أكمل نجاتى: نحتاج للخروج بـ«عقد اجتماعى جديد» من الحوار الوطنى
قال النائب أكمل نجاتى، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أمين سر لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بالمجلس، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى لتحديد أولويات العمل الوطنى خلال الفترة المقبلة بمثابة عقد اجتماعى جديد يؤسس لبناء الجمهورية الجديدة، بمشاركة جميع التيارات وفئات المجتمع.
وأضاف، فى حواره لـ«الدستور»، أن توقيت الدعوة له دلالاته، خاصة فى ظل التحديات التى تواجه مصر والعالم فى الآونة الأخيرة، وهى تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية وصحية، بعضها ناتج عن جائحة كورونا، وبعضها عن الحرب الروسية الأوكرانية، مثمنًا استجابة الأحزاب والقوى السياسية للدعوة كونها تمثل نقلة نوعية وتدشينًا لمرحلة جديدة فى المسار العام للدولة.
■ كيف استقبلت دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى؟
- يمكننا أن نقول إن الدعوة للحوار الوطنى لتحديد أولويات العمل الوطنى خلال الفترة المقبلة، بمثابة عقد اجتماعى جديد يؤسس لبناء الجمهورية الجديدة، ويرحب بمشاركة جميع التيارات وفئات المجتمع، فالدعوة تهدف إلى إجراء حوار شامل فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والصحية، بهدف الوصول إلى توافق من أجل مصلحة الوطن.
وتأتى أهميتها فى سياق تأسيس الجمهورية الجديدة، وهى بمثابة إشارة للبدء فى تشارك المسئولية تجاه الوطن، والمساهمة الإيجابية فى البناء والنهوض بالاقتصاد، وإثراء الحياة العامة والسياسية، وتفعيل دور النقابات ومؤسسات المجتمع المدنى، والتكاتف فى ظل ظروف استثنائية يشهدها العالم، وتؤثر على اقتصاديات غالبية الدول.
وهى تؤكد أن مصر تتبنى خطة طموحة للإصلاح الاقتصادى، حققت بفضلها نجاحات كبيرة فى فترة زمنية قصيرة نسبيًا، بشهادة كبريات المؤسسات الدولية، وفى ظل قيادة سياسية واعية، وضعت خطة طموحة للتنمية المستدامة.
كما أننا نسير على الطريق الصحيح، والدولة تواصل العمل الجاد لتحسين بيئة الاستثمار لتحقيق التنمية الاقتصادية.
ثم إن توقيت الدعوة له دلالاته، خاصة فى ظل التحديات التى تواجه مصر والعالم فى الآونة الأخيرة، وهى تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية وصحية، بعضها ناتج عن جائحة كورونا وبعضها عن الحرب الروسية الأوكرانية.
■ ما تقييمك لاستجابة الأحزاب والقوى السياسية للدعوة؟
- الجميع رحب بها ترحيبًا شديدًا، ومن هنا اكتسبت أهميتها، كونها تمثل نقلة نوعية وتدشينًا لمرحلة جديدة فى المسار العام للدولة، ينحاز لتغليب مصلحة البلاد والمواطنين على أى مصلحة حزبية أو سياسية خاصة أو شخصية.
وعلى الجميع أن يعى أن الدولة لا تميز بين المواطنين أو الفئات الاجتماعية، بل على العكس أنصفت جميع فئات المجتمع، فعلى سبيل المثال، كانت المرأة تعيش ظروفًا مختلفة فى الماضى، وحاليًا تعيش أزهى عصورها بعد أن حصلت على كثير من الحقوق، وتم تمكينها فى جميع المجالات، وأصبحنا نرى عددًا من الوزيرات والمحافظات ونائبات المحافظات، وكذلك جرى تمكين الشباب، ونرى حاليًا جيلًا جديدًا منهم يتولى مناصب قيادية فى جميع قطاعات الدولة.
