بدأت السنة التاسعة
ثمانى سنوات مرت، أمس الأول الأربعاء، على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم. وقبل خمس وعشرين دقيقة من بداية أول أيام السنة التاسعة، انفصل القمر الصناعى الجديد «نايل سات ٣٠١»، عن الصاروخ «فالكون»، واتجه إلى مداره حول الأرض، وبعد ٣٨ دقيقة، جرى استقبال أول إشارة يطلقها، وبات مستعدًا ليكون بديلًا لقمر «نايل سات ٢٠١»، الذى ينتهى عمره الافتراضى بعد ست سنوات.
مقابل ٢٦ قناة قمرية فى «نايل سات ٢٠١»، يضم القمر الجديد ٣٨ قناة، ويتّسع نطاق تغطيته، ليشمل دول حوض النيل وجنوب القارة الإفريقية، ما يحقق تواصلًا أكبر مع شعوب القارة السمراء، ويدعم توجهات دولة ٣٠ يونيو نحو استعادة إفريقيا إلى حضن مصر. كما يمتلك القمر الجديد العديد من المميزات التكنولوجية، التى تمكنه من تقديم خدمات الإنترنت واسع النطاق، وتوفيرها لمشروعات البنية الأساسية والمجتمعات العمرانية الجديدة، وحقول البترول فى شرق البحر المتوسط خاصة حقل ظهر، و... و... وهكذا، بدأت السنة التاسعة، التى سنطوى فيها آخر صفحات الجمهورية الأولى، الشائخة، بمفاهيم التأسيس وتاريخ الميلاد، وندخل، بأقدام ثابتة، إلى الجمهورية الثانية، الشابة، القوية، المدنية، الديمقراطية، الحديثة.
الحق فى التنمية حق أصيل من حقوق الإنسان. وعلى هذا المبدأ، قامت دولة ٣٠ يونيو، ورؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، النسخة الوطنية من الأجندة التنموية الأممية، التى ربطت تحقيق التنمية الاقتصادية بالبعد الاجتماعى. وهو المبدأ نفسه، الذى أكدته الاستراتيجية الوطنية، أو النسخة المصرية، لحقوق الإنسان. وانطلاقًا من هذا المبدأ، بدأت السنة التاسعة، ونسبة انخفاض العجز الكلى إلى الناتج المحلى تتجاوز ٦٪. مع أن مخصصات كل أبواب المصروفات ارتفعت بشكل كبير، لتوفير الاحتياجات اللازمة لقطاعات الدولة، كما تم توفير نحو ٨٤ مليار جنيه لقطاع الصحة وسداد ٨٠ مليار جنيه لمبادرة «حياة كريمة» و١٦ مليار جنيه لمبادرة «تكافل وكرامة»، و٥٠ مليار جنيه لدعم السلع الغذائية. و... و... ومنذ ساعات أظهرت بيانات البنك المركزى أننا قمنا، منذ بداية العام الجارى، بسداد قروض وسندات دولية مستحقة قيمتها ٢٤ مليار دولار.
شواهد كثيرة تقول إننا استطعنا امتصاص صدمات خارجية عديدة ومتزامنة، ضربت الاقتصاد العالمى، وهناك شواهد أكثر تؤكد أننا «نطمح إلى تأسيس اقتصاد وطنى قوى يكون قادرًا على التصدى لمختلف الأزمات لنحقق من خلاله معدلات نمو مرتفعة تستطيع توفير العديد من فرص العمل». وما بين التنصيص من كلمة ألقاها الرئيس، فى ٢٥ أبريل الماضى، بمناسبة الذكرى الأربعين لتحرير سيناء، شدّد فيها على ضرورة «تعظيم قدرات القوى الشاملة للدولة» باعتبارها على «رأس أولويات الدولة المصرية» فى ظل أوضاع إقليمية ودولية «بالغة التعقيد»، وأكد أننا «بقدر اهتمامنا بقدرتنا العسكرية نمضى أيضًا على خطوط متوازية نحو الارتقاء بباقى القدرات الشاملة للدولة، التى من أهمها القدرة الاقتصادية».
القدرات الشاملة للدولة تشمل، أيضًا، «بناء الإنسان»، والتوسع فى إعداد الكوادر البشرية، أو الاستثمار فى البشر. وعليه، جرى تنفيذ العديد من المبادرات الصحية، وضخ استثمارات ضخمة فى تطوير المنظومة التعليمية، وأتاحت الدولة مجموعة كبيرة من البرامج التدريبية، سواء عبر «الأكاديمية الوطنية للتدريب»، أو من خلال العديد من المبادرات، إضافة إلى منتدى الشباب، بنسختيه المحلية والدولية، الذى يمثل منصة مهمة لتنمية القدرات وبناء الشخصية الواعية والقادرة على التعامل مع كل التحديات، وبات أكبر منصة فى العالم يديرها وينظمها ويقودها الشباب فى تفاعل استثنائى مع المجتمع المدنى والحكومات والمؤسسات الدولية.
.. وأخيرًا، تفصلنا أيام قليلة عن بدء أولى جلسات «الحوار الوطنى»، الذى دعا إليه الرئيس، خلال حفل «إفطار الأسرة المصرية»، والذى نثق فى أن «الأكاديمية الوطنية للتدريب» ستديره بكل حيادية وتجرد، وننتظر أن يكون خطوة مهمة لتحديد أولويات وملامح الجمهورية الثانية. كما يفصلنا أقل من ١٥٠ يومًا على استضافة مصر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، حيث سيتلاقى فى مدينة شرم الشيخ، قادة تلك الدول، التى هى كل دول العالم تقريبًا، لتبادل الأفكار والرؤى والعمل الجاد، للوصول إلى قرارات عادلة، متوازنة وشاملة، للحفاظ على كوكب الأرض.