ربطته بسيدة الشاشة العربية علاقة ثقة وتفاهم
قدمته آسيا فى «الشريد».. كاميرا «هنرى بركات» ريشة تصور الحياة
تضم قائمة أعمال المخرج هنري بركات، والذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1914، أربعة أفلام ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين، وهي «الحرام» من بطولة فاتن حمامة وزكي رستم، «دعاء الكروان» لفاتن حمامة وأحمد مظهر، «في بيتنا رجل» لعمر الشريف وحسين رياض، «أمير الانتقام» لأنور وجدي وسامية جمال.
هنري بركات ابن حي شبرا الذي منحه قبسًا من انفتاحه بما تمتع به من تسامح وانفتاح في بدايات القرن العشرين، حيث تعيش جنسيات مختلفة وديانات شتيى بتقبل دون تعصب ولا تمييز، فكانت أفلامه تحمل تلك الروح وكان اتجاهه للفن السابع ترجمة لها.
بدأ المخرج هنري بركات مسيرته الفنية في العام 1941 من خلال فيلم «الشريد»، وكان آخرها فيلم «تحقيق مع مواطنة» عام 1993، وبين الفيلمين قائمة طويلة من أجمل أفلام السينما المصرية، ومن بينها: المتمرد ــ ليلة القبض علي فاطمة ــ شيء في حياتي ــ الشك يا حبيبي ــ ولا عزاء للسيدات ــ اذكريني ــ أفواه وأرانب ــ نغم في حياتي وغيرها الكثير.
أجمع نقاد ومؤرخو السينما المصرية على أن كاميرا هنري بركات، هي ريشة تصور الحياة بتفاصيلها وشاعريتها وأيضًا بمرارتها. لم يكن أحد يتوقع أن لهذا الدارس للقانون، حيث أرسله والده ــ وكيل وزارة الصحة ــ إلى فرنسا لدراسة الحقوق على عادة تلك الأيام، أن يكون فنانًا يعكس معاناة الفلاحين بذلك الصدق والحميمية التي لا يعرفها إلا من يعيش في الريف المصري، وكان أوضح تعبير على ذلك ما قدمه في فيلمه «الحرام».
الثنائي فاتن حمامة وبركات
شكل المخرج هنري بركات مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، ثنائيًا فنيًا قدم للشاشة الزرقاء عددًا كبيرًا من الأفلام الخالدة التي تسجل في ذاكرة تاريخ السينما المصرية وهي: ارحم دموعي، دعاء الكروان، الحرام، ولا عزاء للسيدات، ليلة القبض علي فاطمة، لحن الخلود، موعد غرام، حين نلتقي، الباب المفتوح، الخيط الرفيع، حبيبتي، وأفواه وأرانب.
وعن هذه العلاقة الفنية التي جمعته بفاتن حمامة، يقول المخرج هنري بركات في لقاء إعلامي له مع الروائية الأردنية ليلى الأطرش: عندما عملنا فيلم «الحرام» كانت قد نشأت صداقة بيني وبين فاتن حمامة، وقبل البدء في تنفيذ الفيلم كانت تذهب وتجلس مع الفلاحات وتأخذ منهن الكلام وتدرس تفاصيل ملابسهن وطريقة كلامهن .. إلخ كانت تدرس وتأخذ شغلها على محمل الجد والإخلاص.
ويوضح هنري بركات: بدأنا حياتنا الفنية سويًا مما نشأت معه ثقة مبادلة بيننا وتفاهم، فمثلًا عندما ينتهي تصوير مشهد ما، تأتي مدام فاتن إليّ وأنا وراء الكاميرا ومن وجهي تعرف أني كنت راضيًا عن المشهد لو كنت باسمًا وتكون مطمئنة، أما لو كنت «مكشر» أو متضايق تقول»كمان مرة» وتطلب إعادة تصوير المشهد.
آسيا وبداية هنري بركات بفيلم "الشريد"
يذكر المخرج هنري بركات في ذكرياته عن عمله السينمائي الأول «الشريد»، بأنه في تلك الفترة كان يعمل مساعد مخرج، وكلفته المنتجة آسيا بإخراج فيلم «الشريد» عن قصة قصيرة للأديب الروسي تشيكوف. وبالفعل كتبنا سيناريو وحوارًا للفيلم وأنا شخصيًا كنت شديد الإعجاب به، فقد كانت أحداثه ترصد الزمن القديم من يشمك السيدات للمسارح القديمة للشيخ سلامة حجازي وغيرها. وعندما عرض الفيلم في السينما وخلال مشهد في نهاية الفيلم تموت بطلة الفيلم وتعالت ضحكات الجمهور في قاعة السينما، وعندما سألت عددًا من المشاهدين في قاعة السينما عن سبب ضحكهم عند موت بطلة الفيلم، قالوا «عشان تستاهل لأنها خانت زوجها». هنا أدركت أن هناك بعض الموضوعات عندما تقدم في السينما لا تلقي قبولًا لدى الناس.
وعن فيلم «حسن ونعيمة» الذي ظهرت فيه سعاد حسني لأول مرة أمام جمهور السينما قال هنري بركات: «كانت الرواية مقتبسة عن مسلسل إذاعي فكان من المستحسن للعمل السينمائي أن يقوم ببطولته وجهان جديدان، وأخبرني عبدالرحمن الخميسي بأن «هناك بنت كويسة» وقد كانت سعاد حسني، وشها وصوتها فيه رقة وقريبة من القلب، لم أتوقع أنها ستكون نجمة، وكل ما كنت أطلبه أن تؤدي الدور، وعملنا حسن ونعيمة، وهي بتشتغل فيها تلقائية وهو ما أدي إلى نجاحها».
وعن الفرق بين سعاد حسني عندما قدمت «حسن ونعيمة» وفيما بعد عندما مثلت فيلم «الحب الضائع» يضيف هنري بركات: هناك فرق بالطبع في النضوج. في الحب الضائع كانت سعاد حسني قد نضجت فنيًا وفيها صنعة كانت تناقش، أما في حسن ونعيمة فكانت لديها تلقائية أكثر وكانت مطيعة.