ووضعت الدولة أصحاب الهمم على رأس اهتماماتها، إضافة إلى عملها على تطوير العشوائيات، وإطلاق العديد من المبادرات، مثل «حياة كريمة» لتحسين معيشة الأهالى فى الريف والصعيد، ونفذت مبادرات «١٠٠ مليون صحة» وطورت منظومة التأمين الصحى، ولم تتوقف عن تقديم الدعم لجميع المواطنين، على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم.
■ هل ترى أن الحوار الوطنى فرصة للأحزاب السياسية خاصة المعارضة للتعبير عن رؤيتها لأولويات العمل الوطنى فى المرحلة الحالية؟
- الأحزاب المصرية والقوى السياسية هى جزء من النسيج الوطنى، وهى تنحاز للوطن، وأثبتت ذلك باستجابتها للدعوة لأنها تدرك أنها شريك فعال فى اتخاذ القرار، وأن المرحلة الحالية صعبة، ولعل تجربة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين كانت ولا تزال دليلًا على أن الحوار والتواصل بين الأحزاب أفضل السبل؛ لإنتاج ممارسة سياسية أفضل والتوصل لنتائج ملموسة، وهناك استعدادات مكثفة تجريها الأحزاب المؤيدة والمعارضة على حد سواء لتخرج بأوراق عمل تطرحها للنقاش خلال جلسات الحوار.
وأتمنى أن نتجاوز الجدل بشأن أى وقائع أو أحداث سابقة كانت مصدر خلاف بين السلطات وقوى المعارضة، ورغم ذلك يبقى الباب مفتوحًا للحديث عن بعض القضايا التى لا تزال آثارها ممتدة لوقتنا الحاضر.
■ ما أبرز الأزمات والتحديات التى تتوقع مناقشتها فى الحوار الوطنى؟
- أولًا.. يجب أن نعلم جميعًا أن الإرهاب يتغذى على التطرف والأفكار العنصرية والكراهية والطائفية، وأن أى تيار سياسى يفترض أنه يدرك حجم هذه التهديدات والمخاطر التى يمكنها أن تؤثر على مجالات الحياة.
وعلينا أن نتخيل حجم الكارثة التى كانت لتحدث لو أن الدولة تخاذلت فى حربها ضد الإرهاب طوال السنوات الماضية، وكيف كانت تصر تلك التنظيمات الإرهابية على ضرب مقومات التنمية بهدف تعطيل الإنتاج وزيادة الضغوطات الاقتصادية، لكن بفضل الله وبفضل وجود قيادة سياسية رشيدة وشعب واعٍ، باءت كل هذه المحاولات بالفشل.
الآن قطار التنمية، أكثر صلابة وقوة مما تظن هذه التيارات المتطرفة، وهو قادر على الوصول إلى وجهته الصحيحة بفضل الله ودعم الشعب لقيادته الوطنية ومؤسسات الوطن التى لا تألو جهدًا لحماية مقدرات مصر.
لكن النتائج المترتبة على جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أثرت بلا شك على الوضع الاقتصادى، والتحديات التى تواجه العالم حاليًا كثيرة، ومصر جزء لا يتجزأ من العالم، وأرى أن أهم التحديات التى تواجهها تتلخص فى أمرين، أولهما: الوعى، ومن هنا يجب الوصول إلى آليات لزيادة وعى المواطن بما يدور حوله.
أما التحدى الثانى، فهو مترتب على الأول، ويتمثل فى الانفجار السكانى، الذى يجب مواجهته بكل الطرق، بالتوازى مع رفع وعى المواطنين بالمخاطر المترتبة عليه، كونه يلتهم ثمار التنمية.
