الأيام الأخيرة فى حياة نجيب سرور: قرأ نعيه ونشرت مسرحيته بعد وفاته
بعد وفاته بأسبوع وتحديداً فى 1 نوفمبر 1978 نشرت مجلة "آفاق عربية" خبراً بعنوان "طبع الأعمال الأدبية لنجيب سرور فى بغداد" جاء فيه: "قررت وزارة الثقافة والإعلام طبع الأعمال الأدبية للشاعر والكاتب والفنان المصري الراحل نجيب سرور على نفقتها.
يأتى قرار الوزارة عشية الذكرى الأولى لوفاة سرور، وقد استضافت بهذه المناسبة فى الشهر الماضى أرملته الروسية السيدة الكسندرا وولده فريد، وأن الوزارة شكلت لجنة للإشراف على طبع أعمال نجيب سرور ترأسها موفق خضر، وتكتب الناقدة المصرية صافي ناز كاظم المقدمة لها.
محمد نجيب محمد هجرس (1 يونيو 1932 - 24 أكتوبر 1978) شاعر مصري، لُقِّب بشاعر العقل وتزوج من الفنانة المصرية سميرة محسن.
ولد بقرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية، شهدت حياته الحافلة بالمحطات الإنسانية والمهنية فى الشعر والمسرح الكثير من التحولات منها ما انعكس على أعماله مثل "قصيدة الحذاء" التي كتبها عام 1956 في قصة تعرض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية الذي سماه نجيب "الرب"، وكان جشعًا جلفـًا ظالما قاسي القلب يتحكم في أرزاق الفلاحين وفي حياتهم.
إدراك نجيب أهمية عالم المسرح بالنسبة لقضيته الأولى، النضال من أجل كشف الحقيقة سعيًا للحرية والعدالة، جعلته يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي حصل منه على الدبلوم في 1956 وهو في الرابعة والعشرين من العمر.
حياة البؤس والحرمان واضطهاد بقايا الإقطاعية من مالكي الأراضي والمتنفذين للفلاحين البسطاء في الدقهلية، حيث نشأ نجيب سرور، تركت بذورًا ثورية في نفس الفتى الذي امتلأ قلبه حقداً على الإقطاعيين وسلوكهم غير الإنساني تجاه الفلاحين.
الأيام الأخيرة فى حياة نجيب سرور: قرأ نعيه بنفسه
زوجته السيدة الكسندرا قالت فى لقاء لمجلة "آفاق عربية"، إن نجيب سرور أنجز سلسلة من المقالات النقدية أنتهى من كتابة آخرها قبل ساعات من موته، وفيها يتجادل مع الشاعر أدونيس حول كتابه "الثابت والمتحول".
بعد وفاته بنحو عام نشرت مجلة "الأقلام" لقاءً صحفيًا مع نجيب سرور كان أجراه الكاتب الصحفى عصام الغازى قبل وفاته بأيام قليلة واللافت فى هذا اللقاء هو سؤال الغازي الذي استهل به حديثه مع نجيب سرور حيث سأله عن شعوره عندما قرأ نعيه بنفسه فى عدد من الصحف عندما كان نزيل بمصحة الأمراض العقلية؛ فما كان من نجيب إلا أن قال :" لقد حزنت وفرحت فى آن واحد.. حزنت لأن الموت فى حد ذاته ليس شيئاً مبهجاً، وطالما واجهت مشكلة الموت فى جميع أعمالي النثرية والشعرية، وكانت عقدة الموت تشكل لدى لغز أبى الهول الرهيب لأن حبى للحياة لا نظير له، ولأن تجربتى مع الموت طويلة ومهولة ومرة.. هذا من الناحية الفلسفية ومن الناحية الوجدانية على السواء، ولكني وبعد الأربعين بدأت أتحرر من سلطان تلك العقدة الصعبة. كيف.. ولماذا.. هذا ما سجلته أيضاً ويكاد يكون بالتفصيل فى جميع أعمالى مما أترك أمره للنقاد فى حياتى أو بعد مماتى.. أما بهجتى لنشر نعيي وأنا حي أعيش فى مستشفى المجانين فقد ودعنى الرفاق بمقالات ومرثيات لم أكن لأحلم بأن أراها ميتاً".
الحكم قبل المداولة: المأساة الساخرة
بعد رحيل نجيب سرور بسبع سنوات نشرت مجلة إبداع تقريراً عن مسرحية "الحكم قبل المداولة" التى نشرت فى هذا العام بعد رحيله، وهو نص مسرحي قالت عنه المجلة "أنه يمثل اتجاها جديداً تمام فى مسرح نجيب سرورن اتجاهاً ينزع إلى التجريب، ويقترب كثيراً من العبث، ويؤكد من جديد على نزعة "كفكاوية ربما كانت كامنة فى نجيب سرورنفسهن وإحساسه الزائد بقتامة الواقع وسوداويته، ورفضه للفوضى التى تمد جناحها على ذلك الواقعن لتنتزع من أفراده استقرارهم بعبثها اللا مجدى".