خان» الذى تزعم طائفة الإسماعيلية، الذى جمعتهما صداقة، قائلًا: «وكنت لا أعرف الكثير عن الطائفة الإسماعيلية وأعلن أغا خان عن رغبته فى أن يُدفن فى مصر، وقد اخترت له أسوان وأخذ بنصيحتى وبعد عدة شهور توفى ومن هنا أصدرت الكتاب».
ولم يقرأ «أغا خان» سيرته التى كتبها كمال الملاخ، إذ صدرت بعد وفاته بيومين، قائلًا: «كتبته فى يومين وطبع بسرعة وأخذه الناشر إلى فيلا نور الصباح بأسوان». وأضاف: «مات أغا خان فى سويسرا ودُفن فى أسوان، وجاء ٥ آلاف شخص من الطائفة الإسماعيلية من آسيا وشرق إفريقيا، والذين يؤمنون بأنه من نسل النبى عن طريق فاطمة الزهراء، فأخذوا الكتاب لأن به صورًا لأغا خان، ولم يُقرأ العمل لأن أغلبهم لا يعرف اللغة العربية، ونفد من الأسواق سريعًا».
بهاء طاهر:يحيى حقى أستاذى.. وأشعر بمتعة عندما أكتب
حصل الروائى بهاء طاهر على جائزة الدولة التقديرية فى الأدب عام ١٩٩٨.
وحكى «طاهر»، فى حواره لجريدة «الأهرام» سبتمبر ١٩٩٨، عن عالمه الثقافى والأدبى، لافتًا إلى أنه نادى فى كتابه «أبناء رفاعة» بأن يخاطب المثقفون والأدباء الشعب باللغة التى يفهمها، مثلما فعل طه حسين ورفاعة الطهطاوى إذ انطلقا من تراث الشعب باللغة التى يفهمها.
وقال: «منذ عشرين أو ثلاثين عامًا والمثقفون يقولون كلامًا غير مفهوم على الإطلاق ولا يمت للواقع بصلة ويستغربون بعد ذلك لأن الناس لا تستمع إليهم، وذلك لافتقادهم نقاط الالتقاء بالناس».
وعبّر عن رفضه فكرة التجريب بشكل مستمر كنهج فى حياة الكاتب، مفضلًا أن تكون هناك محاولة لقول ما لم يقل من قبل أو إضافة جديد لم يكن متاحًا من قبل، قائلًا: «فذلك لا ينتج إبداعًا ولا يقدم أدبًا، ولكنه ينتج مجرد ألعاب أدبية، ومع الأسف الشديد فإن هذا التجريب هو الأكثر انتشارًا فى الفترة الأخيرة».
واعترف بأنه لا يخطط سلفًا للروايات التى يكتبها، كما أنه كاتب مقل للغاية، قائلًا: «خير لى أن أكون مقلًا عن أكون مدلسًا»، كما اعترف بأن أستاذه فى الكتابة هو يحيى حقى.
وأشار إلى أنه عندما يكتب جبرًا تخرج الكتابة دون المستوى، فيتخلص منها فورًا، متابعًا: «لحظة الكتابة أشعر بتوتر شديد لكن عندما أقرأ ما كتبته أحس بمتعة لا تضاهيها متعة وهى متعة تحقيق الذات».
محمود أمين العالم:اعتراف بالاختلاف.. ومستعد للتبرع بقيمتها
حصل الأديب محمود أمين العالم، على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام ١٩٩٩، واعتبر حصوله عليها بمثابة اعتراف بالاختلاف.
وقال: «أنا ماركسى ومشاغب ويختلف معى الكثير داخل المجلس الأعلى للثقافة ممن صوتوا لصالحى للحصول على الجائزة».
وأُثير بعض التساؤلات حول كيفية حصول «العالم» على جائزة فى الآداب، رغم أنه أستاذ فى الفلسفة ويترأس لجنة «الفلسفة» فى المجلس الأعلى للثقافة.
وتحدث «العالم» عن هذه الإشكالية فى حواره مع جريدة «الجمهورية» عام ١٩٩٩، قائلًا: إنه سمع هذه التساؤلات كثيرًا، لافتًا إلى أنه دخل الأدب من باب الفلسفة، ويهتم بالجوانب الفكرية والمضمون ووجهة النظر والجوانب الجمالية والشكلية فى الأدب، ما يعنى أن هناك تداخلًا كبيرًا بين الفلسفة والآداب.
وأكد أن مبلغ الخمسين ألف جنيه قيمة الجائزة لا يعنيه، مبديًا استعداده بالتبرع بقيمة الجائزة لأى جهة تحتاجها، قائلًا: «وعلى فكرة حرمت أسرتى وأبى وأمى من أشياء كثيرة، وعلى فكرة كان أبى وأمى من الفقراء جدًا، لذلك سأوزع جائزتى بالعدل والقسطاس على إخوتى وأحفادى ولن آخذ لنفسى مليمًا واحدًا وسأترك لهم الخيار فى التبرع بنصيبهم من عدمه».
إدوار الخراط: العقاد روائى فاشل وشاعر متوسط وناقد سيئ
حصل الأديب إدوار الخراط على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام ١٩٩٩، وفى بداية حديثه عن فوزه، تطرق إلى كتابه «شعر الحداثة فى مصر»، لافتًا إلى أنه تناول فيه تجارب أكثر من ٢٠ شاعرًا معظمهم من الذين كتبوا الشعر فى فترة السبعينيات حتى التسعينيات، لكنه فوجئ بحملة على هؤلاء الشعراء تكشف عن سوء نية ورغبة فى تشويههم.
وقال فى حواره مع مجلة «المصور» عام ٢٠٠٠، إن دور الكاتب أن يثير قلق المجتمع، لا أن يتملق للحصول على إعجابه، وأن يكون بذرة للثراء والنماء فى كل المجالات وليس الثقافة فقط.
واعترف بأنه لا يرى عباس العقاد إلا فاشلًا فى الرواية، وشاعرًا متوسطًا، قائلًا: «ليس مفكرًا حقيقيًا، وكان يردد نظريات النقاد الإنجليز المعروفين على أيامه، وهو ناقد سيئ ومفكر ضعيف، والمازنى أعظم منه ألف مرة، فهو فنان حقيقى وموهوب فى كل أعماله، وتم تجاهله فى حياته».
صلاح أبوسيف: سعيد لأن هناك من يقدر عملى
فى عام ١٩٨٩، حصل المخرج السينمائى صلاح أبو سيف على جائزة الدولة التقديرية، وفى حواره لجريدة «الأحرار» بعد حصوله على الجائزة، قال: «الحمد لله أننى عشت تكريمى بنفسى».
وعبّر عن سعادته بعد تكريمه، لأنه وجد نفسه محاطًا بمحبيه، خاصة أنه رُشح من جهات عديدة للجائزة، مثل النقابات الفنية وأكاديمية الفنون، معبرًا عن اعتزازه بالجائزة؛ لأنها جاءت فى وقتها تمامًا، حسب قوله، ويضيف: «رغم تكريمى بجوائز محلية وعالمية لكن هذه الجائزة تشعرنى بأنه يوجد من يقدر عملى».