كذلك أرى أن تصاعد حجم الديون فاقم من الأزمات الاقتصادية التى تواجهها مصر ومنها أزمة سلاسل التوريد والإمدادات، وأزمة الطاقة العالمية، حيث من الأفضل أن يستمر صناع السياسات الاقتصادية فى اتباع سياسات مالية متوازنة، وأرى أنه من الجيد أن تتجه الحكومة المصرية فى المرحلة الحالية جنوبًا إلى أسواق إفريقيا؛ لتعزز من وجودها فى الأسواق البكر التى تتسم بتوافر المواد الخام، والطلب المرتفع المتوقع فى المستقبل، وهو ما يوفر لمصر مصدرًا مناسبًا لتعويض أى نقص فى الطلب العالمى على صادرات مصر، وتحديدًا من قارتى أوروبا وآسيا، نتيجة الأزمات التى تشهدها تلك الأسواق.
أيضًا أرى أن هناك ضرورة لمناقشة القضايا المتعلقة بالهوية المصرية، والمشاركة السياسية، ومعوقات الاستثمار، وأتوقع أن تكون ملفات النظم الانتخابية والحماية الاجتماعية وقضية آليات تشجيع ريادة الأعمال وقضية الزيادة السكانية على مائدة الحوار الوطنى، فكل هذه القضايا مهمة ومحورية.
كذلك أتوقع إعادة النظر فى عملية المشاركة السياسية للشباب وتوسيع المشاركة السياسية لطلاب الجامعات والنقابات العمالية والمهنية، والوصول لمشاركة حزبية فعالة مؤثرة جماهيريًا، قادرة على الوصول إلى البرلمان بغرفتيه، إضافة إلى المشاركة الفعالة للمجالس المحلية، وطرح قضية التعليم للنقاش ووضع استراتيجية تسهم فى تغطية احتياجات السوق، وتوطين الصناعات وتقليل فاتورة الاستيراد.
كما يجب تحديد التوجه الاقتصادى للدولة بشكل دقيق، وإطلاق استراتيجية اقتصادية واضحة للنهوض بالقطاعات الواعدة، وإطلاق مشروع وطنى للحفاظ على الهوية المصرية.
وعلينا أن نواصل الإصلاحات الهيكلية ووضعها فى جدول الأولويات، فى إطار توفير بيئة جاذبة للاستثمار، مثل مراجعة قانون ضمان حقوق الملكية الفكرية بما يتوافق مع القوانين والمعايير العالمية، وتهيئة قواعد البيانات وربطها بجميع الجهات لتحقيق التكامل المعلوماتى، والسماح بإنشاء مكاتب اعتماد خاصة، وتشكيل لجنة دائمة لتطوير وتبسيط إجراءات الاستثمار الداخلى من أجل ضمان استدامة أعمال التطوير والتحسين لجميع الخدمات المقدمة بمراكز خدمات المستثمرين، وكذلك البدء بالإجراءات الخاصة بتأسيس الشركات مع التحول الإلكترونى التدريجى لجميع الإجراءات، حتى يتسنى إتمام جميع الخطوات فى منصة إلكترونية واحدة.
■ يؤثر الوضع الاقتصادى فى تحديد أولويات العمل السياسى والاجتماعى.. فما رؤيتكم لاستكمال برنامج الإصلاح فى هذا الملف؟
- كما قلت، أثرت الأزمات العالمية مثل جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية على اقتصادنا الوطنى، وبدأنا نشعر بذلك من خلال ارتفاع الأسعار، وللأسف فإن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يعنى أن الاقتصاد العالمى لن يتعافى إلا بعد فترة طويلة، وكل ذلك يتطلب تقوية الجبهة الداخلية وإحياء الشراكة التى أسسناها فى ٣٠ يونيو بين جميع مؤسسات المجتمع؛ لمواجهة أى مخاطر قد تواجه الوطن.
ولفهم الأمر يجب الإشارة إلى أننا حاليًا فى المرحلة الثانية من بناء الجمهورية الجديدة، والمرحلة الأولى انتهت باستكمال البناء المؤسسى للدولة، وعبور البلاد مرحلة الخطر.
