مصطفى كمال طلبة
معالجة التلوث.. التصدى لتغير المناخ.. والحفاظ على التنوع البيولوجى، كانت الأهداف الرئيسية لمؤتمر «ستوكهولم + خمسين»، الذى بدأ أمس الأول الخميس، احتفالًا بمرور نصف قرن على استضافة العاصمة السويدية «مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية»، وانتهى، أمس الجمعة، بالاتفاق على تنفيذ البعد البيئى لخطة التنمية المستدامة الأممية ٢٠٣٠، وبنود اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، و... و... وتشجيع اعتماد «خطط تعافٍ خضراء» من تداعيات وباء كورونا المستجد.
تحلّ هذه الأيام، أيضًا، الذكرى الثلاثون لـ«مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية»، الذى استضافته مدينة ريو دى جانيرو، من ٣ إلى ١٤ يونيو ١٩٩٢. وفى المؤتمرين، لعب الدكتور مصطفى كمال طلبة، رحمه الله، دورًا بارزًا، وبينهما نجح فى تحويل العمل البيئى من شعارات وأمنيات أطلقها المؤتمر الأول إلى معاهدات واتفاقيات دولية، كما جرى، خلال قيادته المؤتمر الثانى، التوقيع على الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، التى دخلت حيز التنفيذ، فى مارس ١٩٩٤، والتى كان هدفها، ولا يزال، هو تثبيت انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عند مستوى يحول دون إلحاق الضرر بالنظام المناخى.
الدورة الأولى لمؤتمر الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية الإطارية، استضافتها العاصمة الألمانية برلين، سنة ١٩٩٥، وفى نوفمبر المقبل، تستضيف مصر، دورتها السابعة والعشرين، بمدينة شرم الشيخ، وننتظر، أو نتوقع، أن يتم خلالها تكريم مؤسس «الدبلوماسية البيئية»، و«الأب الروحى» لـ«بروتوكول مونتريال»، الخاص بحماية طبقة الأوزون، والذى قام، أيضًا، سنة ١٩٨٩، بتأسيس اللجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ.
المولود فى ٨ ديسمبر ١٩٢٢ بمحافظة الغربية، تخرج فى كلية العلوم بجامعة القاهرة، سنة ١٩٤٣، وحصل على درجة الدكتوراه، سنة ١٩٤٩، فى علم أمراض النبات من «إمبريال كوليدج» بجامعة لندن، وفور عودته، عمل مدرسًا، ثم أستاذًا، فى كلية العلوم والمركز القومى للبحوث، ومستشارًا ثقافيًا لسفارتنا فى واشنطن وأمين عام مكتب اليونسكو فى مصر، و... و... واُختير وزيرًا للشباب فى حكومة الدكتور محمود فوزى الثالثة، التى تشكلت فى ١٤ مايو ١٩٧١، واستقالت فى ١٩ سبتمبر التالى، بالتزامن مع صدور القرار الجمهورى رقم ٢٤٠٥ لسنة ١٩٧١ بإنشاء أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، التى كان «طلبة» أول رئيس لها.
لم تكن لدينا وزارة للبيئة، فى ذلك الوقت، فتولى «طلبة»، بحكم منصبه، رئاسة الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر الأمم المتحدة الأول للبيئة البشرية. غير أن أمورًا عاجلة، كانت مطلوبة منه فى مجال البحث العلمى، تسببت فى تأجيل سفره إلى ستوكهولم. ولدى وصوله، بعد يومين من بدء المؤتمر، فوجئ بأن المجموعة العربية اختارته، فى غيابه، نائبًا لرئيس المؤتمر عن المجموعة العربية. وعن هذا الاختيار كتب: «لا أعرف السبب. هل لأنى كنت رئيسًا لأكبر مؤسسة علمية فى المنطقة العربية، أم لأنى مصرى؟ لا أعلم، ولم أسأل».
المهم، هو أن طلبة صار، سنة ١٩٧٣، نائب المدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، «يونيب»، UNEP، الذى عمل على تأسيسه مع الكندى موريس سترونج، أول مدير تنفيذى للبرنامج. ثم أصبح المدير التنفيذى، منذ سنة ١٩٧٥، ولأربع دورات متتالية، انتهت فى ١٩٩٢. وبعدها ترأس المركز الدولى للبيئة، والمنتدى العربى للبيئة والتنمية، وعمل أستاذًا متفرغًا بكلية العلوم جامعة القاهرة، ولم يتوقف نشاطه البيئى الدولى حتى وفاته فى ٢٨ مارس ٢٠١٦. ولمّا كان قد أوصى بأن يتم دفنه فى مصر، قامت أسرته، بمساعدة السفارة المصرية فى جنيف، بتنفيذ الوصية، وتلقت واجب العزاء، يوم ٤ أبريل التالى، فى جامع عمر مكرم.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مصطفى كمال طلبة حصل على «وسام العلوم والفنون» سنة ١٩٥٩ و«وسام الجمهورية» من الطبقة الأولى، سنة ١٩٨١، وعشرات الجوائز والأوسمة الدولية. كما أنشأت أكاديمية البحث العلمى، سنة ١٩٩٨، جائزة باسمه، قيمتها ١٥ ألف جنيه، هى ريع مبلغ تبرع به الفقيد، يحصل عليها أحسن بحث تطبيقى قابل للتنفيذ، أو تم تنفيذه لحماية البيئة. وعليه، ننتظر أو نتوقع، كما قلنا، أن يتم تكريمه بشرم الشيخ، خلال الدورة المقبلة لقمة التغير المناخى، فى حضور نجليه التوأم، كامل وإبراهيم.