نهضة ثانية للثروة الحيوانية
لا يشبه ما تشهده الثروة الحيوانية فى مصر، منذ ثمانى سنوات، غير ما شهدته خلال سنوات حكم محمد على الثلاثة والأربعين، التى اعتمدت فيها الزراعة والصناعة وحركة النقل على ثروة حيوانية ضخمة، تم استخدامها فى حرث الأراضى الزراعية وتسويتها وريها ونقل محاصيلها ودرسها، وتوليد الطاقة الحركية اللازمة لتشغيل الطواحين والمصانع، وجر المدافع ونقل الأحجار، إلى جانب توفيرها السماد العضوى والألبان واللحوم.
كما اهتم محمد على بالثروة الحيوانية، بعد توليه الحكم سنة ١٨٠٥، وجعل تربية الماشية من الحرف المتطورة، اهتم بها أيضًا الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ توليه الحكم، فى مثل هذا الشهر سنة ٢٠١٤، وحتى اجتماعه أمس الأول، الأحد، مع السيد القصير، وزير الزراعة، للاطلاع على الموقف التنفيذى لمشروعات تنمية الثروة الحيوانية، التى كان من بينها «المركز العلمى البيطرى للأبحاث والتدريب»، الذى تم افتتاحه، أمس، فى مدينة السادات بمحافظة المنوفية، مع «مجمع الإنتاج الحيوانى والألبان»، الذى يقع على مساحة ألف فدان، ويتكون من ست مزارع تنتج ١٥٠ طن لبن يوميًا، و١.٥ ألف طن لحم فى الدورة الواحدة.
هذه المشروعات، تأتى استكمالًا للتعاون بين وزارة الزراعة والشركة الوطنية للإنتاج الحيوانى، التى تأسست سنة ٢٠١٦، لتنفيذ منظومة متكاملة فى مجال تنمية الثروة الحيوانية والأنشطة المتعلقة بها وتقليل الفجوة الغذائية فى أحد أهم مصادر البروتين الحيوانى، وتحقيق القيمة المضافة بالاستفادة المثلى من الإمكانات المتاحة، عن طريق التكامل مع مشروعات الإنتاج الزراعى وإنتاج الأعلاف، التى تقوم بتنفيذها شركات أخرى تابعة، أيضًا، لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بقواتنا المسلحة، سعيًا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى، وتخفيض تكلفة مستلزمات الإنتاج، وإتاحة فرص العمل لمختلف التخصصات ومستويات التأهيل العلمى.
استراتيجية تنمية الثروة الحيوانية تعتمد بشكل أساسى على تطوير السلالات المصرية بالتهجين مع سلالات عالمية عالية الإنتاج من اللحوم والألبان، وتوطين تلك السلالات المهجنة، وما يستتبعه ذلك من إنشاء منظومة متكاملة من البنية الأساسية الخاصة بالإنتاج، والاعتماد على أحدث الأساليب الخاصة بمراكز التلقيح الصناعى، إلى جانب خطوط التحسين الوراثى، وتطبيق منظومة التأمين البيطرى الشامل، وتحقيق الاستغلال الأمثل للمدخلات والمخلفات الزراعية. وخلال اجتماع الأحد، الذى حضره الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، شدّد الرئيس على ضرورة دعم المزارعين وصغار المربين ورفع مستوى معيشتهم.
ما يمتلكه المزارعون وصغار المربين يتراوح بين ٦٠ و٨٠٪ من إجمالى الثروة الحيوانية. وكما طالب محمد على، منذ ٢٠٠ سنة، مديرى الأقاليم بتسليف الفلاحين غير القادرين على شراء ماشية، قام الرئيس السيسى، مع الفارق، بالتصديق على توفير ١٠ مليارات جنيه لتوفير رءوس أبقار من السلالات المحسنة وراثيًا، عالية الإنتاجية ثنائية الغرض، لصغار المزارعين والأسر الريفية، بقروض ميسرة، يتم سدادها من عائد الإنتاج: فائدة ٥٪ بسيطة متناقصة، وفقًا لمبادرة البنك المركزى، وفى إطار المبادرة الرئاسية حياة كريمة، وبالتنسيق مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وجهات التمويل ومنظمات المجتمع المدنى وكبرى شركات القطاع الخاص المتخصصة فى استيراد رءوس الماشية ذات الإنتاجية العالية.
بموجب عدة بروتوكولات تم توقيعها مع مؤسسة مصر الخير، ووزارتى الأوقاف والتضامن، وبعض مستثمرى القطاع الخاص، ستقدم وزارة الزراعة كل أوجه الدعم الفنى والرعاية البيطرية مجانًا للمستفيدين من المبادرة، مع تأهيلهم فنيًا وعلميًا. وستقوم جهات التمويل، وعلى رأسها البنك الزراعى المصرى، بفتح اعتمادات مستندية، لاستيراد رءوس الأبقار المحسنة من الخارج مباشرة، بأنواع ومواصفات حددتها وزارة الزراعة، مع توفير التمويل اللازم لإنشاء محاجر بيطرية، وفقًا للضوابط والشروط التى تقرها الوزارة.
.. وأخيرًا، لو عدت إلى «ديوان دفتر أحكام مصر»، ستجد أن محمد على ألزم حاكم كل إقليم، سنة ١٨١٨، بأن يكون لديه دفتر يتضمن مقدار زراعة الأصناف وأصحاب الزراعة ومقدار المواشى. بالضبط، كما بدأ سنة ٢٠١٨، أى بعد ٢٠٠ سنة، بالتمام والكمال، إنشاء مركز معلومات مركزى يضم بيانات وإحداثيات وخرائط إلكترونية ووبائية للثروة الحيوانية، كما صارت تراخيص تشغيل كل أنشطة ومشروعات الثروة الحيوانية والداجنة، تتضمن «باركود» يحمل بيانات النشاط أو المشروع.