كما أن المرحلة الثانية تعنى التشاركية بين أطياف المجتمع ومؤسساته فى وضع العقد الاجتماعى الجديد والحوار حول الدراسات المتعلقة بالإصلاحات الهيكلية وتبنى أهداف استراتيجية مثل توليد فرص عمل جديدة، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والاندماج فى مراحل أعلى فى سلاسل القيمة العالمية والإقليمية، ورفع معدلات الاستثمار فى قطاع الصناعات التحويلية بشكل مستدام، وهى أمور بدأنا بها وظهرت فى تحسن ترتيب مصر فى العديد من المؤشرات، ومنها مؤشر الأمن الغذائى من المرتبة ٦٠ إلى ٥٠.
كما جرى رفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى، مثل إنشاء ٦ جامعات تكنولوجيا جديدة تركز على تطوير المهارات التى تلبى احتياجات سوق العمل.
وجرى إنشاء منظومة قومية لمعلومات سوق العمل، لمعالجة مشكلات البطالة والفقر، كما أن أساس الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه مصر هو تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص، ودعم التحول للاقتصاد الأخضر والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
ونتج عن جهود مصر تحسن مركزها من الـ٥٠ إلى ٤٨ بمؤشر الشمول الرقمى، وتقدمها ٢٠ مركزًا بمؤشر جاهزية الشبكات، وكل ذلك يدعم ما نتحدث عنه وهو تأثير وفعالية الحوار الوطنى ليس فقط سياسيًا بل على جميع المستويات.
■ كيف ترى دور الأكاديمية الوطنية للتدريب فى تنظيم الحوار؟
- إن اختيار الأكاديمية الوطنية للتدريب لتنظيم الحوار الوطنى، باعتبارها أكاديمية للتثقيف والتدريب، له مغزى ومؤشر على الاحتياج لضبط الجودة وتأهيل من يعملون.
ولأول مرة نشهد رعاية أكاديمية لحوار سياسى، والسبب وراء ذلك هو الثقة فى قدرة الأكاديمية على توسيع قاعدة المشاركة فى الحوار من خلال دعوة ممثلى جميع فئات المجتمع لضمان تمثيل الجميع فى الحوار، فى إطار تدشين مرحلة جديدة فى المسار السياسى للدولة نحو جمهورية جديدة تتسع للجميع.
ويتركز دور الأكاديمية فى التنسيق بين مختلف الفئات المشاركة فى الحوار، دون التدخل فى مضمون أو محتوى المناقشات، لإفساح المجال أمام حوار وطنى جاد وفعال وجامع لجميع القوى والفئات، يتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية.
كما أنها ستراعى التنوع فى اختيار أماكن عقد جلسات الحوار، لتشمل معظم مناطق الجمهورية، وستشكل لجنة مشتركة حيادية من خبراء مراكز الفكر والرأى، تكون مهمتها تجميع مخرجات الحوار الوطنى، فى وثيقة أولية واحدة، تتفق عليها جميع القوى والفئات المشاركة، لرفعها إلى رئيس الجمهورية.
ولا شك أن الحوار يؤسس لمرحلة جديدة فى المسار السياسى للدولة المصرية، ويؤكد أنها تجاوزت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التى كانت تضعها فى حالة استثنائية.
كما أنه سيكون شهادة ميلاد لحياة سياسية جديدة بمكونات قادرة على التفاعل والتشارك من أجل إعلاء مصلحة الوطن، فقد وضع الرئيس شعارًا للحوار الوطنى هو «الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية»، واستخدام كلمة الوطن هنا يعنى الكثير لكل ذى قلب سليم.
ما رأيك فى إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى؟
- توجيه الرئيس بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسى يأتى للتأكيد على أن الجميع سواء، والعمل على دمج المفرج عنهم فى أعمالهم أو دراستهم مرة أخرى، والمساهمة فى أنشطة الدولة للخروج بحوار مثمر، مما يساعد على إدماج هؤلاء فى بناء الوطن الذى يحتاج لكل الأفكار تحت مظلة الجمهورية الجديدة التى تتسع للجميع.