السلاح يتفوق على الغذاء!
قبل أكثر من نصف قرن، قرأت مسرحية «الطعام لكل فم»، للكاتب المدهش توفيق الحكيم، ومما أذكر أنها صدرت عام 1963، أى عندما كنت فى عامى الأول.
«الطعام لكل فم»، مسرحية فى داخل مسرحية، نكتشف بيروقراطية الموظف المصرى حمدى عبدالبارى والذى يعمل فى إحدى الدوائر الحكومية، لوضع خطط لحل مشكلة الجوع ونقص الغذاء.
تذكرت توفيق الحكيم، عندما وصلنى خطط البنك الدولي، فى معالجة أزمة الغذاء العالمية، قبل أو بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، التى دخلت اليوم الثانى بعد المائة من أعمال الحرب والتدمير والتلويح بتجويع العالم، نتيجة نقص الوارد من أوكرانيا، بالذات الحبوب والزيوت، والنفط والغاز.
*44 سلاحًا..30 غذاء
ما قد يصل إلى أوكرانيا من دعم أساسى من الولايات المتحدة الأمريكية للجيش، دعمًا لمساندة المقاومة الأوكرانية فى تصديها للحرب الروسية الشرسة، مبلغ وافق على حيثياته الكونجرس الأمريكي، قد يزيد عن 44 مليار دولار.
فى واقع الخطط، البنك الدولى يعلن عن الإجراءات التى تصل للاستجابة لأزمة الغذاء العالمية، ويضع مؤشرات على صرف مبلغ 30 مليار دولار متاحة للتنفيذ للتصدى لانعدام الأمن الغذائى خلال الـ 15 شهرًا.
عمم البنك الدولي، من إجراءات يخطط لاتخاذها كجزء من استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائى المستمرة، بما يصل إلى 30 مليار دولار فى المشاريع القائمة والجديدة فى مجالات مثل الزراعة والتغذية، الحماية الاجتماعية والمياه والري. سيشمل هذا التمويل جهودًا لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز النظم الغذائية، وتسهيل زيادة التجارة ودعم الأسر والمنتجين الضعفاء.
* رئيس مجموعة البنك الدولى ديفيد مالباس
البيان موقع، بمسئولية مباشرة من رئيس مجموعة البنك الدولى ديفيد مالباس، الذى يرى: «تؤدى الزيادات فى أسعار الغذاء إلى آثار مدمرة على الفئات الأشد فقرًا وضعفًا»، «لإعلام الأسواق وتحقيق الاستقرار فيها، من الأهمية بمكان أن تدلى الدول ببيانات واضحة الآن عن زيادة الإنتاج فى المستقبل ردًا على الغزو الروسى لأوكرانيا. يجب أن تبذل البلدان جهودًا متضافرة لزيادة إمدادات الطاقة والأسمدة، ومساعدة المزارعين على زيادة المحاصيل المزروعة وغلال المحاصيل، وإزالة السياسات التى تمنع الصادرات والواردات وتحول الغذاء إلى الوقود الحيوى، أو تشجع التخزين غير الضرورى».
* الاستجابة لأزمة الأمن الغذائي
يفصح البنك الدولي، عن أنه يعمل مع البلدان على إعداد 12 مليار دولار من المشاريع الجديدة للأشهر الخمسة عشر المقبلة للاستجابة لأزمة الأمن الغذائي. من المتوقع أن تدعم هذه المشاريع الزراعة والحماية الاجتماعية للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومشاريع المياه والرى، مع توجيه غالبية الموارد إلى إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وجنوب آسيا. بالإضافة إلى ذلك، تشتمل الحافظة الحالية للبنك الدولى على أرصدة غير مدفوعة بقيمة 18.7 مليار دولار فى مشروعات لها صلات مباشرة بقضايا الأمن الغذائى، والتى تغطى الزراعة والموارد الطبيعية والتغذية والحماية الاجتماعية وقطاعات أخرى. وإجمالًا، سيصل هذا المبلغ إلى أكثر من 30 مليار دولار متاحة للتنفيذ لمعالجة انعدام الأمن الغذائى على مدى الأشهر الخمسة عشر المقبلة.
* أربع أولويات.. إذا ما تأزمت الأحوال:
* الأولوية الأولى:
دعم الإنتاج والمنتجين
اتخاذ إجراءات لتعزيز إنتاج الموسم المقبل من خلال إزالة حواجز تجارة المدخلات والتركيز على الاستخدام الأكثر كفاءة للأسمدة وإعادة توجيه السياسات العامة والنفقات لدعم المزارعين والمخرجات بشكل أفضل.
* الأولوية الثانية:
تسهيل زيادة التجارة
بناء إجماع دولى (مجموعة السبع ومجموعة العشرين وغيرهما) والالتزام بتجنب قيود التصدير التى تزيد من أسعار الغذاء العالمية وقيود الاستيراد التى تثبط الإنتاج فى البلدان النامية.
* الأولوية الثالثة:
دعم الأسر الضعيفة
توسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية المستهدفة والحساسة للتغذية وتجديد آليات تمويل الاستجابة المبكرة.
* الأولوية الرابعة:
الاستثمار فى الأمن الغذائى والتغذوى المستدام
تعزيز النظم الغذائية لجعلها أكثر مرونة فى مواجهة المخاطر المتزايدة (النزاعات، والمناخ والآفات والأمراض) واضطرابات التجارة والصدمات الاقتصادية - وازن بين الاحتياجات الفورية، قصيرة الأجل والاستثمارات طويلة الأجل.
اكتسب البنك الدولى خبرة واسعة فى الاستجابة لأزمة أسعار الغذاء العالمية 2007-2008 من خلال البرنامج المؤقت للاستجابة لأزمة الغذاء العالمية (GFRP) الذى تلقى مساهمات من المانحين ووجه الأموال إلى 49 دولة متأثرة من خلال 100 مشروع. ومنذ ذلك الحين، أنشأ البنك أدوات جديدة مخصصة للاستجابة لأزمات الأمن الغذائى، بما فى ذلك نافذة الاستجابة للأزمات التى تقدمها المؤسسة الدولية للتنمية. يستضيف البنك الدولى أيضًا البرنامج العالمى للزراعة والأمن الغذائى (GAFSP) ، وهو صندوق وسيط مالى قائم مخصص لتحسين الأمن الغذائى فى البلدان منخفضة الدخل، ويمكن تجديده للمساعدة فى تمويل الاستجابة لأزمة الغذاء العالمية الحالية.
البيان، أو ما اصطلح على تسميته إعلامنا أمميًا دوليًا، أعد، وفق خطط البنك الدولى للإنشاء والتعمير IDA مؤسسة التمويل الدولية، الوكالة الدولية لضمان الاستثمارICSID©️ 2022، مجموعة البنك الدولي.
.كل هذا، يعيدني إلى توفيق الحكيم، الذى فهم مسارات العالم، ووضع مسرحية، يدل عنوانها، على رغبة فى جعل الغذاء والطعام فى متناول كافة بنى البشر، وهى رغبة تبدو أقرب إلى الحلم (واقعية سحرية وفانتازيا ممكنة)، فالإنسان طالما حلم بالغذاء عبر التاريخ، إلا أن الأحداث والمصائر قلصت هذا الطموح.